الثلاثاء، 20 يناير 2015

مسائل المقدرات الفقهية في صوم التطوع

ما يلي جزء من أطروحة الماجستير أنشره تيسيرا للباحثين
لقراءة الرسالة كاملة من هنا
صوم التطوع

المطلب الأول : زمن النية في صوم التطوع :

بعد أن اتفق الفقهاء على أن أول وقت لنية الصيام يبدأ بغروب الشمس ودخول الليلة التي يراد صوم يومها كما تقدم ، اختلفوا في آخر مدة لزمن نية الصيام في صوم التطوع على ثلاثة أقوال :

القول الأول : أنه ممتد إلى طلوع الفجر الثاني فقط ، أي كقول الجمهور في زمن نية الصوم الواجب ، وهو قول المالكية[1].

القول الثاني : أنه ممتد إلى زوال الشمس ، وهو قول الحنفية والأصح عند الشافعية[2]، وعند الحنفية قول آخر مقارب وهو أن محل النية ممتد إلى الضحوة الكبرى أي قبل الزوال بوقت قريب[3].

القول الثالث : أنه ممتد إلى ما قبل غروب الشمس ، وهو قول الحنابلة والقول الآخر عند الشافعية[4].

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة من السنة النبوية ومن القياس :
فمن السنة :
1 - قوله صلى الله عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات "[5].
وجه الاستدلال :
أن النية شرط في العبادات لنص الحديث والشرط متقدم على المشروط ، لذا فإن تقدم بعض المشروط على الشرط محال ، وعلى هذا لا يصح الإمساك بعد طلوع الفجر من غير نية[6].
اعترض عليه :
أن كون مجرد الإمساك بلا نية فهذا لا يعد صوما لنص الحديث على ذلك ، ومثل هذا يقال في صوم التطوع ، فأي إمساك قبل النية غير معتد به كصوم وأي إمساك بعد النية يعد صوما لوجود النية فيه ، وهذا متصور لأن الصوم يجوز أن يتبعض بدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم حين بعث رجلا يبلغ الناس بصوم عاشوراء : " أن أذن في الناس أن من كان أكل فليصم بقية يومه ، ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء "[7]، وهذا صريح في أن صوم النافلة قابل للتبعض[8].

2- قوله صلى الله عليه وسلم : " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له "[9].
وجه الاستدلال :
أن الحديث صريح في اشتراط تبييت النية في الصوم مطلقا ، لأن قوله صلى الله عليه وسلم " لا صيام " نكرة في سياق النفي فيعم كل صيام[10].
اعترض عليه :
أن النص عام وقد خص منه صوم النفل بأنه لا يشترط أن يكون من الليل كما سيأتي في أدلة الأقوال الأخرى[11].

ومن القياس :
- كما أن صوم الفرض محل نيته الليل فقط فكذلك صوم النفل فالإمساك ركن فيهما[12].
يعترض عليه :
بعدم التسليم بصحة القياس لأن من شروطه المتفق والمجمع عليها ألا يصادم نصا ، فهو معارض بالنصوص الواردة في صيام النافلة والمبينة لجواز تأخرها عن الليل وستأتي ضمن أدلة الأقوال الأخرى[13].

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من السنة والمعقول :

فمن السنة :
- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يأتينا فيقول : هل عندكم من غداء ، فإن قلنا : نعم ، تغدى ، وإن قلنا : لا ، قال : إني صائم "[14].
وجه الاستدلال :
أن الأصل في نية الصيام أن محلها الليل للخبر الوارد في ذلك ، وفي هذا الحديث قام الدليل على جوازها قبل الزوال لأنه صلى الله عليه وسلم سأل عن الغداء وهو الذي يمسك عنه في الصيام وهو لا يكون إلا قبل الزوال وقد تقدم ذكر ذلك ، فبقى ما بعد الزوال على حكم الأصل وهو عدم جواز النية فيه[15].
يعترض عليه :
لما كان الأصل في نية الصيام أن محلها الليل ، ثم جاء النص مبينا جوازها في النهار كان ذلك دليلا على جوازها في كل أجزاء النهار دون تفرقة ، و النص لم يفرق بين أجزاء النهار ولم يأت بتقدير أو حد معين لنهاية وقت النية فكان ذلك على إطلاقه[16].

ومن المعقول :
- أنه يوم صوم فالإمساك في أول النهار يتوقف على أن يصير صوما بالنية قبل الزوال ، وهذا لأن الصوم ركن واحد وهو الإمساك من أول النهار إلى آخره فإذا اقترنت النية بأكثره ترجح جانب الوجود على جانب العدم ، ولهذا حدد الأكثر بما قبل الزوال لأن الزوال هو نصف النهار فبنيته قبل الزوال يكون مدركا لأكثر العبادة[17].
يعترض عليه من وجهين :
الأول : أنه نوى في جزء من النهار صوم النفل فأشبه ما لو نوى ذلك في أوله ، ولأن جميع الليل وقت لنية الفرض فكذا جميع النهار وقت لنية النفل[18].
الثاني : أن العبرة بالوجود فقط دون النظر إلى ترجحه على جانب العدم ، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم : " من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة "[19]، فاعتبر بمجرد الوجود دون النظر إلى جانب الترجح[20].

أدلة القول الثالث :
استدل أصحاب القول الثالث بأدلة من السنة و آثار الصحابة والقياس والمعقول :

فمن السنة النبوية :
1- عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : " دخل علي النبي صلى الله عليه و سلم ذات يوم ، فقال : هل عندكم شيء ؟ فقلنا : لا ، قال : فإني إذن صائم "[21].
وجه الاستدلال : يستدل بالأثر السابق من وجهين :
الأول : أنه لما أخبر صلى الله عليه وسلم بصيامه عند فقد الطعام دل على حدوث نيته بعد ذلك ، وأن صومه إنما كان لفقد الطعام ليكون الحكم محمولا على سنته[22].
الثاني : قوله صلى الله عليه وسلم " إني إذا صائم " صريح في كونه صلى الله عليه و سلم عقد النية متأخرة وأنه لم ينو الصيام قبل ذلك ، فمعلوم أن " إذا " تستخدم للابتداء والاستثناء لا لما مضى[23].
2- عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : " أمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من أسلم : أن أذن في الناس : أن من كان أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء "[24].
وجه الاستدلال :
الحديث صريح في جواز تأخر النية في صوم النفل لأنه صلى الله عليه وسلم بعث مناديه في أثناء يوم عاشوراء ليخبر الناس بصيامه وهذا متأخر عن طلوع الفجر ، كما أنه صريح في أن الصوم يتجزأ إذ لو لم يكن متجزئا لما صح أمر النبي صلى الله عليه وسلم للناس بالصوم وخاصة أنه قد مضى جزء من اليوم من غير نية للصيام[25]، وقد تقدم ذكر الإجماع على استحباب صوم يوم عاشوراء وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله تعالى .

ومن آثار الصحابة :
1- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " إذا أصبحت وأنت تنوي الصيام فأنت بأحد النظرين إن شئت صمت ، وإن شئت أفطرت "[26].
وجه الاستدلال :
أن أثر ابن مسعود رضي الله عنه صريح في جواز تأخير النية ، كما أنه مطلق فيشمل أي وقت من النهار سواء في ذلك ما قبل الزوال و ما بعده[27].

2- عن أم الدرداء رضي الله عنها قالت : " كان أبو الدرداء يغدو أحيانا فيجيء فيسأل الغداء فربما لم يوافقه عندنا ، فيقول : إني إذا صائم "[28].
وجه الاستدلال :
قول أبي الدرداء رضي الله عنه " إني إذا صائم " قد تقدم ذكر صراحة هذه الجملة بأنه عقد النية متأخرة وأنه لم ينو الصيام قبل ذلك ، وقد علم أن " إذا " تستخدم للابتداء والاستثناء لا لما مضى ، كما سبق ذكر ذلك[29].
ومن القياس و المعقول :
1- أن الصلاة يخفف نفلها عن فرضها بدليل أنه لا يشترط القيام لنفلها ويجوز في السفر على الراحلة إلى غير القبلة فكذا الصيام ، فالنفل مبني على التخفيف ، كما أنه سومح في نيته من الليل تكثيرا له ، فإنه قد يبدو للمرء الصوم في النهار لكن اشتراط النية في الليل يمنع من ذلك ، فتسامح الشرع فيه تكثيرا له[30].
2- أنه لما كان الليل محلا للنية في صوم الفريضة واستوى حكم جميعه ، ثم كان النهار محلا للنية في صوم التطوع ، وجب أن يستوي حكم جميعه أيضا[31].

الترجيح :
يظهر بعد النظر في المسألة والتأمل في أدلتها رجحان القول الثالث القائل بجواز تأخر النية في صوم النفل إلى ما قبل الغروب وذلك لقوة أدلتهم وسلامتها من المعارضة وصراحتها في محل النزاع ، وخاصة الأثر المروي عن حذيفة .
أما أصحاب القول الأول القائل بأن محل النية في صوم النفل هو الليل فقط ، فظاهر تمسكهم بعموم حديث تبييت النية وعدم أخذهم بما خصته الأدلة من ذلك العموم كما تقدم في أدلة الجمهور .
وأما أصحاب القول الثاني فهم قد وافقوا القول بجواز تأخر النية عن الفجر إلا أنهم حددوا ذلك إلى ما قبل زوال الشمس ، ولكن عند تأمل أدلتهم فإنه لا يظهر فيها صحة التقدير الذي ذهبوا إليه بشكل صريح ، حتى يسلم لهم باعتبار أن ما قبل الزوال هو محل للنية ولا تصح بعده ، وإنما ذهبوا إلى ذلك التقدير بناء على الاجتهاد ، ومما يؤكد ذلك هو ذهاب بعضهم إلى أن محل النية ممتد إلى الضحوة الكبرى لا إلى وقت الزوال وكل ذلك مبني على النظر والاجتهاد ، وقد سبقت القاعدة أنه إذا لم يقم الدليل على مقدار لم يثبت المقدار ، وعلى هذا فإن مصدر تقدير النهار كمحل لنية صوم النفل هو السنة النبوية وقول الصحابة ، والله تعالى أعلم .

المطلب الثاني : صوم يوم وإفطار يوم :

اتفق الفقهاء على استحباب صوم يوم وإفطار يوم بالاستمرار ، ويعرف هذا النوع من الصيام أيضا بصيام داود عليه الصلاة والسلام وبصيام شطر الدهر[32] كما قد نقل الإجماع على استحباب هذا النوع من الصيام[33]، وقد دلت السنة النبوية على مشروعيته واستحبابه ، فمن ضمن الأدلة الواردة بهذا الشأن :

- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :     " أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام ، وأحب الصيام إلى الله صيام داود ، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه ، ويصوم يوما ويفطر يوما "[34].
وجه الاستدلال :
نص الحديث صراحة على أن أحب الصيام إلى الله هو صيام داود عليه الصلاة والسلام وأنه كان يصوم يوما ويفطر يوما ، مما يدل على شدة استحبابه .

المطلب الثالث : صوم يوم السبت :

في حكم صيام يوم السبت وقع خلاف بين الفقهاء وبيانه بعد تحرير النزاع :

- اتفق الفقهاء على عدم كراهة صوم يوم السبت إن اقترن بغيره أو وافق صيامه عادة لصاحبه ، وتنازعوا في حكم إفراده بالصوم تطوعا على قولين :

القول الأول : أنه مكروه ، وهو قول الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة وأحد القولين عند المالكية [35].

القول الثاني : أنه جائز كغيره من الأيام ، وهو القول الآخر عند المالكية وقول عند الحنابلة [36].

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة من السنة ومن المعقول والقياس :

فمن السنة :
- ما روي عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم "[37].
- وجه الاستدلال :
أن معنى النهي في الحديث هو أن يختصه الرجل بالصيام وذلك لأن اليهود يعظمونه[38].
- اعترض عليه من وجهين :
الأول : أن الحديث مضطرب شاذ ، فلا يسلم الاستدلال به[39].
الثاني : على فرض صحته فإنه يحمل على كونه منسوخا وذلك لمعارضته الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على جواز صوم يوم السبت في غير الفريضة[40].
ومن المعقول والقياس :
- أن في إفراد يوم السبت بالصيام تشبها باليهود[41].
يعترض عليه :
ليس في إفراد يوم السبت أي تشبه باليهود أبدا ، بل هو عين المخالفة لهم ، واليهود لا يصومون يوم السبت ولا يخصونه بصيام لذاته بل هو يوم يزعمون أنهم أمروا بالأكل والراحة فيه[42].
وقد دلت السنة النبوية على هذا المعنى كما سيأتي .

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من السنة النبوية ، منها :

1- عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال : " أصمت أمس ؟ ، قالت : لا ، قال : تريدين أن تصومي غدا ؟ ، قالت : لا ، قال : فأفطري"[43]، وقد ورد بمثل معناه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا كما تقدم[44].
وجه الاستدلال  :
الحديث صريح في جواز صيام يوم السبت ، وهو معارض لحديث النهي عن التطوع فيه مطلقا أيضا .
2- عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام ويقول إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم "[45].
وجه الاستدلال :
أن الحديث يدل على استحباب صوم يومي السبت والأحد مخالفة لأهل الكتاب ، وظاهره جواز صوم كل منهما سواء على الانفراد أو الاجتماع[46].

الترجيح :
يظهر بعد النظر في المسألة وأدلتها رجحان القول الثاني القائل بمشروعية صوم يوم السبت منفردا كغيره من الأيام وذلك لقوة أدلته وسلامتها من المناقشة .
أما أدلة القول الأول فلم تثبت نصا صريحا فيما ذهبت إليه ، ولم تسلم أدلتها من المناقشة .
ويظهر أيضا ضعف القول المعاصر بحرمة صوم يوم السبت تطوعا مطلقا ، لما مر من الاعتراضات على حديث النهي عن صوم يوم السبت إذ هو معتمده في تحريم التطوع مطلقا ، والله أعلى وأعلم .

المطلب الرابع : صوم يوم الأحد :

ذهب بعض  الشافعية والحنفية إلى كراهية إفراد يوم الأحد بالصوم إلا إن وافق صوما معتادا  ، ومعتمدهم في الكراهة أن في ذلك تشبها بالنصارى لتعظيمهم يوم الأحد[47].

وفي تتبع واقع الصوم في الديانة النصرانية فإنهم حتى أثناء صومهم الذي يعرف بالصوم الكبير أو الصوم الأربعيني المقدس يلزمون أنفسهم بالفطر بصفة خاصة يومي السبت والأحد تحديدا ، فلا وجه للمشابهة أصلا فبالتالي تنتفي علة الكراهة والمشابهة ، والله تعالى أعلم .


المطلب الخامس : صوم الإثنين والخميس  :

اتفق الفقهاء على استحباب صوم يومي الإثنين والخميس[48]، فقد دلت السنة النبوية على مشروعية صوم هذين اليومين واستحبابه ، فمما ورد في هذا الشأن :

- عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " يا رسول الله إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما ، قال : أي يومين ؟ قلت : يوم الإثنين ويوم الخميس ، قال : ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم"[49].
وجه الاستدلال :
أن الحديث يبين فضل يومي الاثنين والخميس ، ويبين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصد تخصيصهما بالصوم لما فيهما من عرض الأعمال على الله عز وجل ، فصومهما هو اتباع لهديه واقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم .

المطلب السادس : صوم ثلاثة أيام من كل شهر والأيام البيض :

من ألوان الصيام التي حث عليها الشارع صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وهذا دون اشتراط لكونها متتابعة أو متفرقة ، ويمكن للمرء أن يتخير وقتها من أيام الشهر كما يشاء بشرط مراعاة اجتناب الأيام المنهي عن صومها .
أما الأيام البيض فيقصد بها أنها أيام الليالي البيض وذلك لأنها تبيض بطلوع القمر مكتملا من أولها إلى آخرها ، وهي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري هجري ، وتسميتها بالأيام البيض هو من باب التجاوز[50].

بالنسبة لصيام ثلاثة أيام من كل شهر فقد اتفق الفقهاء على استحباب هذا النوع من الصيام ومشروعيته دون خلاف بينهم في ذلك[51]، فقد دلت السنة النبوية على استحباب ذلك ومشروعيته ، ومما ورد في هذا الشأن :

 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " صم من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صوم الدهر أو كصوم الدهر "[52].
وجه الاستدلال :
أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن صوم ثلاثة أيام من كل شهر يعدل صيام الدهر وهذا يدل على مشروعيته واستحبابه .

أما بالنسبة لمشروعية صوم الأيام البيض فقد اختلف الفقهاء في مشروعيتها واستحباب تخصيصها بالصوم على قولين من حيث الإجمال :

القول الأول : وهو استحباب صوم الأيام البيض ومشروعية تخصيصها بالصوم ، وإلى هذا ذهب الجمهور[53].

القول الثاني : وهو عدم استحباب تخصيص الأيام البيض بالصيام ، وإلى هذا ذهب مالك ومن وافقه[54].

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول بأدلة من السنة وآثار الصحابة والإجماع :

فمن السنة النبوية :
- عن أبي ذر رضي الله عنه قال : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض : ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة "[55].
وجه الاستدلال :
أن في الحديث حثا وإرشادا من النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته رضوان الله عليهم أن يصوموا الأيام البيض ، وهذا يدل على الاستحباب[56].
اعترض عليه :
- أن الحديث معلول ، فلا يسلم بصحة الاحتجاج به مرفوعا وكذا بقية الآثار المرفوعة في المسألة[57].
ومن آثار الصحابة :
- سئل ابن عباس - رضي الله عنه وعن أبيه - عن صوم الأيام البيض فقال : " كان عمر يصومهن "[58].
- قال أبو ذر رضي الله عنه : " من كان صائما من الشهر ثلاثة فليصم الثلاثة البيض "[59].

وجه الاستدلال مما سبق :
أنه قد ثبت بالنقل عن بعض الصحابة تخصيص صوم الثلاثة أيام بالأيام البيض .

ومن الإجماع :
- قد نقل اتفاق العلماء على استحباب صيام الأيام البيض[60].
اعترض عليه :
بعدم تسليم انعقاد الاتفاق لوجود المخالف له المعتد بخلافه[61].

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من السنة :

1- سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : " أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قالت : نعم ، فقلت لها : من أي أيام الشهر كان يصوم ؟ ، قالت : لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم "[62].
2- عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال : " أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له صومي ، فدخل علي فألقيت له وسادة من أدم حشوها ليف فجلس على الأرض وصارت الوسادة بيني وبينه ، فقال لي : أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قلت : يا رسول الله ! قال : خمسا ؟ قلت : يا رسول الله ! قال : سبعا ؟ قلت : يا رسول الله ! قال : تسعا ؟ قلت : يا رسول الله ! قال : إحدى عشرة ؟ قلت : يا رسول الله ! قال : لا صوم فوق صوم داود شطر الدهر صيام يوم وإفطار يوم "[63].

وجه الاستدلال من الحديثين :
أن الحديثين يدلان على استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر دون ذكر تحديد لها بالأيام البيض ، بل هي متاحة في سائر أيام الشهر ، ولو كانت مشروعة بالتخصيص لحددها النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو ، كما أن عائشة رضي الله عنها ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يبالي بتخصيص معين وأنه كان يصوم من أي أيام الشهر[64].

الترجيح :
يظهر بعد النظر في المسألة وأدلتها رجحان القول بمشروعية صيام الأيام البيض كغيرها من الأيام ولكن دون اعتبارها صوما مغايرا لصيام ثلاثة أيام من كل شهر بل هي من صوره ، حيث أن مما يقوي المشروعية هو بعض آثار للصحابة رضوان الله عليهم من الذين يتحقق فيهم تعريف الصحابي عند الأصوليين وأنها أيضا في أمور المقدرات وقد مر بيان دلالة ذلك ، إلا أنه لا يمكن التسليم مطلقا باعتبار صوم الأيام البيض مغايرا لصوم ثلاثة أيام من كل شهر وذلك لعدم سلامة الأحاديث المرفوعة في المسألة من علة أو ضعف ، وبهذا يمكن الجمع بين القولين ، لكن لا يسلم مثلا استحباب إفراد يوم جمعة بالصوم وافق الأيام البيض بل يرجع إلى أصل حكمه ، وعلى هذا فإن مصدر ثبوت صوم ثلاثة أيام شهريا هو السنة بينما مصدر تخصيص الأيام البيض من كل شهر هو قول للصحابة ، والله أعلى وأعلم .

تتمة :
عند النظر في أحاديث صيام الاثنين والخميس وصيام الأيام البيض فإنه لا يبعد أن تكون الأنواع السابقة من صوم التطوع ما هي إلا من صور صيام الثلاثة أيام من كل شهر ، فيكون صوم الثلاثة أيام من كل شهر هو الأصل في استحبابها وتكون هي كصور وحالات له[65].

المطلب السابع : صوم يومي عاشوراء وتاسوعاء :

يقصد بيوم عاشوراء أنه اليوم العاشر من شهر محرم الذي هو أول الشهور العربية القمرية ، ويوم تاسوعاء هو اليوم التاسع منه[66].
اتفق الفقهاء على استحباب صوم هذين اليومين[67] كما قد نقل الإجماع على سنية صوم يوم عاشوراء[68]، فقد دلت السنة النبوية على ذلك ، ومن ضمن الأدلة المفيدة لاستحباب صوم كل من اليومين :

1- عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال : " يكفر السنة الماضية "[69].
وجه الاستدلال :
أن الحديث صريح في فضل صوم يوم عاشوراء .

2- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : " حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى ، فقال  رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع ، قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم "[70].
وجه الاستدلال :
أن في الحديث استحباب صوم اليوم التاسع أيضا مع يوم عاشوراء لتحصل بذلك مخالفة أهل الكتاب ، وهذا الحديث يصرح بأن يوم عاشوراء الذي كان يصومه النبي صلى الله عليه وسلم هو اليوم العاشر[71].

وقد وقع بعض النزاع في تحديد يوم عاشوراء فذهب الجمهور إلى أنه هو اليوم العاشر كما سبق ويؤيد ذلك الحديث السابق الذي أفاد صراحة أن صومه صلى الله عليه وسلم لم يكن لليوم التاسع ، وذهب البعض إلى أنه هو اليوم التاسع لاختلاف بعض الآثار في التحديد ، إلا أنه في نهاية الأمر تبقى النتيجة واحدة ، فالفريقان متفقان على استحباب صوم كل من اليومين التاسع والعاشر وبه يحصل الخروج من الخلاف[72].

المطلب الثامن : صوم رجب :

ذهب الحنابلة إلى كراهية إفراد شهر رجب بالصوم مع زوال الكراهة بفطر يوم منه[73]، من أدلتهم :

- أن عمر بن الخطاب كان يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية[74].

اعترض على ما سبق :
بعدم تسليم بالكراهة إلا لمن يصومه معظما لأمر الجاهلية ، كما أن احتمالية التخصيص والاستحباب واردة ، فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : " قلت : يا رسول الله رأيتك تصوم في شعبان صوما لا تصوم في شيء من الشهور إلا في شهر رمضان ، قال : ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب وشهر رمضان ترفع فيه أعمال الناس ، فأحب أن لا يرفع لي عمل إلا وأنا صائم "[75].
ففيه إشعار بأن في رجب مشابهة برمضان وأن الناس يشتغلون فيه عن العبادة بما يشتغلون به في رمضان ويغفلون عن نظير ذلك في شعبان ولذلك كان يصومه[76].

المطلب التاسع : صوم أكثر شهر شعبان :

شهر شعبان هو الشهر الثامن من السنة القمرية[77].
وقد ذهب إلى استحباب صيام أكثره جمهور الفقهاء ومنهم من يرى أن الاستحباب مقيد بما قبل انتصاف الشهر[78] [79]، ومستند هذا الاستحباب هو ما دلت عليه نصوص السنة النبوية ، ومنها :

- عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : " كان يصوم حتى نقول قد صام ، ويفطر حتى نقول قد أفطر ، ولم أره صائما من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان ، كان يصوم شعبان كله ، كان يصوم شعبان إلا قليلا "[80].
وجه الاستدلال :
قول أم المؤمنين رضي الله عنها " كان يصوم شعبان كله كان يصومه الا قليلا " الجملة الثانية تفسير للجملة الأولى ، وبيان أن قولها " كله " أي : غالبه ، والنبي صلى الله عليه وسلم هو للمؤمنين أسوة[81].
المطلب العاشر : صوم ستة أيام من شوال :

شهر شوال هو الشهر العاشر من السنة الهجرية القمرية ، فهو الشهر الذي يلي شهر رمضان  وهو أول أشهر الحج[82].
وفي استحباب تخصيص شهر شوال بصيام ستة أيام بعد رمضان خلاف بين الفقهاء يأتي بيانه فيما يلي من حيث الإجمال بعد تحرير النزاع :

اتفق الفقهاء على استحباب صيام ستة أيام بعد شهر رمضان ، ولكنهم اختلفوا في وقت صيام هذه الأيام الستة ، هل تكون في شهر شوال فقط أم هي مستحبة في أي وقت دون تقييد بشهر شوال ؟ والخلاف في هذه المسألة حديثي في المقام الأول ، أما الفقهاء فقد اختلفوا فيها على قولين :

القول الأول : أنه يستحب تخصيص شهر شوال بصيام الأيام الستة بعد رمضان ، وهو قول الجمهور ، فهو قول الشافعية والحنابلة ، وأحد القولين عند الحنفية والمالكية[83].

القول الثاني : أنه يستحب صيام الأيام الستة بعد رمضان دون تقييد بزمن سواء بشهر شوال أو غيره ، وهو قول أبي حنيفة [84] وأبي يوسف ، ومالك ومن وافقهم[85]، وقد كرهوا تخصيصها بشوال من حيث الإجمال .

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول الاول بأدلة من السنة والمعقول :
فمن السنة :
- عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر "[86].
وجه الاستدلال :
أن الحديث صريح في تخصيص صيام الأيام الستة بشهر شوال ، وهذا الحديث هو العمدة في التخصيص بشوال[87].
اعترض عليه من وجهين :
الأول : أن الحديث لا يثبت مرفوعا ، بل هو موقوف على أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه[88].
فعلى هذا فإن الاستدلال بهذا الأثر إنما هو من قبيل الاستدلال بقول الصحابي ، وقد تقدم أن قول الصحابي لذاته إنما هو مظنة للحجة و ليس حجة ، وتقدم أن احتمالية التوقيف تكون قوية في أمور المقدرات ، إلا أن التقدير والتقييد بشهر شوال هنا معارض بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي فيه إطلاق صوم الأيام الستة وعدم تقييده له كما سيأتي ، فتكون هنا احتمالية أخرى وهي أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه إنما قال ذلك عن اجتهاد منه ، وقد تقدم الحديث عنه .
الثاني : على فرض صحة رفعه ، فإنه لا يقصد من الحديث تخصيص حكمها بشوال ، وإنما عين شهر شوال تخفيفا على المكلف لأنه اعتاد الصيام في رمضان فيسهل عليه الصوم في شهر شوال[89]، وعند القول بوقف الحديث فإنه يحتمل أن يكون اجتهاد أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - بذكر شوال صادرا لمثل المعنى السابق .
أجيب عن الوجه الثاني من الاعتراض :
أن ظاهر الحديث يفيد أن فضيلة صيام الأيام الستة لا تحصل إلا في شهر شوال[90].

ومن المعقول :
- أن جعل الصوم للأيام الستة في شهر شوال وتعجيلها بعد يوم عيد الفطر هو من باب المسارعة في الخيرات[91].
يعترض عليه :
أن هذا لا يلزم منه تخصيصها في شهر شوال دون غيره .

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من القرآن والسنة :

فمن القرآن الكريم :
- قوله تعالى : (ﮎ  ﮏ  ﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ)[92].
وجه الاستدلال :
أن تحديد الصيام بعد رمضان بستة أيام مستفاد من هذه الآية لذا كانت الأيام الستة تعدل شهرين إذ اليوم له أجر عشرة أيام ، فإن أضيفت إلى شهر رمضان كان ذلك تمام السنة ، والنبي صلى الله عليه وسلم أعلم ذلك من خلال معنى الآية السابقة –  وسيأتي الحديث – فإن كانت استفادة تحديد صوم الأيام الستة بعد رمضان من خلال ما سبق فهذا يفيد أنه يمكن تحقق ذلك في أي زمان بعد رمضان سواء في شوال أو في غيره[93].
و مما ورد في هذا المعنى أيضا في الصيام ويؤكده ، ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الحديث القدسي : " الصيام لي وأنا أجزي به والحسنة بعشر أمثالها "[94].
اعترض عليه :
أنه يحتمل أن صيام الستة أيام في شوال يختلف عن غيرها ولها مزية ، فهي تلحق رمضان في الفضل ، فيكون أجر صيامها مع شهر رمضان هو كصيام الدهر فرضا[95].
يجاب عنه :
أن مثل هذا التوجيه مما لا يثبت بالرأي ، فهو بحاجة إلى مستند نصي يقره ، فيبقى مبدأ أن الحسنة بعشر أمثالها وأن اليوم بعشرة أيام هو التوجيه الأنسب ، وهو الذي يفسر مسألة التقدير بستة أيام مطلقة دون تخصيصها بزمن .

ومن السنة النبوية :
- عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صيام رمضان بعشرة أشهر ، وصيام الستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة " ، يعني رمضان وستة أيام بعده[96].
وجه الاستدلال :
أن الحديث يفيد استحباب صيام ستة أيام بعد رمضان دون أن يذكر أي تقييد لها بشهر أو زمان معين ، فكانت مطلقة دون قيد ، ودل ذلك على حصول الثواب بمجرد صوم ستة أيام دون تحديد لوقتها[97].

الترجيح :
يظهر بعد النظر في المسألة والتتبع لأدلتها رجحان القول الثاني وهو استحباب صوم ستة أيام بعد رمضان دون تقييد لها بزمن معين .
وسبب الخلاف في هذه المسألة يدور حول مسألة رفع حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أو وقفه ، فلما كان وقفه هو الأظهر ضعفت دلالة الأثر على التقدير والتخصيص لصيام الست بشهر شوال ، لا سيما وأن الأثر الذي تظهر صحته مرفوعا ليس فيه أي تخصيص بزمن .
وللخلاف في هذه المسألة أكثر من ثمرة ، فالقول بأن صيام الست بعد رمضان مطلق فيه نفي للحرج لمن لا يقدر على تعجيلها في شهر شوال ويظل الاستحباب قائما في حقه ولو خرج شوال ، كما أن فيه توسعة لمن عليه قضاء من رمضان فيقضي ما عليه أولا ثم يصوم الأيام الستة متى ما تيسر له ذلك دون تقديم للنفل على الفرض بحجة ضيق وقت النفل .
ويبقى أن لأصحاب القول الأول القائلين باختصاص شهر شوال بصيام الأيام الستة أثرا لصحابي ، وأنه أيضا من باب المسارعة في الخيرات إلا أنه لا يحسن التضييق في مسألة التخصيص على المخالف فيها لما تقدم من الأدلة ، وإن اعتبر الخلاف متكافئا فإن الأخذ بالقول الأول يتعضد بأصل الخروج من الخلاف إن اقترن بعدم اعتقاد لخصوصية شهر شوال بصيام الست .
وإن قيل بعدم صحة أي حديث مرفوع يدل على استحباب صيام ستة أيام بعد رمضان سوى النصوص الدالة على أن الحسنة بعشرة أمثالها فإن هذا قد يجر إلى مسألة صيام سبعة أيام بعد رمضان إن لم يتم ثلاثين يوما ، وعلى ما سبق فإن مصدر تقدير استحباب صيام ستة أيام بعد رمضان مطلقا هو السنة النبوية ، أما تقديرها بشوال فمصدره قول صحابي ، والمسألة مثال على أن الصحابي قد يثبت تقديرا برأيه ، والله أعلى وأعلم .


المطلب الحادي عشر : صوم الأيام الثمانية الأول من ذي الحجة :

شهر ذي الحجة هو آخر شهور السنة القمرية وهو شهر الحج أيضا[98]، وقد يصطلح الفقهاء على الثمانية الأيام الأول منه بمسميات أخرى كالتسعة الأول بإلحاق يوم عرفة معها ، أو العشرة الأول تجاوزا حيث أن من ضمن أول عشر ذي الحجة يوم عيد الأضحى وهو مما يحرم صومه اتفاقا كما سبق[99].

اتفق الفقهاء على استحباب صوم الأيام الثمانية الأول من شهر ذي الحجة[100]، كما قد دلت الأدلة الشرعية على مشروعية صوم هذه الأيام واستحبابها ، منها :

- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما العمل في أيام أفضل منها في هذه . قالوا : ولا الجهاد ؟ قال : ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء "[101].
وجه الاستدلال :
أن النبي صلى الله عليه وسلم بين فضل الأعمال الصالحة في هذه الأيام الفضيلة ، والصوم من أعمال البر فيكون مستحبا فيها[102].

المطلب الثاني عشر : صوم يوم عرفة :

يوم عرفة : هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة[103].
وقد اتفق الفقهاء على مشروعية صومه واستحبابه[104]، فقد دلت السنة النبوية على ذلك وتأكده ، فمن ذلك :
- عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده "[105].
وجه الدلالة :
الحديث صريح في ذكر فضل صوم هذا اليوم وعظم أجره وثوابه .

وقد اختلف في استحباب صوم يوم عرفة بالنسبة إلى الحاج على قولين :

القول الأول : وهو أن صوم يوم عرفة مستحب للحاج إن لم يضعفه ، وهو قول الحنفية ورواية عند الحنابلة ، وذهب ابن حزم إلى استحبابه للحاج مطلقا[106].

القول الثاني : وهو أن صوم يوم عرفة غير مستحب للحاج مطلقا ، وهو قول الجمهور ومنهم من يذهب إلى الكراهة[107].

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة من السنة ومن آثار الصحابة ومن المعقول :

فمن السنة :
- عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده "[108].
وجه الاستدلال :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حض على صيام يوم عرفة أعظم حض وأخبر أنه يكفر ذنوب سنتين فلا يستثنى الحاج من هذا الفضل وهو فيه كغيره ، والحديث لم يخص غير الحاج بالصوم ولم يصح أيضا نهي الحاج عن الصوم في هذا اليوم فكانت فضيلة الصوم قائمة للحاج وغيره[109].

ومن آثار الصحابة :
- أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تصوم يوم عرفة في الحج[110].
- وقد ورد أيضا أن عثمان بن أبي العاص كان يرش عليه الماء يوم عرفة وهو صائم[111].
وجه الاستدلال :
أن فعل أم المؤمنين وابن أبي العاص رضي الله عنهما دليل على ثبوت استحباب صوم هذا اليوم للحاج[112].

ومن المعقول :
- أن الجمع بين الصوم والدعاء والوقوف بعرفة هو جمع بين قربتين جليلتين فكان مستحبا في حق الحاج أيضا ما لم يضعفه ، فإن ضعف كره الصوم في حقه ، لأن فضيلة صوم يوم عرفة مما يمكن استدراكها في غير سنة الحج بخلاف الوقوف والدعاء في عرفة فهو لا يمكن استدراكه عند عامة الناس ، فكان إحرازه أولى[113].

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من السنة ومن آثار الصحابة ومن المعقول :

فمن السنة :
- عن أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنها قالت : " شك الناس يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه وسلم ، فبعثت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بشراب فشربه "[114].
وجه الدلالة :
أن فطر النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة يدل على أن الأفضل للحاج هو فطر هذا اليوم وترك صومه ، والرسول صلى الله عليه وسلم هو أسوة للمؤمنين[115].
اعترض عليه :
بعدم تسليم أن تركه صلى الله عليه وسلم لصوم يوم عرفة أنه كان فعلا للأفضل فهو قد نص على فضيلة صوم هذا اليوم وثوابه الجليل ، ويجوز أن يكون تركه هو من باب خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم وهذا وارد ،  فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم "[116] [117].

ومن آثار الصحابة :
- أن رجلا سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنها عن صوم يوم عرفة فقال : " حججت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يصمه ، ومع أبي بكر فلم يصمه ، ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه ، وأنا لا أصومه ولا آمرك ولا أنهاك عنه ، إن شئت فصم وإن شئت فلا تصم "[118].
وجه الاستدلال :
أن في الأثر ذكر فعل النبي صلى الله عليه و سلم وقد سبق ، وذكر فعل ثلاثة من الخلفاء الراشدين وابن عمر معهم أيضا أنهم لم يصوموا هذا اليوم أثناء حجهم ، مما يبعد استحباب صومه للحاج .
يعترض عليه :
سبق النقل عن بعض الصحابة بخلاف ذلك وأنهم كانوا يصومون يوم عرفة وهم بعرفة ، وقد تقدم أنه في حال اختلاف الصحابة فإنه يسقط الاحتجاج بهم اتفاقا ، لذا وجب المصير إلى أدلة أخرى .

ومن المعقول :
- أن الصوم يضعف الحاج ، وقد يمنعه الدعاء في هذا اليوم المعظم الذي يستجاب فيه الدعاء في ذلك الموقف الشريف الذي يقصد من كل فج عميق رجاء فضل الله فيه وإجابة دعائه به ،
 فكان تركه أفضل[119].
الترجيح :
يظهر بعد النظر في المسألة وأدلتها رجحان القول الأول القائل باستحباب صوم يوم عرفة للحاج كغيره ، إذ لم يقم ما يمنع صراحة من استحباب صوم هذا اليوم الفضيل العظيم القدر للحاج ، وتقييده بعدم الضعف حسن لمراعاة ما هو أفضل منه وهو الوقوف والدعاء في يوم عرفة ، أما أدلة القول الثاني فلم يظهر فيها دليل يصرح بعدم استحباب هذا اليوم للحاج ، والله أعلى وأعلم .

المطلب الثالث عشر : صوم الأشهر الحرم :

ذهب جمهور المذاهب الأربعة إلى استحباب الإكثار من الصوم في الأشهر الحرم الأربعة وهي : محرم ورجب وذوالقعدة وذو الحجة[120].

ودليل الاستحباب هو قول النبي صلى الله عليه وسلم : " أفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم "[121].



تتمة : عدد الأيام التي يشرع صومها في التطوع :

تقدم في مسألة صوم الدهر بيان رجحان القول القائل بحرمة صوم الدهر وحرمة الزيادة على صيام داود عليه الصلاة والسلام الذي هو صيام لنصف الدهر ، وعلى هذا يكون التطوع مشروعا بشرط عدم مجاوزته لنصف الدهر ، والله أعلى وأعلم .
















[1] الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر القرطبي ص 120 ، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/418) .
[2] المبسوط لمحمد السرخسي (3/60) ، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لعثمان الزيلعي (1/313) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/297) ، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني (1/424) .
[3] الفرق بين وقت الزوال والضحوة الكبرى هو أن الزوال هو منتصف النهار الفلكي أو اللغوي أي من شروق الشمس إلى غروبها ، والضحوة الكبرى هي منتصف النهار الشرعي أي من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، وعلى هذا يكون هناك فرق بين الوقتين مع تقدم وقت الضحوة الكبرى على وقت الزوال ، انظر : درر الحكام شرح غرر الأحكام لمحمد ملا خسرو (2/440) ، العناية شرح الهداية لمحمد البابرتي (3/254) .
[4] المجموع ليحيى النووي (6/297) ، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني (1/424) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/10) ، الكافي في فقه ابن حنبل لابن قدامة المقدسي (1/315) .
[5] رواه البخاري في صحيحه (6/2461) كتاب الأيمان و النذور ، باب النية في الأيمان ، رقم : 6311 .
[6] الذخيرة لأحمد القرافي (2/499) .
[7] رواه البخاري في صحيحه (2/705) كتاب الصوم ، باب صيام يوم عاشوراء ، رقم : 1903 .
[8] المغني لابن قدامة المقدسي (3/11) .
[9] رواه الترمذي في سننه (3/108) كتاب الصوم ، باب لا صيام لمن لم يعزم من الليل ، رقم : 730 ، ورواه ابن ماجة في سننه (1/542) كتاب الصيام ، باب ما جاء في فرض الصوم من الليل والخيار في الصوم ، رقم : 1700 ، وصححه ابن حزم في المحلى (6/162) .
[10] مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/418) ، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار لمحمد الشوكاني (4/271) .
[11] المبسوط لمحمد السرخسي (3/62) .
[12] الذخيرة لأحمد القرافي (2/499) .
[13] أصول الشاشي لأحمد الشاشي ص 314 ، التلخيص لعبد الملك الجويني (2/531) .
[14] رواه الدارقطني في سننه وصحح إسناده (2/176) كتاب الصيام ، باب تبييت النية من الليل وغيره ، رقم : 21 ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (4/203) كتاب الصوم ، باب المتطوع يدخل في الصوم ، رقم : 8168 .
[15] تحفة الفقهاء لعلاء الدين السمرقندي (1/349) ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/85) ، الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/406) .
[16] انظر : الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/407) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/11) .
[17] المبسوط لمحمد السرخسي (3/62) .
[18] المغني لابن قدامة المقدسي (3/11) .
[19] رواه البخاري في صحيحه (1/211) كتاب مواقيت الصلاة ، باب من أدرك من الصلاة ركعة ، رقم : 555 ، ورواه مسلم في صحيحه (1/423) رقم : 607 .
[20] انظر : المغني لابن قدامة المقدسي (3/11) .
[21] رواه مسلم في صحيحه (2/808) كتاب الصيام ، باب جواز صوم النافلة بنية من النهار... ، رقم : 1154 ، ورواه الترمذي في السنن (3/111) رقم : 733 .
[22] الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/406) .
[23] المصدر السابق .
[24] رواه البخاري في صحيحه (2/705) كتاب الصوم ، باب صيام يوم عاشوراء ، رقم : 1903 .
[25] المغني لابن قدامة المقدسي (3/11) .
[26] رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/277) كتاب الصوم ، باب صيام التطوع و الخروج منه ، رقم : 8611 ، وصحح إسناده النووي في المجموع (6/423) .
[27] المغني لابن قدامة المقدسي (3/10) .
[28] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/292) كتاب الصيام ، باب من كان يدعو بغدائه فلا يجد فيفرض الصوم ، رقم : 9109 ، وصححه ابن حجر العسقلاني في المطالب العالية (6/50) .
[29] الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/406) .
[30] الحاوي الكبير لعلي الماوردي  (3/406) ، المجموع ليحيى النووي (6/307)  ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/10) .
[31] الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/407) .
[32] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد القرطبي (1/226) ، أسنى المطالب في شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري (1/432) ، الكافي في فقه ابن حنبل لابن قدامة المقدسي (1/362) ، المحلى لعلي بن حزم (7/12) .
[33] مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات لعلي بن حزم ص 41 .
[34] رواه البخاري في صحيحه (1/380) أبواب التهجد ، باب من نام عند السحر ، رقم : 1079 ، ورواه مسلم في صحيحه (2/812) رقم : 1159 .
[35] انظر : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم الحنفي (2/278) ، الذخيرة لأحمد القرافي (2/497) ، القوانين الفقهية لابن جزي الكلبي ص 78 ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/451) ، فتح الوهاب شرح منهج الطلاب لزكريا الأنصاري (2/352) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/52) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/347) .
[36] انظر : الكافي لابن عبد البر القرطبي ص 129 ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب (2/284) ، الفروع لمحمد بن مفلح (3/92) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/347) .
[37] رواه أحمد في مسنده (4/189) رقم : 17722 ، وابن خزيمة في صحيحه (3/317) كتاب الصيام ، باب أمر الصائم يوم الجمعة بالفطر مفردا ... ، رقم :2163 ، وسيأتي ذكر حكمه .
[38] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/451) .
[39] انظر : سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني (2/171) ، الفروع لمحمد بن مفلح (3/92) .
[40] سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني (2/172) ، الفروع لمحمد بن مفلح (3/92) .
[41] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/53) .
[42] سفر اللاويين 25 : 6 .
[43] رواه البخاري في صحيحه (2/701) كتاب الصوم ، باب صوم يوم الجمعة ، رقم : 1885 .
[44] رواه مسلم في صحيحه (2/801) كتاب الصيام ، باب كراهية صيام يوم الجمعة منفردا ، رقم : 1144 .
[45] رواه النسائي في السنن الكبرى (2/146) كتاب الصيام ، باب صيام يوم الأحد ، رقم : 2776 ، ورواه ابن خزيمة في صحيحه (3/318) كتاب الصيام ، باب الرخصة في يوم السبت ، رقم : 2167 ، ورجح الألباني ضعف إسناده في إرواء الغليل (4/125) رقم : 961 .
[46] سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني (2/172) .
[47] حاشية ابن عابدين (2/376) ، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار لأبي بكر الحصني ص 208 ، فتح الوهاب شرح منهج الطلاب لزكريا الأنصاري (2/352) .
[48] درر الحكام شرح غرر الأحكام لملا خسرو (2/446) ، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/406) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/412) ، الكافي في فقه ابن حنبل لابن قدامة المقدسي (1/362) ، المحلى لعلي بن حزم (7/17) .
[49] رواه النسائي في المجتبى (3/201) كتاب الصيام ، باب صوم النبي صلى الله عليه و سلم بأبي هو وأمي وذكر اختلاف الناقلين للخبر ، رقم : 2358 ، ورواه أبو داود في سننه (2/300) كتاب الصوم ، باب في صوم الاثنين والخميس ، رقم : 2438 ، وصححه الألباني في إرواء الغليل (4/104) رقم : 949 .
[50] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/410) ، الذخيرة لأحمد القرافي (2/532) .
[51] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/78) ، الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر القرطبي ص 129 ، المهذب لأبي إسحاق الشيرازي (1/188) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/59) .
[52] رواه البخاري في صحيحه (3/1257) كتاب الأنبياء ، باب قول الله تعالى : ( آتينا داود زبورا ) ، رقم : 3237 ، وقد تقدم في مسألة صوم الدهر .
[53] المبسوط لمحمد السرخسي (11/231) ، شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/303) ، الحاوي الكبير لعلي الماودري (3/474) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/410) ، الكافي لابن قدامة المقدسي (1/362) ، الإنصاف لعلي المرداوي (3/342) .
[54] الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر القرطبي ص 129 ، الشرح الكبير لأحمد الدردير (1/517) .
[55] رواه النسائي في السنن الكبرى (2/136) كتاب الصيام ، ذكر الاختلاف على موسى بن طلحة في الخبر في صيام ثلاثة أيام من الشهر ، رقم : 2730 ، وابن حبان في صحيحه (8/415) كتاب الصوم ، باب صوم التطوع ، رقم : 3656 ، وسيأتي ذكر حكمه .
[56] المبسوط لمحمد السرخسي (11/231) .
[57] انظر : عمدة القاري شرح صحيح البخاري لمحمود العيني (11/97) ، منحة العلام شرح بلوغ المرام لعبد الله الفوزان (5/93) .
[58] رواه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/856) رقم : 1210 ، والحارث بن أبي أسامة كما هو في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث لعلي الهيثمي (1/425) ، رقم : 340 ، ووثق رجاله البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة (1/107)
[59] رواه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/857) رقم : 1214 ، وفيه سفيان بن وكيع وهو متهم بالكذب بحسب ما نقله محقق الكتاب محمود شاكر .
[60] اختلاف الأئمة العلماء لأبي المظفر الشيباني (1/259) ، شرح النووي على صحيح مسلم ليحيى النووي (8/49) .
[61] عمدة القاري شرح صحيح البخاري لمحمود العيني (11/97) .
[62] رواه مسلم في صحيحه (2/818) كتاب الصيام ، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، رقم : 1160 ، وأبو داود في السنن (2/304) رقم : 2455 .
[63] رواه البخاري في صحيحه (5/2315) كتاب الاستئذان ، باب من ألقي له وسادة ، رقم : 5921 ، وقد تقدم في مسألة صوم الدهر .
[64] بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد القرطبي (1/226) ، منحة العلام في شرح بلوغ المرام لعبد الله الفوزان (5/95) .
[65] انظر في هذا الموضوع : شرح صحيح البخاري لابن بطال البكري (4/124) ، تهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله من الأخبار لابن جرير الطبري (2/863) .
[66] المعجم الوسيط (1/169) ،
[67] شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/303) ، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/406) ، الشرح الكبير لعبد الكريم الرافعي (6/469) ، المبدع في شرح المقنع لإبراهيم بن محمد (3/54) ، المحلى لعلي بن حزم (7/17) .
[68] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/407) .
[69] رواه مسلم في صحيحه (2/818) ، كتاب الصيام ، باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر ، رقم : 1162 ، ورواه أحمد في مسنده (5/296) رقم : 22590 .
[70] رواه مسلم في صحيحه (2/797) ، كتاب الصيام ، باب أي يوم يصام في عاشوراء ، رقم : 1134 ، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (11/16) رقم : 10913 .
[71] شرح معاني الآثار لأبي جعفر الطحاوي (2/78) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/407) .
[72] انظر : شرح معاني الآثار لأبي جعفر الطحاوي (2/78) ، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (3/332) ، بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد القرطبي (1/225) ، المحلى لعلي بن حزم (7/17) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/407) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/57) .
[73] الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/346) .
[74] المغني لابن قدامة المقدسي (3/53) .
[75] رواه بن أبي شيبة في مصنفه (2/346) رقم : 9765 .
[76] مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لمحمد الخطاب (2/408) .
[77] لسان العرب لابن منظور (1/502) ، المعجم الوسيط (1/483) .
[78] شرح فتح القدير لابن الهمام السيواسي (2/350) ، الذخيرة لأحمد القرافي (2/532) ، الإقناع لعلي الماوردي ص 80 .
[79] في المذهب الحنبلي يظهر أن الرأي باستحباب صوم شهر شعبان غير مستقر ومن الحنابلة من يذهب إلى استحبابه ، أنظر : الفروع لمحمد بن مفلح (3/88) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (3/347) .
[80] رواه مسلم في صحيحه (2/809) كتاب الصيام ، باب صيام النبي صلى الله عليه و سلم في غير رمضان ... ، رقم : 1156 .
[81] شرح النووي على صحيح مسلم ليحيى النووي (8/37) .
[82] لسان العرب لابن منظور الأفريقي (11/377) ، مختار الصحاح لمحمد الرازي ص 148 ، المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى وآخرين (1/501) .
[83] شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/349) ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم الحنفي (2/278) ، التاج و الإكليل لمختصر خليل لمحمد المواق (2/415) ، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/414) ، الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/475) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/401) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/56) ، الفروع لمحمد بن مفلح (3/79) .
[84] النعمان بن ثابت بن زوطا التيمي الكوفي ، أبو حنيفة الإمام الأعظم (80-150هـ) .
انظر : تذكرة الحفاظ لمحمد الذهبي (1/168) ، البداية و النهاية لإسماعيل بن كثير (10/107) .
[85] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/78) ، شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/349) ، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (3/380) ، الذخيرة لأحمد القرافي (2/530) .
[86] رواه مسلم في صحيحه (2/822) كتاب الصيام ، باب استحباب صوم ستة أيام من شوال ، رقم : 1164 .
[87] الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/475) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/56) .
[88] في الأثر نقاش حديثي يطول وخاصة أن الأثر هو من رواية مسلم كما تقدم في تخريجه ، والحكم على الأثر باعتباره موقوفا لا مرفوعا هو ما يميل إليه الباحث بعد تتبعه للمسألة والخلاف فيها ، ومن أسباب ترجيحه للوقف –  بإيجاز – هو ما يلي :
1- أن الرواية المرفوعة عن النبي صلى الله عليه وسلم مدارها على سعد بن سعيد وهو صدوق سيء الحفظ ، قد ضعفه أحمد وابن معين والنسائي وابن أبي حاتم ، وذكره ابن حبان في كتابه الثقات وقال : كان يخطئ .
انظر : تهذيب الكمال في أسماء الرجال ليوسف المزي (10 /262) ، تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني ص 231 ، ، لا خصوصية لشوال بصيام الست لعدنان عبد القادر ص 53 .
2- أن رواية سعد بن سعيد بالرفع مخالفة لمن هو أوثق منه ، فقد رواه أخوه عبد ربه بن سعيد بالوقف على أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، وعبد ربه بن سعيد ثقة ، وثقه أحمد وابن معين وابن أبي حاتم والنسائي وغيرهم ، وقد ذهب إلى اختيار وقف الرواية عن سعد بن سعيد سفيان بن عيينة عندما حدث بها عن سعد بن سعيد بإسناده موقوفة على أبي أيوب الأنصاري ، قال له أبو بكر الحميدي : أو قيل له أنهم يرفعونه ؟ قال : اسكت عنه قد عرفت ذلك ، وهذا عند الحميدي في مسنده (1/188) رقم : 380 ، وقد ذكر ذلك ابن رجب الحنبلي وأضاف أن أحمد بن حنبل قد مال إليه ، وهذا في لطائف المعارف ص 488 .
انظر ترجمة عبد ربه بن سعيد : تهذيب الكمال في أسماء الرجال ليوسف المزي (16/476) ، تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني (6/115) ، هل أخطأ من أخذ بقول مالك لا خصوصية لشوال في صيام الست لعدنان عبد القادر ص 53 .
انظر رواية عبد ربه بن سعيد بالوقف : عند النسائي في السنن الكبرى (2/163) كتاب الصيام ، باب ذكر اختلاف الناقلين لخبر أبي أيوب فيه ، رقم : 2865 ، وشرح مشكل الآثار لأبي جعفر الطحاوي (6/124) رقم : 124 .
3- أن الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه تخصيص صيام الستة أيام بعد رمضان بشهر معين وسيأتي ذكر حديث ثوبان رضي الله عنه ، وهو حديث قد صححه أبو حاتم الرازي وقال عنه أحمد : ليس في أحاديث الباب أصح منه ، وتوقف فيه في رواية أخرى ، انظر : لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي ص 492 .
انظر بعض المراجع التي تناولت هذه المسألة بالبحث الحديثي : لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف لابن رجب الحنبلي ص 488 ، و كتاب " هل أخطأ من أخذ بقول مالك لا خصوصية لشوال في صيام الست ؟ " لعدنان عبد القادر ، وبحث بعنوان " صيام ست من شوال دراسة حديثية فقهية " لمحمد الزعبي ، والإجمال في الرد على من طعن في أحاديث صيام ست من شوال لمحمد العتيبي .
[89] مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/414) .
[90] كشاف القناع عن متن الإقناع لمنصور البهوتي (2/337) .
[91] الروض المربع شرح زاد المستقنع لمنصور البهوتي (1/438) .
[92] الأنعام : 160 .
[93] صحيح ابن خزيمة لمحمد بن إسحاق (3/298) ، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/414) ، هل أخطأ من أخذ بقول مالك لا خصوصية لشوال في صيام الست لعدنان عبد القادر ص 70 .
[94] رواه البخاري في صحيحه (2/670) كتاب الصوم ، باب فضل الصوم ، رقم : 1795 ، ورواه مسلم في صحيحه (2/806) رقم : 1151 .
[95] لطائف المعارف لابن رجب الحنبلي ص 493 ، كشاف القناع عن متن الإقناع لمنصور البهوتي (2/337) .
[96] رواه ابن خزيمة في صحيحه (3/298) كتاب الصيام ، باب : ذكر الدليل على أن النبي صلى الله عليه و سلم إنما أعلم أن صيام رمضان و ستة أيام من شوال يكون كصيام الدهر إذ الله عز و جل جعل الحسنة بعشر أمثالها أو يزيد إن شاء الله جل و عز ، رقم : 2115 ، والروياني في مسنده (1/412) رقم : 634 ، وقد سبق ذكر حكمه .
[97] مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/414) ، الفروع لمحمد بن مفلح (3/80) ، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني (1/447) ، هل أخطأ من أخذ بقول مالك لا خصوصية لشوال بصيام الست لعدنان عبد القادر ص 70 .
[98] المعجم الوسيط (1/157) .
[99] انظر: مواهب الجليل شرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/402) .
[100] المبسوط لمحمد السرخسي (3/92) ، مواهب الجليل شرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/402) ، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للخطيب الشربيني (1/446) ، الكافي في فقه ابن حنبل لابن قدامة المقدسي (1/362) ، المحلى لعلي بن حزم (7/19) .
[101] رواه البخاري في صحيحه (1/329) كتاب العيدين ، باب فضل العمل في أيام التشريق ، رقم : 926 ، وأبو داود في السنن (1/741) رقم : 2438 .
[102] انظر : المحلى لعلي بن حزم (7/19) .
[103] المعجم الوسيط (2/595) .
[104]  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، مواهب الجليل شرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/401) ، الحاوي الكبير لعلي الماودري (3/472) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/58) ، المحلى لعلي بن حزم (7/17) .
[105] رواه مسلم في صحيحه (2/818) كتاب الصيام ، باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس ، رقم : 1162 ، ورواه أحمد في مسنده (5/310) رقم : 22703 .
[106] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، شرح فتح القدير لابن الهمام السيواسي (2/350) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/344) ، المحلى لعلي بن حزم (7/17) .
[107] مواهب الجليل شرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/401) ، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني لأحمد النفراوي (2/273) ، الحاوي الكبير لعلي الماودري (3/472) ، الشرح الكبير لعبد الكريم الرافعي (6/468) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/58) ، الإنصاف في معرف الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/344) .
[108] رواه مسلم في صحيحه (2/818) كتاب الصيام ، باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس ، رقم : 1162 ، ورواه أحمد في مسنده (5/310) رقم : 22703 .
[109] المحلى لعلي بن حزم (7/18) ، وحديث النهي عن صوم يوم عرفة ضعيف كما بين ابن حزم وغيره ، انظر : المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/402) .
[110] رواه مالك في الموطأ (3/550) كتاب الحج ، باب صيام يوم عرفة ، رقم :1390 ، وابن أبي شيبة في مصنفه (3/196) رقم : 13394 .
[111] رواه الطبراني في المعجم الكبير (9/43) رقم : 8350 ، ورواه الفاكهي في أخبار مكة (5/28) رقم : 2767 ، وصحح إسناده محقق الكتاب عبد الملك دهيش .
[112] انظر : المحلى لعلي بن حزم (7/18) .
[113] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) .
[114] رواه البخاري في صحيحه (2/597) كتاب الحج ، باب صوم يوم عرفة ، رقم : 1575 ، والطبراني في المعجم الكبير (25/25) رقم : 21152 .
[115] الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (4/233) .
[116] رواه البخاري في صحيحه (1/379) أبواب التهجد ، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب ، رقم : 1076 ، ورواه مسلم في صحيحه (1/497) رقم : 718 .
[117] المحلى لعلي بن حزم (7/18)
[118] رواه الترمذي في سننه وحسنه (3/125) كتاب الصوم ، باب كراهية صوم يوم عرفة بعرفة ، رقم : 751 ، ورواه أحمد في مسنده (2/73) رقم : 5420 .
[119] مواهب الجليل شرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/401) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/58) .
[120] الفتاوى الهندية للشيخ نظام ومن معه (1/201) ، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني لأحمد النفراوي (2/273) ، روضة الطالبين ليحيى النووي (2/388) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/347) .
[121] رواه مسلم في صحيحه (2/821) رقم : 1163 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق