الخميس، 10 مارس 2016

هل يقبل القرآن نفسه أن يكون دستورا ؟!

هل سألنا القرآن نفسه عن قابليته ليكون دستورا؟!

ما أن تدخل العاطفة العمياء في نقاش أو قضية حتى يبادر التفهم والمعرفة والإنصاف بالانصراف، إذ ليس بمقدور رزانتهم وسموهم كبحَ جموح عاصفة العاطفة.

جميل هو التساؤل وتبادل الرأي والبحث عن موقع القرآن الكريم في الدول المدنية، ومؤلم ذلك التشنج والدنو والشخصنة في طرحها ومعالجتها.

بلا إطالة أدخل في صلب الموضوع المثير للساحة، مجيبا عن عنوان مقالتي:

هل القرآن نفسه يقبل أن يكون دستورا؟

أ- لا بد من تعريف ما نقصد بالدستور أولا ثم نقارن ما بينه وبين القرآن، تعريف الدستور:
" الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة (بسيطة أم مركبة) ونظام الحكم (ملكي أم جمهوري) وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية) وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة." من ويكيبيديا

إذن -من تعريف الدستور- فإنه هناك فروقا جوهرية بينه وبين القرآن ومهام كل منهما أبينها بإيجاز :

1- الدستور  قانون جوهره الإلزام له قوة الإجبار والإكراه عليه، بينما القرآن والتدين الذي يطرحه جوهره الاختيار وينبذ بصراحة الإكراه والإجبار عليه لأنه يرفض إيمانا مزيفا، فكل إيمان ينشأ بإجبار يموت، وآيات حرية اختيار الدين ونبذ الإكراه عليه في القرآن أجلى من أن تحجبها تدليسات الرواة المصادمة والمسيئة لها، إذ يعلنها القرآن صراحة (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، ولم يكن الإجبار على الدين حقا للرسول صلى الله عليه وسلم فضلا عن أن يكون لغيره لا من البشر ولا الدساتير، يؤكد القرآن ذلك في مواضع عديدة (وما أنت عليهم بجبار) و (فذكر إنما أنت مذكر، لست عليهم بمسيطر) و (وما أرسلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل).
إنْ جعلنا القرآن كتابا مُلزما مُجبرا مُكرِها عليه دون اختيار نكون قد أسأنا فهمه وأسأنا تطبيق واحدة من أجمل وأعظم غاياته ألا وهي حرية الاعتقاد به، وكفى بهذا الفرق سببا لعدم جعله دستورا بالمعنى الذي سبق ذكره.

2- الدستور يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة، والقرآن لا يتطرق لهذا أبدا.

3- الدستور يحدد نظام الحكم، والقرآن لا يحدد طريقة للحكم أصلا، نعم هناك قيمة الشورى التي يدعمها القرآن، يمكن أن تسترشد بها في تحديد نظام للحكم لكنك لا يمكنك تعيينه وتحديده بها.

4- الدستور ينظم شكل الحكومة، وينظم السلطات العامة وحدود كل منها وعلاقتها مع بعضها البعض، وليس في القرآن ذلك ، بل دولة النبي صلى الله عليه وسلم اجتمعت فيها السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية في شخصه الكريم، وما تواتر عن المسلمين بعده عدم فعلهم لذلك إدراكا منهم لتعسره ولذلك تفككت السلطات منذ الجيل الأول، فليس في القرآن تحديد وليس في التطبيق النبوي مجال صالح للاقتداء البشري هنا.

5- يحدد الدستور تفاصيل حقوق الأفراد وضماناتهم تجاه السلطة ، في القرآن بعضها حُدِّد إجمالا وتفصيلا وبعضها لا، مرة أخرى كون القرآن يدعم قيما معينة في هذا المجال فهي صالحة للاسترشاد لا التعيين.

يتضح مما سبق أن جوهر الدستور مغاير لمضمون القرآن فلا يصح أصلا المقارنة بينها.
ب- كتطبيق نبوي لهذه المسألة ، لم نجد النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ القرآن دستورا للمدينة المنورة ، بل جعل بينه وبين أهلها من قبائل المسلمين واليهود والمشركين الوثنيين "صحيفة المدينة" تلك الصحيفة التي لو عرض ما بها من حريات على مطاوعتنا الأعزاء لكانوا من أوائل الكافرين بها إذ هي تصادم قيمهم وفهمهم الديني !
لماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولم يفرض القرآن عليهم ؟ لأن هذا ما يقتضيه التعايش السلمي الاجتماعي المتزن الحافظ للحقوق ولأن القرآن لا ينظم تفصيلا ولا تحديدا تلك الأمور.
مطاوعتنا الأعزاء (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)

ج- يخاطب الدستور جميع من هم تحت سلطته من المواطنين والمقيمين في نطاق قدرته السياسية ولا يستثني أحدا من أحكامه ، بينما الخطاب القرآني الذي صرح بأنه لكافة الناس يشير أيضا بقوة إلى أن الدين ليس صالحا لكل البشر، أعلم أن هذه المعلومة صادمة لجماعة العاطفة العمياء إذ أنستهم العاطفة تدبر القرآن والالتفات إلى معانيه.
يصرح القرآن بوجود فئات من البشر من الأولى لهم عدم معرفتهم للدين بل ربما ضرتهم معرفته، يقول تعالى (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم)، يصرح القرآن بأنه (عمى) لبعض البشر (ولا يزيد الظالمين إلا خسارا).
مثل هذا المعنى الغريب على ثقافتنا الدينية يحتاج إلى تقريب لا أجد أفضل من مثال ما حصل للحسين حفيد النبي صلى الله عليه وسلم حين حال القتلة بينه وبين رحاله حيث النساء والأطفال في نذالة لم يعرفها العرب قبل الإسلام ، صاح بهم : "إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم وارجعوا إلى أحسابكم فحاسبوها إن كنتم عربا!" وكأن إسلامهم صار لعنة ومبررا لانحدراهم ونزع شهامة العروبة ونبل الفرسان!

إذن لمن القرآن ؟ القرآن نفسه يجيب (لمن شاء منكم أن يستقيم) ، (لمن شاء منكم أن يتقدم) تصريح القرآن بهذا يبين أنه اختياري وأنه لمن أراد سلوك طريق الاستقامة والقرب من الله،كتاب هذا حاله جاء للروح والباحثين عن الله خاصة، أرقى من أن ينزل لرتبة دستور يعالج مواضيع دون تلك المنزلة. الخبز الرخيص لكل الناس لكن أطايب الطعام ونوادر الثمر لا ينالها إلا مجد.

د- من أهم المعاني العميقة للقرآن أنه وسيلة إلى الله وإلى حياة ناضجة مفلحة، هو معلم وطبيب للبشرية، لكن هل الطبيب الناجح هو من يزوره مرضاه كثيرا أم من لا يرونه إلا نادرا؟ هل المعلم الناجح هو من لا يستطيع طلابه الاستغناء عن إقحامه في كل صغيرة وكبيرة أم هو ذلك الذي يخرج طلبة مستقلين بذواتهم قادرين على مجابهة الحياة؟ هل نفهم لماذا توقف الله عن إرسال الرسل؟!
أطرح هذه التساؤلات علها تحرك فكرا ينتبه...

 أتمنى أن تتوقف الإساءة إلى القرآن بإقحامه في غير محله واستخدامه في غير ما يريد ولا يرتضيه هو بنفسه ، لنترفع عن جدل الأطفال وخصومة الأنذال إن كنا متدينين فعلا ، أتمنى أن أرى تطرفا بين مطاوعتنا الأعزاء كتطرف نبينا صلى الله عليه وسلم إلى الرحمة، إلى المغفرة والمعذرة والرأفة والشفقة ، يُنزِّل الله تعالى (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) فيصر قائلا: "لأزيدن على السبعين!" صلى الله عليكَ وسلمَ أي إنسانٍ كنت؟! هذا تدين بيننا وبينه سنون ضوئية!

(وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا)

دمتم بوعي وعرفان

محمد جاسم الفودري

السبت، 5 مارس 2016

توصيات د ساجد العبدلي لأفضل الكتب والروايات

إرشادات أهل التجارب منيرة للطريق موفرة للوقت وسبيل لنضوج أسرع وأيسر

أحب سؤال أهل الخبرات عن أفضل الكتب والروايات التي تركت في نفوسهم أثرا بحثا عن كنوز تستحق صرف الوقت معها

هذه كانت إجابة المتميز الفاضل د ساجد العبدلي :

أفضل الروايات :

- 100 عام من العزلة للكولمبي غابريل غارسيا ماركيز .

- النمر الأبيض للهندي أرافيند أديغا .

- قواعد العشق الأربعون للتركية إليف شفق .

- طوارق للإسباني ألبرتو باثكث فيكيروا .

- ذاكرة الجسد للجزائرية أحلام مستغانمي .

أفضل الكتب :

- العادات السبع للناس الأكثر فعالية للأمريكي ستيفن كوفي .

- حياة في الإدارة للسعودي غازي القصيبي .

- العرب وجهة نظر يابانية للياباني نوبواكي نوتوهارا .


- الراهب الذي باع سيارته الفيراري للكندي روبن شارما .