الثلاثاء، 20 يناير 2015

مسائل المقدرات الفقهية في الصوم المنهي عنه

ما يلي جزء من أطروحة الماجستير أنشره تيسيرا للباحثين
لقراءة الرسالة كاملة من هنا
الصوم المنهي عنه

المطلب الأول : عيد الفطر وعيد الأضحى :

أولا : تعريفهما :

العيد في اللغة : من عود أي رجع وارتد ، والعود أو العودة أي الرجوع ، وأيضا هو الدخول في الشيء أو الصيرورة كما في قوله تعالى : ( ﭟ    ﭠ  ﭡ  ﭢ)[1]، والعادة هي التمادي في الأمر حتى يصير سجية ، والعيد أصل يائها واو لكنها قلبت لكسرة العين وهو ما يعود أو الوقت الذي يعود فيه الفرح أوالحزن ، وسمي العيد عيدا لأنه يعود كل سنة بفرح متجدد[2].
فحاصل المعنى اللغوي للعيد أنه يدور حول معنيين :
1- الانتقال .
2- التكرار .
ولا يخرج المعنى الشرعي للعيد عن معناه في اللغة .

أما عيد الفطر :
فهو نسبة إلى اليوم الذي يكون فيه الفطر أي قطع الصيام ، وهو العيد الذي يعقب صوم رمضان مباشرة ، ويكون في اليوم الأول من شهر شوال[3].

وأما عيد الأضحى :
فهو نسبة إلى اليوم الذي يكون فيه ذبح الأضحية في وقت الضحى وهو أول وقت لفعلها ، والأضحية هي ما يذبح من النعم تقربا إلى الله تعالى من يوم عيد النحر إلى آخر أيام التشريق ، ويوم عيد الأضحى هو العاشر من شهر ذي الحجة ، ويعرف أيضا بعيد النحر أو بيوم النحر وذلك نسبة إلى ما يفعل في نفس اليوم من النحر أي ذبح الإبل بطعنها في أعلى صدرها[4].

ثانيا : مشروعيتهما :

دل على مشروعية عيدي الفطر والأضحى الكتاب والسنة وإجماع الأمة :

فمن الكتاب :
1- قوله تعالى : (ﮊ  ﮋ  ﮌ     )[5].
وجه الاستدلال :
في الآية دليل على مشروعية عيد الأضحى ، فقوله تعالى : ( فصل ) أي قم بتأدية صلاة عيد الأضحى وانحر نسكك[6].

2- قوله تعالى : ( ﯿ  ﰀ  ﰁ  ﰂ   ،     ﰄ    ﰅ  ﰆ  ﰇ   )[7].
وجه الاستدلال :
في الآية دليل على مشروعية عيد الفطر ، إذ يقصد بالصلاة الواردة في الآية أنها صلاة عيد يوم الفطر[8].

ومن السنة :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه  قال : " قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : ما هذان اليومان ؟ ، قالوا : كنا نلعب فيهما فى الجاهلية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما ، يوم الأضحى ويوم الفطر "[9].
وجه الاستدلال :
أن الحديث صريح في مشروعية العيدين[10].

ومن الإجماع :
- فقد انعقد إجماع المسلمين على مشروعية يومي عيد الفطر وعيد الأضحى[11].

ثالثا : حكم صومهما :

لا خلاف بين العلماء في حرمة صوم يومي عيد الفطر وعيد الأضحى ، كما دلت الأدلة من السنة النبوية ومن إجماع المسلمين على ذلك :

فمن السنة :
1- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن صوم يوم الفطر والنحر..." الحديث[12].
وجه الاستدلال :
أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بالنهي عن صوم يومي عيد الفطر وعيد الأضحى[13].

2- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في العيد : " هذان يومان نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صيامهما ، يوم فطركم من صيامكم ، واليوم الآخر تأكلون فيه من نسككم "[14].
وجه الاستدلال :
أن نقل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لنهي النبي صلى الله عليه و سلم عن صوم العيدين صريح في حرمة صومهما[15].

ومن الإجماع :
- فقد نقل غير واحد من العلماء أن الإجماع منعقد على تحريم صوم يومي عيد الفطر وعيد الأضحى[16].

المطلب الثاني : أيام التشريق :

أولا : تعريفها :

هي الأيام الثلاثة التي تلي يوم عيد الأضحى وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من شهر ذي الحجة ، وسميت بذلك من تشريق اللحم وهو تقديده لأن لحوم الأضاحي تشرق فيها أي تنشر في الشمس ، وقيل لأن الهدي لا ينحر حتى تشرق الشمس ، وقيل أن التشريق هو التكبير دبر كل صلاة وقيل أنه العيد ، وتعرف أيضا بأيام منى لكون الحجاج يقضون بقية أيام الحج فيها ، ويسمى اليوم الأول منها بيوم القر ، وثانيها بيوم النفر الأول ، وثالثها بيوم النفر الثاني[17].

ثانيا : مشروعيتها :

دل على مشروعية أيام التشريق الكتاب والسنة وإجماع الأمة :


فمن الكتاب :
- قوله تعالى : (ﭒ  ﭓ  ﭔ  ﭕ  ﭖ  ﭘ  ﭙ  ﭚ   ﭛ  ﭜ  ﭝ     ﭞ  ﭟ  ﭠ   ﭡ  ﭢ     ﭣ  ﭥ  ﭦ)[18].
وجه الاستدلال :
أن الأيام المعدودات في الآية يراد بها أيام التشريق الثلاثة التي تلي يوم عيد الأضحى[19].

ومن السنة :
- عن نبيشة الهذلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أيام التشريق أيام أكل وشرب "[20].
وجه الاستدلال :
أن الحديث نص في مشروعية أيام التشريق وأنها أيام أكل وشرب[21].

ومن الإجماع :
- لا خلاف بين المسلمين في مشروعية أيام التشريق ، كما أنه قد نقل الإجماع على ذلك[22].

ثالثا : حكم صومها :

في مسألة حكم صوم أيام التشريق تفصيل وذلك بحسب نوع الصوم وبحسب حال الصائم ، ويمكن تقسيم ذلك إلى قسمين هما : حكم صومها صوم تطوع ، وحكم صومها صوم فرض .

أما عن حكم صومها صوم تطوع فقد اتفق العلماء على حرمة صوم أيام التشريق صوم تطوع سواء كان الصائم وقتها حاجا أو غير حاج ، بل قد نقل إجماع العلماء على أنه لا يجوز صيام أيام منى تطوعا وأنها أيام لا يتطوع أحد بصيامهن[23].
وما يحكى عن بعض الصحابة كالزبير بن عوام وعبد الله بن عمر وأبي طلحة رضي الله عنهم ، أنهم كانوا يصومون أيام التشريق تطوعا فغير مسلم بصحته أو صراحته وفي الأسانيد عنهم ضعف ، والأحاديث المتواترة بالمعنى والتي تفيد النهي عن صيام أيام التشريق تبين فساد القول بإباحة الصوم فيها مطلقا[24].

وأما حكم صومها صوم فرض فلهذه المسألة فرعان ، وذلك للتفرقة بين الصوم الواجب بسبب فقد الهدي والصوم الواجب لغير سبب فقد الهدي كالنذر وقضاء رمضان والكفارة ، وبيان ذلك فيما يلي :

- صوم أيام التشريق بسبب فقد الهدي للحاج :
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين :

القول الأول : أنه لا يجوز صيام أيام التشريق مطلقا ولو لفاقد الهدي الذي لم يصم قبل يوم عرفة ، وهو قول الحنفية والقول الجديد عند الشافعية[25].

القول الثاني : أنه لا يجوز صيام أيام التشريق إلا لفاقد الهدي الذي لم يصم قبل يوم عرفة ، وهو قول الجمهور[26].

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة من القرآن  والسنة وآثار الصحابة ومن المعقول والقياس :
فمن القرآن الكريم :
- قوله تعالى : ( ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼ        ﯽ   ﯾ  ﯿ    ﰀ  ﰁ  ﰃ  ﰄ  ﰅ  ﰆ  ﰇ  ﰈ   ﰉ  ﰊ ...)[27].
وجه الاستدلال :
أن صوم الأيام الثلاثة للمتمتع الفاقد للهدي يكون قبل يوم النحر لاشتراطه عز وجل أن يكون صوم الأيام الثلاثة في الحج لا بعد فوات الحج ، لأن يوم النحر لا يجوز صومه بحال اتفاقا وما بعده من أيام التشريق ليس من أيام الحج بدليل قوله تعالى : (ﭙ  ﭚ   ﭛ  ﭜ  ﭝ    ﭞ  ﭟ  ﭠ)[28] ومعلوم أن الرفث جائز في أيام التشريق ، فدل ذلك على أنها ليست من ضمن أيام الحج ، وعلى هذا فلا يصح صوم المتمتع فيها[29].

ومن السنة :
1- قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أيام التشريق أيام أكل وشرب "[30].
وجه الاستدلال :
قوله صلى الله عليه و سلم عن أيام التشريق أنها أيام أكل وشرب يقتضي إفطارها وحرمة صيامها .

2- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه دخل على أبيه عمرو بن العاص فوجده يأكل ، قال : " فدعاني ، قال : فقلت له : إني صائم ، فقال : هذه الأيام التي نهانا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صيامهن وأمرنا بفطرهن " ، قال مالك[31] : هي أيام التشريق[32].
وجه الاستدلال :
أن الحديث صريح في النهي عن صوم أيام التشريق وهذا يشمل المتمتع أيضا[33].

ومن آثار الصحابة :
- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " الصيام للمتمتع ما بين إحرامه إلى يوم عرفة "[34].
وجه الاستدلال :
أن الأثر حدد مدة الصيام وجعل آخر مدتها إلى يوم عرفة ، وهذا يدل على أنه لا يصام في أيام التشريق وإنما يكون قبلها .

ومن المعقول والقياس :
- أن كل زمان لم يجز صومه تطوعا لم يجز صومه تمتعا كيوم الفطر والأضحى[35].

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من القرآن والسنة  وآثار الصحابة :

فمن القرآن :
- قوله تعالى : ( ﯹ  ﯺ  ﯻ  ﯼ        ﯽ   ﯾ  ﯿ    ﰀ  ﰁ  ﰃ  ﰄ  ﰅ  ﰆ  ﰇ  ﰈ   ﰉ  ﰊ...)[36].
يستدل بالآية من وجهين :
الأول : أنه لا خلاف بين أهل العلم بأن هذه الآية نزلت في يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة ، فعلم أنه أباح لهم صومها وأنهم صاموا فيها ، لأن الذي بقي من أيام العشر اليومان الثامن والتاسع ، والثامن الذى نزلت فيه الآية لا يصح صومه ، لأنه يحتاج إلى تبييت من الليل ، والعاشر يوم النحر ، والإجماع أنه لا يصام ، فعلم أنهم صاموا بعد ذلك[37].
الثاني : قوله تعالى : ( في الحج ) أي في أيام الحج وابتداؤها من الإحرام بالعمرة وانتهاؤها بآخر أيام التشريق[38].
اعترض على الوجه الثاني :
بعدم التسليم به فقوله تعالى : ( في الحج ) يحتمل أن آخر أيام الحج هو يوم النحر أو أنه يقصد به ما بعد الإحرام إلى التحلل[39].

ومن السنة :

- عن عائشة أم المؤمنين وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أنهما قالا : " لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي "[40].
وجه الاستدلال :
أن الأثر السابق له حكم الرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وحمل المطلق على المقيد واجب وكذلك بناء العام على الخاص ، فيستثنى من تحريم صوم أيام التشريق من لم يجد الهدي ولم يكن قد صام قبل أيام التشريق[41].
اعترض عليه :
أنه لا يسلم بأن الأثر مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فليس فيه أي تصريح بالرفع بل هو احتمال ، يقابله احتمال آخر وهو أن قول عائشة وابن عمر رضي الله عنهم ليس من باب الرفع وإنما هو من باب الاستنباط وما فهماه من قوله تعالى : (ﰆ  ﰇ  ﰈ   ﰉ  ﰊ...)[42] [43].
فعلى هذا لا يكون الأثر من ضمن الاستدلال بالسنة النبوية و إنما هو من ضمن الاستدلالات بأقوال الصحابة رضي الله عنهم ، وكلمة رخص مبنية للمجهول ولا يعلم يقينا من المراد بأنه المرخص .

ومن آثار الصحابة :
- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة ، فإن لم يجد هديا ولم يصم صام أيام منى " ومثله مروي عن عائشة رضي الله عنها[44].
وجه الاستدلال :
أن الأثر يفيد استثناء فاقد الهدي من النهي عن صيام أيام التشريق ، وقد سبق ذكر أنه إن لم يسلم برفع حديثهما السابق فهو من قولهما .

الترجيح :

بعد النظر في المسألة وأدلتها ، فإنه يظهر رجحان القول الأول وذلك لما يلي :
1- بالنظر في الآثار المرفوعة في المسألة فالثابت والصريح منها هو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن صيام أيام التشريق مطلقا ، أما استثناء ذلك للمتمتع الذي لم يجد هديا فإنه يظهر أنه لا يثبت فيه نص صحيح صريح مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فلو سلم بما سبق فإنه لصالح القول بالتحريم مطلقا فإنه لا خلاف في ثبوت النهي المطلق مرفوعا بين كل من الفريقين .
وحتى مع القول أن قول الصحابي " رخص " له حكم الرفع ، فالمخالف في هذه المسألة خاصة بين عدم صراحته في الرفع واحتمال صدوره عن اجتهاد ، وهو توجيه له وجاهة ، والمسألة مثال جميل أن قول الصحابي في المقدرات لا يلزم منه الرفع إطلاقا .
2- لعل أقوى ما ورد في أدلة من استثنى من النهي المتمتع الفاقد للهدي هو الاستدلال بوقت نزول قوله تعالى : (ﰆ  ﰇ  ﰈ   ﰉ  ﰊ...)[45] وحكاية الإجماع على هذا الأمر ، إلا أنه لم يظهر بحسب البحث والاطلاع ثبوت مستند الإجماع الصحيح الصريح مما يجعل حكايته محل نظر فضلا عن كونه إجماعا ظنيا .
3- ولا يخفى أن آراء الصحابة – والتي ذكر بعض منها - متعارضة فيما بينها في هذه المسألة ، وفي هذه الحالة فإنه يسقط الاحتجاج بهم ويصار إلى أدلة أخرى .
والأخذ بالقول الأول القائل بالتحريم المطلق دون استثناء هو أقل ما قيل ويتعضد بأصل الاحتياط للدين والخروج من الخلاف ، والله أعلى وأعلم .

- أما عن حكم صوم أيام التشريق صوم فرض غير الصوم بسبب فقد الهدي ، فقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال :
القول الأول : أنه غير جائز ، وهو قول الجمهور[46].

القول الثاني : أنه جائز ، وهو أحد الوجهين عند الشافعية وإحدى الروايتين عند الحنابلة[47].

القول الثالث : أنه يجوز في اليوم الأخير من أيام التشريق فقط أن يصام صوم نذر فقط دون غيره من أنواع الصوم الواجب ، وهو رواية عن مالك[48].

أدلة القول الأول :
معتمد استدلال القول الأول وهو :
- أنه قد ورد الترخيص للمتمتع فقط فلا يتعداه إلى غيره إلا بنص ، فهو إنما جوز لحاجة المتمتع فقط[49].
أما المانعون للصوم مطلقا للمتمتع ولغيره  فأدلتهم السابقة تمنع ذلك أيضا .

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من القياس وهي :
1- بما أنه ثبت جواز صوم أيام التشريق لفاقد الهدي ، ألحق به كل صوم فرض لأنه في نفس معناه ، واستثناء المتمتع الفاقد للهدي تنبيه إلى المعنى السابق[50].

2- أنه نظير الأوقات المنهي عن الصلاة فيها ، فإنه يصلي فيها ما لها سبب دون ما لا سبب لها ، وكذلك الصوم في أيام التشريق[51].

أدلة القول الثالث :
- لم تظهر بحسب البحث والاطلاع أية أدلة لهذا القول ، ويظن أن مسألة التفرقة بين اليومين الأولين من أيام التشريق في الصيام خاصة وفي اليوم الثالث منها لا يعرف لها قائل إلا ما روي عن مالك بن أنس[52].

الترجيح :

الترجيح في هذه المسألة ينبني على سابقتها ، فإن لم يجز استثناء المتمتع من النهي عن الصوم في أيام التشريق لم يجز لغيره أيضا ، أما إن قيل بالجواز للمتمتع فتنتقل المسألة إلى مسألة القياس على الرخص فهي مبنية على الخلاف حول هذا الأصل ، فإن جاز القياس على الرخص جاز أن يصوم المرء كل صيام فرض في أيام التشريق وإلا فلا ، ولم يظهر أي استدلال نصي في هذه المسألة ، والله تعالى أعلم .

المطلب الثالث : يوم الشك  :

أولا : تعريفه :

اليوم في اللغة : زمن مقداره من طلوع الشمس إلى غروبها[53].
ولا يخرج معناه الاصطلاحي عن معناه في اللغة ، إلا عند التفرقة بين النهار الشرعي والنهار الفلكي أو اللغوي ، فيفترق معه في وقت بداية اليوم لتكون من طلوع الفجر الثاني ويتفق معه في نهاية اليوم بغروب الشمس ، وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله .
أما الشك في اللغة : فهو ضد اليقين ونقيضه ، وهو التداخل بين الأمرين ، وهو حالة نفسية يتردد معها الذهن بين الإثبات و النفي ويتوقف عن الحكم[54].
والمعنى الاصطلاحي مماثل للمعنى اللغوي .

أما تعريفه مركبا :
اختلف في تعريف يوم الشك على أقوال ، إلا أنها تتفق في قدر معين ويمكن صياغة التعريف منه بحيث يكون أنه " اليوم الذي يلي التاسع والعشرين من شعبان ولم يقطع فيه بكونه أول رمضان أو المتمم لشعبان "[55].
ونظرا لتطور الحسابات الفلكية اليوم فإنه لا بد من اعتبارها أو الاستئناس بها على الأقل – وخاصة عند نفي امكانية الرؤية – وهذا بدوره سيؤدي إلى إعادة النظر في التعريفات القديمة ليوم الشك وبعض التغيير فيها ، ولهذا انعكاس على الخلاف في المسألة ونتائجه[56].

ثانيا : حكمه :

بين الفقهاء خلاف ووفاق في مسألة حكم صيام يوم الشك ، ولبيان ذلك لا بد من التفصيل في المسألة :

تحرير النزاع[57]:
- اتفق الفقهاء على أن صوم يوم الشك يحرم إن كان يقصد من صيامه أنه يوم من رمضان .
- واتفقوا أن صومه لا يكره لمن وافق يوم الشك يوم صوم قد اعتاده صاحبه ، ونقل الإجماع على هذا[58].
- واتفقوا أنه لو صامه أحد عن فرض كنذر أو قضاء أو كفارة فإنه يجزئه .
- واختلفوا في حكم من أراد صيامه صوم تطوع دون أن يوافق عادة له على ثلاثة أقوال في المسألة :

القول الأول : أنه جائز ، وهو قول الحنفية والمشهور عند المالكية[59].
القول الثاني : أنه يحرم ، وهو المعتمد عند الشافعية وقول عند الحنابلة[60].
القول الثالث : أنه يكره ، وهو ما عليه الحنابلة وقول عند الشافعية[61].

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة من السنة ، منها :

- عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له - أو لآخر - : " أصمت من سرر شعبان ؟ قال : لا ، قال : فإذا أفطرت فصم يوما - أو يومين – مكانه "[62].
وجه الاستدلال :
أن سرار الشهر هو آخر ثلاث ليال فيه ، سميت بذلك لاستسرار القمر فيها ، ودل قوله صلى الله عليه وسلم : " صم يوما مكانه " ، على أن المراد صم آخر يوم من الأيام الثلاثة لا كلها وإلا قال : صم ثلاثة أيام مكانها ، وهذا يدل على مشروعية صوم يوم الشك [63].
اعترض عليه :
- أن الحديث غير صريح في محل النزاع ، ولا يعرف كيف سيكون رده صلى الله عليه وسلم لو أجابه الرجل أنه صام من سرر شعبان أيقره أم ينهاه ؟ وقد ثبت عنه صلى الله عليه و سلم النهي كما سيأتي ، والشرائع الثابتة لا يجوز خلافها بالظنون ولا بما لا بيان فيه[64].


أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من السنة وآثار الصحابة :

- فمن السنة النبوية :
1– عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما أنه قال : " من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم "[65].
وجه الاستدلال :
أن حديث عمار له حكم الرفع لأنه نسب الحكم إلى النبي صلى الله عليه و سلم وبين أن صوم يوم الشك هو معصية له ، وهذا يدل على التحريم[66].

2- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صومه فليصم ذلك اليوم "[67].
وجه الاستدلال :
أن الحديث صريح في النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين ، واستثني منه فقط من وافقت عادته هذين اليومين ، فيبقى التطوع المطلق مندرجا تحت النهي لم يستثن منه[68].

- ومن آثار الصحابة :
- كان علي وعمر – رضي الله عنهما - ينهيان عن صوم يوم الذي يشك فيه من رمضان[69].
- عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال : " لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه " [70].
وجه الاستدلال من الآثار السابقة :
أن هذه الآثار تدل على أن الصحابة كانوا ينهون عن الصوم في يوم الشك وهذا يشمل صوم التطوع أيضا ، وقد ثبت الدليل من السنة أنه إن كان لعادة فإنه مستثنى من حكم النهي .

أدلة القول الثالث :
- استدل أصحاب القول الثالث بأدلة من السنة وآثار الصحابة والقياس :

- أما السنة :
- استدلوا بمثل الأحاديث التي استدل بها أصحاب القول الثاني ، وحملوا النهي الوارد فيها على الكراهة[71].
يعترض على ذلك :
أن النهي في الأصل يقتضي التحريم ، ولا يصار إلى الكراهة إلا بقرينة ، ولم تقم بينة صريحة تنقل النهي من التحريم إلى الكراهة[72].

ومن آثار الصحابة :
1- عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان "[73].
2- عن أسماء رضي الله عنها أنها كانت تصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان[74].
وجه الاستدلال مما سبق :
أن آثار الصحابة تدل على مشروعية صوم يوم الشك .
اعترض عليه :
أن الآثار غير صريحة في محل النزاع ، وتحتمل أن يراد منها أن صوم يوم الشك لمن اعتاده هو أفضل له ، وعلى فرض أنها مغايرة لما دلت عليه النصوص فقد سبق نقل آثار للصحابة تعارض ذلك ، فعندها يسقط الاحتجاج بها ويصار إلى أدلة أخرى[75].

- ومن المعقول والقياس :
- أن الصوم في يوم الشك هو نظير الصلاة في الأوقات المكروهة ، فيجوز إن كان لسبب ويكره إن كان لغير سبب[76].
يعترض عليه :
بعدم تسليم وجود الحكم في الأصل ، وهو لم يسلم من الخلاف في حكمه[77].

الترجيح :
يظهر بعد النظر في المسألة وأدلتها رجحان القول بحرمة صوم يوم الشك تطوعا من غير عادة وذلك لتمسك أدلته بالأصل ، أما أدلة القول بالكراهة فمحتملة ، وأما القول الأول فلم يظهر في أدلته صراحة في محل النزاع ، والله تعالى أعلم .

المطلب الرابع : يوم الجمعة :

في مشروعية صوم يوم الجمعة نزاع واجتماع بين أقوال الفقهاء ، وبيان هذه المسألة فيما سيأتي بعد تحرير النزاع :
- اتفق الفقهاء على مشروعية صوم يوم جمعة صوم قضاء أو كفارة ، والجمهور على مشروعية نذر صيامه .
- واتفقوا على مشروعية صومه تطوعا إن وافق صياما معتادا للمرء ، أو إن اقترن به صيام يوم قبله أو بعده ، أو دون تحر له .
- واختلفوا في مشروعية وحكم إفراده بالصوم تطوعا على ثلاثة أقوال :

القول الأول : وهو مشروعية واستحباب صوم يوم الجمعة ، وهو ما عليه عامة الحنفية وقول المالكية[78].
القول الثاني : وهو تحريم إفراده بالتطوع ، ويبطل نذر صومه منفردا ، وهو قول ابن حزم الظاهري[79] ومن وافقه ووجه عند الحنابلة[80].
القول الثالث : وهو كراهة إفراده بالتطوع ، وهو قول الشافعية والحنابلة[81].

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة من السنة والمعقول :

فمن السنة :
1- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر ، وقلما يفطر يوم الجمعة "[82].
وجه الاستدلال :
أن الحديث دليل على مشروعية صوم يوم الجمعة لفعله صلى الله عليه وسلم .
اعترض عليه :
أنه ليس صريحا في محل النزاع ، فليس فيه صراحة بإباحة تخصيص صوم يوم الجمعة دون صيام يوم قبله أو بعده أو موافقة عادة ، وهو محتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوما قبله أو بعده[83].

2- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " خمس من عملهن في يوم كتبه الله من أهل الجنة ، من صام يوم الجمعة ، وراح إلى الجمعة وشهد جنازة ، وأعتق رقبة "[84].
وجه الاستدلال :
أن الحديث صريح في مشروعية واستحباب صيام يوم الجمعة وظاهره يفيد جواز انفراده بالصوم أيضا .
يعترض عليه :
أن الحديث لا يسلم من الاضطراب في المتن ، فقد روي أيضا بمثل إسناده السابق دون ذكر ليوم الجمعة : " وصام يوما ، وراح يوم الجمعة ... "[85].

ومن المعقول :
- أن الأصل في صوم يوم الجمعة أنه عمل بر لا يمتنع منه إلا بدليل لا معارض له ، وهو يوم من الأيام الفاضلة فكان تعظيمه بالصوم مستحبا[86].
اعترض عليه :
أنه قد صح الدليل المعارض لهذا والمثبت للنهي عن الصوم صحة لا مطعن فيها[87]، وسيأتي ذكر ذلك .

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من السنة وآثار الصحابة :

فمن السنة النبوية :
1- سئل جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : " أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة ؟ ، فقال : نعم ورب هذا البيت "[88].
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم "[89].
3- عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال : " أصمت أمس ؟ ، قالت : لا ، قال : تريدين أن تصومي غدا ؟ ، قالت : لا ، قال : فأفطري "[90].
وجه الاستدلال من الأحاديث السابقة :
دلت الأحاديث السابقة بمجموعها على حرمة إفراد يوم الجمعة بالصيام ، والنهي المطلق في الحديث جاء بيان اختصاص النهي فيه بإفراد الجمعة بالصوم دون أن يشمل صومه دون تحر أو صومه مقترنا مع يوم قبله أو بعده كما دل على هذا المعنى الحديثان الأخيران ، كما أن في الحديث الأخير أمرا منه صلى الله عليه وسلم لزوجته جويرية رضي الله عنها بالفطر لإفرادها يوم الجمعة بالصوم والأمر يقتضي الوجوب[91].

ومن آثار الصحابة :
- عن علي رضي الله عنه قال : " لا تصم يوم الجمعة متعمدا له "[92].
- أنه مر ناس من أصحاب عبد الله بن مسعود على أبي ذر – رضي الله عنهما - يوم جمعة وهم صيام فقال : " أقسمت عليكم لتفطرن فإنه يوم عيد "[93].

وجه الاستدلال مما سبق :
أن الآثار السابقة قد بينت نهي الصحابة رضوان الله عليهم عن إفراد يوم الجمعة بالصوم ، ولا يعلم لهم مخالف في ذلك[94].

أدلة القول الثالث :
استدل أصحاب القول الثالث بأدلة من السنة ومن المعقول :
فمن السنة النبوية :
- حملوا دلالة النهي في الأحاديث التي سبق ذكرها ضمن أدلة القول الثاني على الكراهة دون التحريم لتخصيص يوم الجمعة بصيام تطوع ، وجعلوا القرينة الدالة الكراهة حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي تقدم ، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم " قلما يفطر يوم الجمعة "[95].
اعترض عليه :
بأن الأصل في النهي التحريم لا الكراهة ولا يصار إلى الكراهة إلا بقرينة ، وقد تقدم أن قرينة الكراهة محتملة وغير صريحة في محل النزاع فلا يسلم بها ، فيبقى القول بالكراهة محتاجا إلى قرينة صريحة حتى يسلم به .
أجيب عنه :
أن أثر ابن مسعود رضي الله عنه صالح لأن يكون قرينة دالة على الكراهة ، ولا يحل تركه لاحتمال ناشئ عن غير دليل معتبر[96].

ومن المعقول :
- أن يوم الجمعة يستحب فيه الإكثار من الطاعات فاستحب فيه الفطر حتى لا يضعف الإنسان عن ذلك ويقوى عليه[97].
الترجيح :
بعد النظر في المسألة وأدلتها فإنه يظهر ضعف القول الأول القائل باستحباب صوم يوم الجمعة ولو منفردا لمخالفته لنصوص النهي الصحيحة الصريحة .
فيبقى أن الترجيح متردد بين القول بالكراهة وبين القول بالتحريم ، ولعل احتمالية الكراهة أرجح لعدم يقينية التحريم ، والله أعلى وأعلم.







المطلب الخامس : صوم الدهر :

أولا : تعريف صوم الدهر :

الدهر في اللغة : هو الأمد الممدود ومدة الحياة الدنيا كلها ، والزمان الطويل ، والزمان قل أو كثر ، وألف سنة ، ومائة ألف سنة،  والنازلة ، والهمة ، والإرادة ، والغاية ، والغلبة والقهر هي أصل معناه وسمي الدهر دهرا لأنه يأتي على كل شيء ويغلبه [98].

وصوم الدهر في الاصطلاح :
هو سرد الصوم في جميع الأيام إلا الأيام التي لا يصح صومها ، وهي العيدان وأيام التشريق[99].
من خلال التعريف السابق يتضح أنه يجب استثناء الأيام التي يحرم صومها خلال صيام الدهر ، فإن صامها صائم الدهر فصومه محرم ، وقد سبق تناول حكم صوم العيدين وأيام التشريق بالتفصيل .

ثانيا : مشروعيته وحكمه :

اختلف في مشروعية وحكم صوم الدهر على ثلاثة أقوال :

الأول : أن صوم الدهر مستحب إن لم يترتب عليه ضرر أو يفوت حقا وإلا فهو مكروه، وإلى هذا ذهب المالكية والشافعية  ، وصرح الحنابلة بالجواز على الصحيح من مذهبهم[100].

الثاني : أن صوم الدهر يكره مطلقا ، وإلى هذا ذهب الحنفية وبعض الحنابلة[101].
الثالث : أن صوم الدهر محرم غير جائز ، ولا يجوز الصوم أكثر من نصف الدهر ، وإلى هذا ذهب الظاهرية ومن وافقهم[102].

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة من السنة وآثار الصحابة ومن المعقول :

فمن السنة :
1- عن عائشة رضي الله عنها أن حمزة بن عمرو الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " يا رسول الله إني رجل أسرد الصوم أفأصوم في السفر ؟ فقال : صم إن شئت وأفطر إن شئت "[103].
وجه الاستدلال :
موضع الدلالة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر على حمزة رضي الله عنه سرد الصوم ، لاسيما وقد عرض به في السفر[104].
اعترض عليه :

أن سرد الصوم لا يستلزم صوم الدهر بل المراد أنه كان كثير الصوم[105]، وقد جاءت رواية أخرى تدل على هذا المعنى بصراحة : " وكان كثير الصيام "[106].

2- عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله عز وجل لمن أطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام " وفي لفظ آخر : وأدام الصيام[107].
وجه الاستدلال :
قوله صلى الله عليه وسلم " وتابع الصيام " أو " وأدام الصيام " دال على مشروعية استمرار الصوم وصوم الدهر .
يعترض عليه :
بعدم صراحة الحديث في مسألة صوم الدهر وتحمل دلالته على الاكثار من الصيام ، لا سيما مع ورود النصوص المفيدة للنهي عن صوم الدهر ، وسيأتي بيانها إن شاء الله .

ومن آثار الصحابة :
1- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم أره مفطرا إلا يوم فطر أو أضحى "[108].
2- أن عائشة رضي الله عنها كانت تصوم الدهر فى السفر والحضر[109].
وجه الاستدلال من الحديثين السابقين :
أن صوم من ذكر من الصحابة وغيرهم للدهر دال على مشروعيته واستحبابه[110].
اعترض عليه :
أنه قد نقل عن بعض الصحابة خلاف هذا وأنهم كانوا لا يقرون صوم الدهر كما سيأتي ، كما أنه لا يسلم ثبوت صوم الدهر عن بعضهم كما هو الحال مع عائشة رضي الله عنها وغيرها من الصحابة الذين نقل عنهم صوم الدهر، فهو إنما يراد به سرد الصوم ومتابعته[111].

ومن المعقول :
- أن الصوم عمل من أعمال البر ومعلوم فضله ، فالإكثار منه ما هو إلا إكثار من الخير والطاعات[112].
- اعترض عليه :
لا يسلم بأن كل عمل صالح إذا ازداد العبد منه ازداد من الله تقربا ، بل رب عمل صالح إذا ازداد منه العبد ازداد به بعدا ، وهذا كالصلاة في الأوقات المكروهة[113]، فيكون صوم الدهر كذلك أيضا .

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من السنة ومن المعقول :

فمن السنة :
- عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام الدهر ، فقال : " لا صام ولا أفطر "[114].
وجه الاستدلال :
قوله صلى الله عليه وسلم " لا صام ولا أفطر " دليل على الكراهة ، والمعنى المراد منه هو أنه لا أجر لصيام صائم الدهر ولا إثم عليه أيضا .
اعترض عليه :
قوله صلى الله عليه و سلم " لا صام ولا أفطر " صريح أنه قد حبط صومه وبطل وهذا دليل تحريم لا كراهة[115].

ومن المعقول :
1- أن مداومة الصوم تضعف الإنسان وفيها مشقة على البدن تجعله عاجزا عن تأدية الفرائض والواجبات وتقعده عن الكسب[116].
2- أن استدامة الصيام تجعله طبعا للإنسان يعتاده ، ومبنى العبادة على مخالفة العادة[117].
3- أن في صوم الدهر شبها بالتبتل المنهي عنه[118].
أدلة القول الثالث :
استدل أصحاب هذا القول بأدلة من السنة وآثار الصحابة :

فمن السنة النبوية :
1- عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل . فقلت : بلى يا رسول الله ، قال : فلا تفعل ، صم وأفطر وقم ونم ، فإن لجسدك عليك حقا وإن لعينك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا ، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن ذلك صيام الدهر كله . فشددت فشدد علي ، قلت : يا رسول الله إني أجد قوة ؟ قال : فصم صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد عليه . قلت : وما كان صيام نبي الله داود عليه السلام ؟  قال : نصف الدهر "، وفي رواية أخرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " فصم صيام داود عليه السلام وهو أفضل الصيام ، فقال عبد الله : إني أطيق أفضل من ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لا أفضل من ذلك "[119].
وجه الاستدلال :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نص على النهي عن الزيادة عن صوم داود عليه السلام " ولا تزد عليه " وفي هذا دلالة على حرمة الزيادة عليه فالنهي يقتضي التحريم ، كما أنه لو كان جائزا لما أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن عمرو صوم الدهر ، وهذا يتضمن أيضا إفادة تقييد صوم التطوع بما لا يتجاوز نصف الدهر .
وفي قوله صلى الله عليه و سلم عن صوم داود أنه " أفضل الصيام " و " لا أفضل من ذلك " دلالة على أن من صام أكثر من ذلك فقد انحط فضله ، فإذا انحط فضله فقد حبطت تلك الزيادة بلا شك وصار عملا لا أجر له فيه ، بل هو ناقص من أجره ، فصح أنه لا يحل أصلا[120].

2- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من صام الدهر ضيقت عليه جهنم هكذا ، وقبض كفه "[121].
وجه الاستدلال :
أن الوعيد الشديد الذي في الحديث يدل على أن صوم الدهر محرم[122].
اعترض عليه :
أن الحديث يدل على فضل صوم الدهر لا الوعيد لمن يصومه ، فمعنى " ضيقت عليه " أي أنه لا يكون له فيها أي موضع فلا يدخلها[123].
أجيب عنه :
أن اللفظ غير محتمل لهذا المعنى ، فلو كان المعنى السابق مرادا لكان لفظ الحديث " ضيقت عنه جهنم " .
ويؤكد استبعاد هذا المعنى وأن المراد من الحديث هو الوعيد تلك الروايات الأخرى التي جاء لفظها : " ضيق الله عليه جهنم ... "[124] [125].

3- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها ... قال أحدهم : أما أنا فإني أصلي الليل أبدا ، وقال آخر أنا : أصوم الدهر ولا أفطر ... فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له ، لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني "[126].
وجه الاستدلال :
أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن صوم الدهر لم يكن من هديه ، وكلامه يدل على إنكار صنيع الرجل الذي كان يصوم الدهر ، وأعقب ذلك بتوعد أنه من رغب عن سنته صلى الله عليه وسلم فليس منه[127].

ومن آثار الصحابة :
1- أنه كان رجل يصوم الدهر، فقال عمرو بن ميمون[128]: " لو أدرك هذا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجموه "[129].
2- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلغه أن رجلا يصوم الدهر ، فعلاه بالدرة وجعل يقول : " كل يا دهر ، كل يا دهر "[130].
وجه الاستدلال من الآثار السابقة :
أنها بينت أنه كان من هدي الصحابة عدم إقرار صوم الدهر ، بل وقد كان الزجر عنه يتعدى إلى مرحلة التعزير وهذا مما يدل على حرمة صوم الدهر عندهم ، إذ لو كان مباحا لما تعدى الأمر إلى العقوبة والضرب عليه[131].

الترجيح :

يظهر بعد النظر في المسألة وأدلتها رجحان القول الثالث القائل بحرمة صوم الدهر وصحة تقديره بحرمة زيادة صوم التطوع عن نصف الدهر ، وذلك لقوة أدلته في محل النزاع حيث أنه بين ترتب العقوبة على صائم الدهر ، وترتيب الشارع العقوبات على الفعل هو من دلالات تحريمه .
أما القول بالاستحباب فيظهر بعده ومخالفته لنصوص الشارع ولم يثبت له نصا صريحا في المسألة ، وأما القول بالكراهة فلم يسلم دليله النصي من المناقشة ، كما أن بعض تعليلاته للكراهة أليق بالتحريم منها كوقوع الضرر والتبتل .
ومصدر التحريم وإثباته لما زاد على نصف الدهر هو السنة النبوية ، وفي المسألة مثال للاستفادة من دلالة النهي على حرمة ما زاد على المقدار المنهي عنه ، والله تعالى وأعلم .

المطلب السادس : صوم يوم النيروز ويوم المهرجان :

النيروز هو : أول يوم في الربيع تحل فيه الشمس برج الحمل ، وهو معرب أصله نوروز ، والمهرجان هو : أول يوم في  الخريف تحل فيه الشمس برج الميزان ، وهو معرب أصله مهراكان ، ويقال أنهما يومان من أعياد المجوس[132].

بالنسبة لحكم صومهما ، فقد ذهب جمهور الحنفية والحنابلة إلى كراهية تخصيص يومي النيروز والمهرجان بالصوم وذلك لما فيه من التشبه بالمجوس حيث أنهما يومان معظمان عندهم ، إلا إن وافقا صوما معتادا للإنسان فتنتفي الكراهة[133].

وخالف بعض الحنابلة بأنه لا يكره صومهما وذلك لأن المجوس لا يعظمونهما بالصوم أصلا فلا وجه للتشبه[134].

والناظر فيما ينقل عن صفة هذين اليومين يجد أنهما يوما أكل وشرب وإظهار للفرح واللعب[135]، مما يقوي أنهما لا يعظمان بصيام فبالتالي تنتفي الكراهة لعلة المشابهة ، والله تعالى أعلم .





[1] الأعراف : 88 .
[2] العين للخليل بن أحمد (2/217) ، لسان العرب لابن منظور الأفريقي (3/315) ، معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس (4/181) ، المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى وآخرين (2/635) .
[3] معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس (4/510) ، المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى وآخرين (2/694) ، الأم لمحمد الشافعي (1/230) ، دستور العلماء لعبد النبي الأحمد نكري (2/275) .
[4] لسان العرب لابن منظور الأفريقي (5/195) ، مختار الصحاح لمحمد الرازي ص 158 ، المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى وآخرين (1/535) و(2/906) ، دستور العلماء لعبد النبي الأحمد نكري (2/275) ، الأم لمحمد الشافعي (1/230) ، فتح الوهاب شرح منهج الطلاب لزكريا الأنصاري (5/250) .
[5] الكوثر : 2 .
[6] جامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري (30/326) ، الجامع لأحكام القرآن لمحمد القرطبي (20/218) .
[7] الأعلى : 14 –  15 .
[8] جامع البيان عن تأويل آي القرآن لابن جرير الطبري (30/157) ، الجامع لأحكام القرآن لمحمد القرطبي (20/21).
[9] رواه أبو داود في سننه (1/441) كتاب الصلاة ، باب صلاة العيدين ، رقم : 1136 ، ورواه أبو يعلى في مسنده (6/439) رقم : 3820 ، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (5/20) رقم : 2021 .
[10] عون المعبود شرح سنن أبي داود لمحمد العظيم آبادي (3/341) .
[11] انظر : المغني لابن قدامة المقدسي (2/117) ، فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن رجب الحنبلي (6/68) .
[12] رواه البخاري في صحيحه (2/702) كتاب الصوم ، باب صوم يوم الفطر ، رقم : 1890 ، ورواه مسلم في صحيحه (2/799) رقم : 1138 .
[13] شرح صحيح البخاري لابن بطال البكري (4/136) .
[14] رواه البخاري في صحيحه (2/702) كتاب الصوم ، باب صوم يوم الفطر ، رقم : 1889 ، ورواه مسلم في صحيحه (2/799) رقم : 1137 .
[15] شرح صحيح البخاري لابن بطال البكري (4/139) .
[16] شرح صحيح البخاري لابن بطال البكري (4/136) ، فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني (4/234) ، اختلاف الأئمة العلماء لأبي المظفر الشيباني (1/251) ، الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/455) .
[17] لسان العرب لابن منظور الأفريقي (10/176) ، تهذيب اللغة لمحمد الأزهري (8/252) ، تهذيب الأسماء واللغات ليحيى النووي (3/192) ، المطلع على أبواب المقنع لمحمد البعلي ص 108 ، طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية لعمر النسفي ص 87 .
[18] البقرة : 203 .
[19] تهذيب الأسماء واللغات ليحيى النووي (3/192) .
[20] رواه مسلم في صحيحه (2/800) كتاب الصيام ، باب تحريم صوم أيام التشريق ، رقم : 1141 ، والبيهقي في السنن الكبرى (3/312) رقم : 6488 .
[21] انظر : شرح صحيح مسلم ليحيى النووي (8/17) .
[22] المحلى لعلي بن حزم (3/31) .
[23] انظر : الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (4/238) ، المحلى لعلي بن حزم (3/31) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/417)  .
[24] انظر : الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (4/238) ، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي لمحمد المباركفوري (3/404) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/417) ، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل لمحمد الألباني (4/131) .
[25] انظر : المبسوط لمحمد السرخسي (3/81) ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/173)  ، الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/455) ، المهذب في فقه الإمام الشافعي لأبي إسحاق الشيرازي (1/189) .
[26] انظر : الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (4/238) ، التهذيب في اختصار المدونة لابن أبي القاسم القيرواني (1/136) ، الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/455) ، المهذب في فقه الإمام الشافعي لأبي إسحاق الشيرازي (1/189) ، مختصر الخرقي من مسائل الإمام أحمد بن حنبل لعمر الخرقي ص 52 ، عمدة الفقه لابن قدامة المقدسي (1/37) .
[27] البقرة : 196 .
[28] البقرة : 197 .
[29] شرح معاني الآثار لأبي جعفر الطحاوي (2/157) ، أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن لمحمد الأمين الشنقيطي (5/176) .
[30] رواه مسلم في صحيحه (2/800) كتاب الصيام ، باب تحريم صوم أيام التشريق ، رقم : 1141 ، والبيهقي في السنن الكبرى (3/312) رقم : 6488 .
[31] مالك بن أنس بن مالك الأصبحي المدني ، أبو عبد الله إمام دار الهجرة (93-179هـ) .
انظر : صفة الصفوة لعبد الرحمن بن الجوزي (2/177) ، تهذيب الكمال في أسماء الرجال ليوسف المزي (27/92).
[32] رواه مالك في الموطأ (1/376) كتاب الحج ، باب ما جاء في صيام أيام منى ، رقم : 840 ، وابن خزيمة في صحيحه (3/311) جماع أبواب ذكر الأيام ، باب الزجر عن صيام أيام التشريق ، رقم : 2149 ، وصحح إسناده محقق الكتاب محمد الأعظمي .
[33] المبسوط لمحمد السرخسي (3/81) .
[34] رواه ابن جرير الطبري في جامع البيان عن تأويل آي القرآن (2/247) وحسنه أحمد شاكر في تحقيقه لجامع البيان .
[35] الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/455) .
[36] البقرة : 196 .
[37] شرح صحيح البخاري لابن بطال البكري (4/138) ، الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/455) .
[38] منحة العلام في شرح بلوغ المرام لعبدالله الفوزان (5/102) .
[39] الجامع لأحكام القرآن لمحمد القرطبي (2/400) ، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني لمحمود الألوسي (2/83) ، الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل لمحمود الزمخشري (1/267).
[40] رواه البخاري في صحيحه (2/703) كتاب الصوم ، باب صيام أيام التشريق ، رقم : 1894 ، وابن أبي شيبة في مصنفه (3/155) رقم : 12996 .
[41] تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي لمحمد المباركفوري (3/404) ، إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل لمحمد الألباني (4/133) .
[42] البقرة : 196 .
[43] فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني (4/243) .
[44] رواه البخاري في صحيحه (2/703) كتاب الصوم ، باب صيام أيام التشريق ، رقم : 1895 ، ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (5/24) رقم : 9152 .
[45] البقرة : 196 .
[46] المبسوط لمحمد بن الحسن (2/217) ، المبسوط لمحمد السرخسي (3/81) ، الأم لمحمد الشافعي (2/259) ، الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/456) ، مختصر الخرقي لعمر بن الحسين ص 52 ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/51)  .
[47] الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/456) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/454) ، مختصر الخرقي لعمر بن الحسين ص 52 ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/51) .
[48] تهذيب المدونة لابن أبي القاسم القيراوني (1/136) ، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الامصار لابن عبد البر القرطبي (4/238) .
[49] الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/456) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/455) .
[50] الحاوي الكبير لعلي الماوردي (3/456) ، ابن قدامة ، عبد الله بن أحمد المقدسي ( بدون سنة نشر ) الكافي في فقه الإمام المبجل أحمد بن حنبل . بيروت : المكتب الإسلامي (1/346) .
[51] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/455) .
[52] انظر : الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (4/238) .
[53] لسان العرب لابن منظور الأفريقي (12/649) ، المعجم الوسيط (2/1067) .
[54] لسان العرب لابن منظور الأفريقي (10/451) ، معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس (3/173) ، المعجم الوسيط (1/491) .
[55] انظر : شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/315) ، شرح حدود ابن عرفة لمحمد الرصاع (1/160) ، تحرير ألفاظ التنبيه ليحيى النووي ص 13، المطلع على أبواب الفقه لمحمد البعلي ص 155 ، القاموس الفقهي لسعدي أبو جيب ص 200 .
[56] موسوعة القضايا الفقهية والاقتصاد الإسلامي لعلي السالوس ص 678 وما بعدها .
[57] انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/78) ، الهداية شرح البداية لعلي المرغياني (1/119) ، بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد القرطبي (1/226) ، الذخيرة لأحمد القرافي (2/502) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/426) ، فتح الوهاب شرح منهج الطلاب لزكريا الأنصاري (2/324) ، الكافي في فقه ابن حنبل لابن قدامة المقدسي (1/363) ، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (1/410) .
[58] الهداية شرح البداية لعلي المرغياني (1/120) .
[59] انظر : الهداية شرح البداية لعلي المرغياني (1/120) ، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق لعثمان الزيلعي (1/317) ، مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/393) ، شرح الخرشي على مختصر سيدي خليل لمحمد بن عبد الله (2/238) .
[60] انظر : المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/427) ، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار لأبي بكر الحصني ص 202 ، الإنصاف في معرف الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/349) ، شرح الزركشي على مختصر الخرقي لمحمد بن عبد الله (1/411) .
[61] انظر : فتح الوهاب شرح منهج الطلاب لزكريا الأنصاري (2/324) ، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للخطيب الشربيني (1/239) ، الإنصاف في معرف الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/349) ، شرح الزركشي على مختصر الخرقي لمحمد بن عبد الله (1/411) .
[62] رواه مسلم في صحيحه (2/818) كتاب الصيام ، باب صوم سرر شعبان ، رقم : 1161 ، والأحاديث التي جاءت بعده ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (4/210) رقم : 8223 .
[63] شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/316) .
[64] المحلى لعلي بن حزم (7/25) .
[65] رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/208) كتاب الصوم ، باب النهي عن استقبال الشهر ، رقم : 8206 ، والحاكم في المستدرك وصححه (1/585) رقم : 1542 .
[66] سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني (2/151) .
[67] رواه البخاري في صحيحه (2/676) كتاب الصوم ، باب لا يتقدمن رمضان بصوم يوم أو يومين ، رقم : 1815 ، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (4/207) رقم : 8192 .
[68] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/426) .
[69] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/322) كتاب الصيام ، باب ما قالوا في اليوم الذي يشك فيه بصيام ، رقم : 9489 ، والبيهقي في السنن الكبرى (4/209) كتاب الصوم ، باب النهي عن استقبال الشهر ، رقم : 8211 ، وضعفه النووي في المجموع (6/445) .
[70] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/322) كتاب الصيام ، باب ما قالوا في اليوم الذي يشك فيه بصيام ، رقم : 9491 ، والبيهقي في السنن الكبرى (4/209) كتاب الصوم ، باب النهي عن استقبال الشهر ، رقم : 8212 ، وضعفه ابن الجوزي في التحقيق في أحاديث الخلاف (2/73) .
[71] المغني لابن قدامة المقدسي (3/4) .
[72] التبصرة لأبي إسحاق الشيرازي ص 99 ، سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني (2/151) ، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار لمحمد الشوكاني (4/266) .
[73] رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/211) كتاب الصوم ، باب من رخص الصحابة في صوم يوم الشك ، رقم : 8227 ، ورواه أحمد في مسنده (6/125) رقم : 24989 ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/194) : " رجاله رجال الصحيح " .
[74] رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/211) كتاب الصوم ، باب من رخص الصحابة في صوم يوم الشك ، رقم : 8228 ، وقال عبد العزيز الطريفي في التحجيل ص 145 : " إسناده صحيح " .
[75] انظر : المحلى لعلي بن حزم (7/25) ، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار لمحمد الشوكاني (4/267) .
[76] فتح الوهاب شرح منهج الطلاب لزكريا الأنصاري (2/324) .
[77] انظر : سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني (1/112) .
[78] شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/350) ، درر الحكام شرح غرر الأحكام لملا خسرو (2/446) ، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (3/380) ، شرح مختصر خليل لمحمد الخرشي (2/260) .
[79] علي بن أحمد بن سعيد القرطبي الأندلسي ، الإمام أبو محمد الظاهري (384-456هـ) .
انظر: الوافي بالوفيات لخليل الصفدي (20/93) ، معجم الأدباء لياقوت الحموي (3/547) .
[80] المحلى لعلي بن حزم (7/20) ، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار لمحمد الشوكاني (4/337) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/347) .
[81] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/448) ، كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار لأبي بكر الحصني ص 208 ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/52) ، الفروع لمحمد بن مفلح (3/91) .
[82] رواه النسائي في المجتبى (4/204) كتاب الصيام ، باب صوم النبي صلى الله عليه و سلم ... ، رقم :2368 ، ورواه الترمذي في سننه وقال : " حسن غريب " (3/188) كتاب الصوم ، باب صوم يوم الجمعة ، رقم : 742 .
[83] المحلى لعلي بن حزم (7/21) ، : سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني (2/170) .
[84] رواه أبو يعلى في مسنده (2/312) رقم : 1044 ، وسيأتي ذكر حكمه .
[85] رواه ابن حبان في صحيحه (7/6) كتاب الصلاة ، باب صلاة الجمعة ، رقم : 2771 ، وقال محقق الكتاب شعيب الأرناؤوط : " إسناده قوي " .
[86] الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (3/382) .
[87] اللمعة في خصائص الجمعة لعبد الرحمن السيوطي ص 153 .
[88] رواه مسلم في صحيحه (2/801) كتاب الصيام ، باب كراهية صيام يوم الجمعة منفردا ، رقم : 1143 ، ورواه البخاري في صحيحه (2/700) رقم : 1883 .
[89] رواه مسلم في صحيحه (2/801) كتاب الصيام ، باب كراهية صيام يوم الجمعة منفردا ، رقم : 1144 ، ورواه النسائي في السنن الكبرى (2/141) رقم : 2751 .
[90] رواه البخاري في صحيحه (2/701) كتاب الصوم ، باب صوم يوم الجمعة ، رقم : 1885 ، ورواه النسائي في السنن الكبرى (2/142) رقم : 2753 .
[91] انظر : سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني (2/170) ، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار لمحمد الشوكاني (4/337) .
[92] رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/285) كتاب الصوم ، باب جواز قضاء رمضان فى تسعة أيام من ذى الحجة ، رقم : 8657 ، وابن أبي شيبة في مصنفه (2/302) كتاب الصيام ، ما ذكر في صوم الجمعة وما جاء فيه ، رقم : 9245 ، وقال عنه ابن القطان في بيان الوهم و الإيهام (2/516) : " ... لا يصح "
[93] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/302) كتاب الصيام ، ما ذكر في صوم الجمعة وما جاء فيه ، رقم : 9244 ، وصحح إسناده الألباني في إرواء الغليل (4/117) .
[94] المحلى لعلي بن حزم (7/21) .
[95] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/450) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/52) .
[96] عمدة القاري شرح صحيح البخاري لمحمود العيني (11/105) .
[97] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/450) .
[98] لسان العرب لابن منظور الأفريقي (4/292) ، معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس (2/305) ، المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى وآخرين (1/299) .
[99] المجموع ليحيى النووي (6/415) .
[100] بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد القرطبي (1/227) ، الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (3/333) ، الشرح الكبير لعبد الكريم الرافعي (6/473) ، منهاج الطالبين وعمدة المفتين ليحيى النووي ص 37 ، شرح الزركشي على مختصر الخرقي لمحمد بن عبد الله (1/442) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/342) .
[101] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/350) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/53) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/342) .
[102] المحلى لعلي بن حزم (7/12) سبل السلام شرح بلوغ المرام لمحمد الصنعاني (2/173) .
[103] رواه مسلم في صحيحه (2/789) كتاب الصيام ، باب التخيير في الصوم والفطر في السفر ، رقم : 1121 ، والبخاري كما سيأتي .
[104] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/416) .
[105] نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار لمحمد الشوكاني (4/343) .
[106] رواه البخاري في صحيحه (2/686) كتاب الصوم ، باب الصوم في السفر والإفطار ، رقم : 1841 ، ومسلم كما تقدم .
[107] رواه أحمد في مسنده (5/343) رقم : 22956 ،و رواه ابن خزيمة في صحيحه (3/306) كتاب الصيام ، باب ذكر ما أعد الله جل وعلا في الجنة من غرف لمداوم الصيام ... ، رقم : 2137 ، ووثق رجاله الهيثمي في مجمع الزوائد (3/249) .
[108] رواه البخاري في صحيحه (3/1041) كتاب الجهاد والسير ، باب من اختار الغزو على الصوم ، رقم :2673 ، والبيهقي في السنن الكبرى (4/301) رقم : 8748 .
[109] رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/301) كتاب الصوم ، باب من لم ير بسرد الصيام ، رقم : 8746 ، والطحاوي في شرح معاني الآثار (2/71) رقم : 3015 ، وصحح إسناده النووي في المجموع (6/417) .
[110] انظر : المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/416) .
[111] فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني (4/222) ، المحلى لعلي بن حزم (7/15) .
[112] الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (3/333) ،
[113] فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني (4/223) .
[114] رواه مسلم في صحيحه (2/818) كتاب الصيام ، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ... ، رقم : 1162 ، والنسائي في السنن الكبرى (2/124) رقم : 2683 .
[115] المحلى لعلي بن حزم (7/14) .
[116] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79)  ، شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/350)  ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/53) .
[117] شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/350) .
[118] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/53) .
[119] رواه البخاري في صحيحه (2/796) كتاب الصوم ، باب صوم الدهر ، رقم : 1874 و 1875 ، ورواه مسلم في صحيحه (2/812) رقم : 1159 .
[120] المحلى لعلي بن حزم (7/13) .
[121] رواه أحمد في مسنده (4/414) رقم : 19728 ، ورواه ابن خزيمة في صحيحه (3/313) كتاب الصيام ، باب فضل صيام الدهر إذا أفطر الأيام التي زجر عن الصيام فيها ، رقم : 2154 ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (3/249) : " رجاله رجال الصحيح " .
[122] المحلى لعلي بن حزم (7/16) ، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار لمحمد الشوكاني (4/343) .
[123] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/416) ، أسنى المطالب في شرح روض الطالب لزكريا الأنصاري (1/432) .
[124] رواه الطبراني في المعجم الأوسط (3/83) رقم : 2562 ، وعبد بن حميد في المنتخب ص 197 ، رقم : 563 .
[125] المحلى لعلي بن حزم (7/16) .
[126] رواه البخاري في صحيحه (5/1949) كتاب النكاح ، باب الترغيب في النكاح ، رقم : 4776 ، وابن حبان في صحيحه (2/20) رقم : 317 .
[127] انظر : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/229) .
[128] عمرو بن ميمون الأودي ، أبو عبد الله الكوفي ، توفي (74هـ) .
انظر : التاريخ الكبير لمحمد البخاري (6/367) ، تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني (8/96) .
[129] رواه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/308) رقم : 497 ، ورجاله ثقات كما أشار إلى ذلك محقق الكتاب محمود شاكر ، غير أنه لم يظهر ذكر حال محمد بن المثنى – وربما كان خطأ بالطباعة – وهو ثقة أيضا ، انظر : تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني (30/425) .
[130] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/328) كتاب الصيام ، باب من كره صوم الدهر ، رقم : 9556 ، ورواه عبد الرزاق في مصنفه (4/298) كتاب الصيام ، باب صيام الدهر ، رقم : 7871 ، وصححه ابن حزم في المحلى (7/16) .
[131] انظر : المحلى لعلي بن حزم (7/15) .
[132] انظر : شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (6/452) ، مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر (3/92) .
[133] انظر : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/350) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/53) ، الفروع لمحمد بن مفلح المقدسي (3/93) .
[134] انظر : الفروع لمحمد بن مفلح المقدسي (3/93) ، كشاف القناع عن متن الإقناع لمنصور البهوتي (2/341) .
[135] انظر : مجموع الفتاوى لأحمد بن تيمية (25/329) ، الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي (4/239) ، شرح مختصر خليل لمحمد الخرشي (7/193) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق