الأحد، 13 أكتوبر 2013

حيرة الأمام !!


هي تلك اللحظات التي تدرك فيها أنك قد أصبت ما كنت ترنو إليه بل قد تجاوزته ، ليس هذا فحسب بل أنك ببلوغك تلك التلة وجدت نفسك قد حققت حلما طال انتظاره لكن دون تلك المشاعر التي كنت توقعتها قديما حين تصل قمة التلة فتدرك أن كل ما فعلته ليس سوى إحماء لبداية الانطلاق من الصفر ... مرة أخرى ، ويا لصعوبة البدايات !

حينها هل هناك ما يساعد لبدء رحلة جديدة سوى آمال جديدة وتنقيب في الذاكرة وما خلفها عن تلك الجزرة التي تدفع النفس للأمام ؟ لا تدري هل رحلة الحياة تستحق أن تمضي قدما في تلال جديدة وأراض شاسعة أخرى أم نستظل تحت شجرة الراحة حفاظا على الوقت وعلى تلك الحمولة التي تزداد كلما زاد نفاد رصيد العمر مكتفين بتلك الغنائم التي سقطت قيمتها من أعيننا لما عرفنا حقيقتها بتملكها لكن لا تزال محل غبطة عند ألئك الذين لم يعرفوها !

نود أحيانا أن نلغي نظرة المجتمع عن التدخل في سير رحلتنا الوحيدة ، ولكنهم ضمن الرحلة جبرا واختيارا ، ومن يضمن أن الرحلات السابقة أو المستقبلة ليس لمحيطنا أي تأثير بها ؟ فحين تود أن تمضي وحدك ستجد أنك لا تكاد تعرف نفسك و أنك تعيد تعريف نفسك بما يتجاوزها إلا إن قررت التضحية بأجزاء من نفسك لتسير بعدها فاقدا بعض أجزاءك متألما ... نعم قد تجاوز بعضهم الألم حين حسموا بالزيت تلك الجراح ، ولكن ماذا بعد ذلك ؟ هل رحلتنا تستحق تلك التكاليف  ؟

أقسى ما في تلك الرحلات هو أكثرها إثارة ومتعة ، فحين تجد النهاية ليست سوى بداية تذوق طعم الإحباط لبلوغك سرابا ، وفي حين تسعد وتشرق في ذلك العالم الجديد ، ولكن تبقى تلك اللحظات المفصلية ما بين الرحلتين حين تنازعك نفسك الأرضية ونفسك السماوية حول الخلود إلى الأرض أو المغامرة لبلوغ قمة فعلية ...

في كل لحظة وخاصة تلك العصيبة والمفصلية نفهم جيدا أن ذاتنا نصفين صديق وعدو ، وندرك أيضا حدس الروح وخداع العقل ، لكن مع تكرارها نجد صراع الذات يكبر فنضطر كالسلاحف أن نبيت داخل الأصداف منعزلين ريثما ينبت استقرار لا ندري بعده ما يخرج من تلك الأصداف !

دمتم بخير 
محمد الفودري