الخميس، 28 فبراير 2013

السياسة والصحة النفسية ، ما بين التحلطم والحركة




في ملتقى الإبداع الأسري الأخير  في إحدى محاضرات د جمال الملا الشيقة تطرق المحاضر لموضوع البعد عن متابعة الأخبار السيئة حفاظا على الصحة النفسية ...

ومنذ أن طرح هذه القضية شغلت بها تفكيرا ، هل يعني ذلك أن أتخلى عن متابعة ومعرفة الواقع وأعيش في قصر من وهم ناسيا الواقع الذي قد يقضي علي بجهلي التام عنه !! لا شك أن ترك هموم السياسة مريح لكن في الوقت نفسه سأخدع نفسي بهذه الفعلة !

لم تنتهي الدورة حتى أتت إجابة جميلة شافية من أحد الحاضرين ، شخص من أهل الشام ..

تحدث عن تجربته وانشغاله بهموم السياسة وواقعنا العربي الجميل حتى أثر ذلك عليه أثرا جسيما وأصابه بأمراض عديدة

بمراجعته للطب النفسي نصحوه بالتوقف تماما ، لكن عاد التساؤل إلى ذهنه هل أترك الانشغال بالواقع ؟

كان حله المثالي والعلاج الذي اتبعه وجعله أفضل حالا أنه رفض أن يكون مجرد متابع صامت أو من حزب " الحلطمة السياسية " الواسع الانتشار في الكويت ، وقرر أن يكون مبادرا وفعالا اتجاه المشاكل التي يراها ولو بأي دور

اليوم هو ناشط في الإغاثة للشعب السوري وتكفل بتجهيز عمارة كاملة للاجئين !

كلنا ننفعل من سلبيات الواقع ، لكن من منا يستغل هذا الانفعال ؟

ودمتم موفقين

الأربعاء، 13 فبراير 2013

ضرورة حسم النزاع في نصاب زكاة الذهب والفضة بالتقدير المعاصر

ما يلي جزء من أطروحتي الماجستير أنشره تيسيرا للباحثين
لقراءة الرسالة كاملة من هنا




# تقدير الدينار بالجرام :

سبق الحديث أن الدينار والدرهم هما الوحدتان الأساسيتان في معرفة المقدرات الوزنية ، فلا بد من معرفة التقدير المعاصر لهما الأقرب إلى الصحة و الصواب وصاحب وجهة النظر الأكثر إقناعا ومنطقا .
وعند الحديث بدقة أكثر عن هذا الموضوع فإنه وفي الوقت الحالي يكون الدينار أو المثقال هو الوحدة الأساسية في معرفة المقدرات الوزنية ، وتبعا لوزنه يمكن استخراج نسبة وزن الدرهم الشرعي وغيرها ، لكن لا يحسن في العصر الحالي الاعتماد على الدراهم وذلك لأن معدن الفضة من أسرع المعادن الثمينة تآكلا ، فتبقى الدنانير الذهبية الموجودة اليوم هي المدخل لمعرفة الوزن ، وذلك لما يمتاز به الذهب من مقاومة للصدأ والتغيرات الكيميائية التي يحدثها الهواء أو التي تنتج أثناء التعامل[1].
وهناك طرق أخرى في استفادة التقدير المعاصر ولكن يظهر بعدها عن الصواب وعدم دقتها في التقدير كالاعتماد على وزن الحبوب وقد تقدمت الإشارة إلى هذا ، وذلك بسبب اختلاف الحب حجما ووزنا باختلاف الأرض ونحوها من العوامل ، أما الاعتماد على الصنج الزجاجية التي تعود للدنانير الشرعية واعتبارها بديلا عن الدنانير الذهبية فما يقال في رفض اعتماد الدراهم و الدنانير الأثرية من أسباب في تخلف صناعتها وعدم دقتها يقال في الصنج أيضا ، فحسن الاقتصار على الدنانير الذهبية ، وتبقى هذه القضية للأسف مما لم يستوف حقها إلى اليوم على الرغم من أهميتها .
إذن وبناء على ما سبق فإن طرق معرفة المقدرات الوزنية الفقهية مرده إلى الدينار ، وبحسب النظر والبحث فإنه لا خلاف بين المذاهب الأربعة في اعتبار أن وزن الدينار الذي ضربه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان[2] هو الوزن المعتبر شرعا ، كما قد نقل الإجماع على ذلك ، ومن هنا يطمئن المرء في اعتماده أصلا ومرجعا .
وعند التأمل في التقديرات المعاصرة لوزن الدينار الشرعي فإن اتجاها من المعاصرين يذهب إلى تقديره بما يعادل 4,25 من الذهب الخالص ، وبعض المعاصرين من يذكر طريقته في استنتاج هذا المقدار والبعض يكتفي بذكر النتيجة ، وهي فوق الأربع جرامات اتفاقا [3]، بينما ذهب صاحب كتاب " المقادير الشرعية والأحكام الفقهية المتعلقة بها " إلى اعتباره معادلا لـ 4,24 ، وطريقته – بحسب الاطلاع -  من أفضل وأدق الطرق في التقدير ، فقد اعتمد على أوزان دنانير ذهبية عدة ضربت في عهد عبد الملك بن مروان .
لكن يبقى الخلاف معه في النتيجة التي توصل إليها وذلك لأنه بناها على أربع متوسطات لأوزان الدنانير ، كل متوسط بحسب دنانير كل متحف موجودة به مع أن التغاير في الأعداد شاسع بينها ، ولم يأخذ هذه النسبة المتوسطة بالنظر لكافة الدنانير معا ، فمتوسطها كلها يعادل 4,225 ولعل هذه النسبة أدق وأولى بالاعتبار بناء على منهجه .
ويبقى أن الموضوع كما تقدم مما يحتاج إلى مزيد عناية ومراجعة وضبط وتعاون مع المختصين في موضوع العملات الأثرية الإسلامية و البيزنطية .
والأخذ بالمقدار المتوسط في هذه المسألة مما يظهر حسنه ، لأن الأخذ بالأكثر يؤيده أصل الاحتياط للدين ، كما أن الأخذ بالأقل يؤيده أصل براءة الذمة ، فكان القدر المتوسط بينهما حسنا لما فيه من الجمع لمعنى الأصلين السابقين ، بل ولما فيه أيضا من مراعاة للاختلاف بين أوزان الدنانير وظروف سكها التي كانت تعاني وقتها من بدائية آلة وطريقة سك النقود وعدم انضباطها انضباطا تاما والتي كانت تعتمد أيضا على جهد العامل اليدوي ومدى خبرته ومهارته[4]، هذا والله تعالى أعلى وأعلم .

- مقدار نصاب زكاة الذهب :

بناء على أن 4,225 هي النسبة المتوسطة الأدق كما تقدم – ولا تزال القضية بحاجة إلى تتبع واستقراء لمزيد من الدنانير الاثرية – وأن نصاب الزكاة عشرون دينارا فيكون مقدار نصاب زكاة الذهب بالجرام هو :

4,225 × 20 = 84,5 جرام من الذهب الخالص .

- مقدار نصاب زكاة الفضة :

بما أن نسبة الدرهم إلى الدينار هي 7 : 10 اتفاقا[5] ، فإن وزن الدرهم يكون :

4,225 × 7 ÷ 10 = 2,9575 جرام

وبناء على ما سبق وأن مقدار نصاب الفضة 200 درهم :

2,9575 × 200 = 591,5 جرام

ودمتم موفقين
محمد الفودري



[1] المقادير الشرعية والأحكام الفقهية المتعلقة بها لنجم الدين كردي ص 129 ، الموسوعة العربية العالمية مادة " ذهب".
[2] عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص  ، الخليفة الأموي أبو الوليد ( 26-86 هـ ) .
انظر : تاريخ الخلفاء لعبد الرحمن السيوطي ص 214 ، وتقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني ص 365 .
[3] انظر مجموعة من آراء المعاصرين في تقدير الدينار بالجرام في : بحث أحمد الكردي ضمن بحوث الندوة التاسعة لقضايا الزكاة المعاصرة ص 78 ، بحث عبد الله المنيع ضمن بحوث الندوة التاسعة لقضايا الزكاة المعاصرة ص 114 ، بحث محمود الخطيب ضمن بحوث الندوة التاسعة لقضايا الزكاة المعاصرة ص 138 ، فقه الزكاة ليوسف القرضاوي (1/260) ، المقادير الشرعية والأحكام المتعلقة بها لأحمد الكردي ص 105 وذكر في كتابه عدة تقديرات معاصرة ، المكاييل والموازين الشرعية لعلي جمعة ص 19 .
[4] المقادير الشرعية والأحكام المتعلقة بها لأحمد الكردي ص 130 ، المكاييل والأوزان الشرعية لعلي جمعة ص 10 .
[5] فقه الزكاة ليوسف القرضاوي (1/356) .

السبت، 2 فبراير 2013

محاربة تولية المرأة للقضاء .. وهل العدالة ملازمة للذكورة ؟!

نشرت في جريدة سبر الالكترونية
http://www.sabr.cc/inner.aspx?id=52473
02-02-2013





يقول الفقيه والأديب الأندلسي الشهير بإنصاف النساء من جور فتاوى التراث علي بن حزم رحمه الله : " قوله تعالى  ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) هذا خطاب متوجه بعمومه إلى الرجل والمرأة ، والدين كله واحد إلا حيث جاء النص بالفرق بين المرأة والرجل " . بتصرف واختصار .

تُلقى التساؤلات في وجه من يتصدى لتحريم تولي المرأة القضاء فلا تسمع كلمات تستحق أن تسمى إجابة  ! لماذا تمنعونهن ؟ هل العدالة والحكمة هي حكر على معاشر الذكور دون الإناث التي خَرَّجت تلك الذكور وصنعت من بعضهم رجالا ؟ هل المانع في هذه القضية الدين أم عاداتنا وتقاليدنا التي لو ترك لها العنان لربما أعادت تشريع وأد البنات ؟!

أليس غريبا أن يبنى حكمكم بالتحريم على رواية حديث " لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " وهي مستندكم بالتحريم بينما هي رواية أقيم على صاحبها حد القذف فلا تقبل شهادته ويحكم عليه بالفسق بنص القرآن لا بنص قواعد بعض البشر ؟ والمفارقة هي أنه نجد بينكم من يدعي توقيره لعمر بن الخطاب رضي الله عنه  لكنه يحارب في الوقت نفسه حكم عمر برد شهادة هذا الراوي " أبو بكرة ، نفيع بن الحارث الثقفي " ! ويكفي فخرا وإثباتا للفارق بين المنهجين المتناولين لهذا الحديث ردا أو قبولا هو مضمون الأدلة  ، فبينما كان منطلق أول من تفطن لهذه الجزئية د محمد الأشقر رحمه الله هو كلام رب البشر بصراحة لا غبار عليها ؛ كانت ردود مخالفيه ليست سوى أوهام تراثية وقواعد بشرية يظهر ضعفها بمجرد أدنى مقارنة علمية ! فضلا عن أن سياق الحديث لو سلم بثبوته ليس في القضاء أصلا ! فقليلا من الانسجام مع مبادئكم يرحمكم الله !

وكلنا نقرأ سورة النمل وفيها قصة تلك المرأة العظيمة ملكة سبأ بلقيس ، فهل يا ترى أفلحت وأفلح قومها  أم أنهم لم يفلحوا ؟  ولَتصديق صريح القرآن أحب إلى العقلاء من مظنونات التراث ...

وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم بعد أن لم يستطع إقناع أصحابه في الحديبية  بحلق رؤوسهم ليتحللوا من العمرة جاءه نصح زوجته أم سلمة رضي الله عنها : " يا نبي الله اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك " فكانت استجابته صلى الله عليه وسلم لحكمة زوجته رضي الله عنها حلا للمشكلة ودرسا أن الحكمة ليست حكرا عليكم معاشر الرجال ، وهل أساس القضاء وقوامه إلا على وجود الحكمة و العدالة التي نفتقدها في كثير من الذكور ؟ قوله تعالى ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) هو تنبيه إلى أهم قضية في القضاء " العدالة " وهي لا تعرف التحيز أو الفرقة بين ذكر أو أنثى .

عموما نطمئن السادة المحرمين أن القضاء اليوم ليس فرديا كما هو متناول في التراث الفقهي ، ولكنه يصدر بصورة جماعية وله درجاته ، فلو شاركت المرأة بالقضاء فلن تكون وحدها ، وهذه نقطة جديرة بالتأمل .

نمنمة الختام :

لا يقين عندي أن الفلاح وعدمه مرتبط بتولي المرأة أو الرجل للقضاء ،  لكني متيقن تماما أنكم لن تفلحوا أبدا إذا وليتم أمركم ظالما وشرعتم الخضوع له !

ودمتم موفقين 
محمد الفودري