الثلاثاء، 9 يوليو 2013

مؤامرة إخفاء ليلة القدر !!




هل فعلا ليلة القدر محصورة في العشر الأواخر وأنها أقوى ما تكون في ليلة سبع وعشرين ؟! أليس هناك تصريح قرآني يحدد هذه الليلة العظيمة ؟

باختصار شديد

بالنظر في كتاب الله تعالى فهو يبين أن ليلة القدر في رمضان ، لأن الله أخبر أنه أنزل القرآن في ليلة القدر ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) وأنه أنزله في رمضان ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) فوجب أن تكون ليلة القدر في رمضان ، كما أن القرآن يشير إلى بقاء ليلة القدر واستمراريتها بدليل التعبير بالفعل المضارع في قوله تعالى : (      ) فهو مؤذن بأن هذا التنزّل متكرر في المستقبل بعد نزول هذه السورة ، ومثل هذا يقال أيضا في قوله تعالى : (   ) .

طيب أليس في القرآن أي تحديد أو إشارة إلى هذه الليلة ؟

قال تعالى : ( إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان ) يوم التقى الجمعان يوم غزوة بدر اتفاقا ، فما هو يوم الفرقان وما الذي نزل فيه على عبد الله محمد صلى الله عليه وسلم ؟   والآية تشير إلى أن يوم الفرقان هو يوم موافق يوم التقاء الجمعين لا أنه عينه .

التفسير السائد في التراث بأن الفرقان هو النصر يوم بدر حيث فرق بين الحق والباطل تفسير ضعيف جدا ، فمجرد النصر العسكري في معركة ليس دلالة على الحق ، بل على هذا المعنى يلزم أن نصر المشركين يوم أحد هو دلالة أن الحق معهم .

التفسير الأقرب لروح القرآن أن يحمل الفرقان على أنه القرآن وهذا المعنى وارد قرآنيا ويحتمله سياق آية الأنفال أيضا :

( تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده )
( وأنزل التوراة والإنجيل ، من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان )

فما معنى الفرقان في الآيات السابقة ولم لا تحمل كلمة الفرقان في سورة الأنفال عليه أيضا ؟! خاصة مع الضعف البين للمعنى الذي يذكره أغلب المفسرين وأنه لا يستقيم مع السياق .

وقد قال بتحديد ليلة القدر أنها اليوم الذي صادف يوم معركة بدر بعضٌ من الآل والأصحاب وغيرهم فليس بمحدث أو جديد ، وإنما هو عرض لقول اندثر ولم ينل حظا من النظر رغم قرآنيته ، وتجدر الإشارة أن يوم بدر مختلف فيه بين يومين :  السابع عشر أو التاسع عشر والأول تأييده أظهر ، ويكون شرف يوم معركة بدر أيضا أنه جاء موافقا ليوم ليلة القدر التي نزل فيها القرآن ، فكأنه احتفاء بمناسبتين وافقت إحداهما الأخرى .

أين المؤامرة في إخفاء ليلة القدر :

مثل هذه الليلة العظيمة الفارقة في حياة البشرية من المستحيل والغريب جدا أن يصور لنا التراث أنها مجهولة الهوية أوأنها متنقلة لم يعرفها النبي صلى الله عليه وسلم ولا من كان معه وقت نزول القرآن ! إلا إن كانت هناك فئة لها نفوذ سلطوي جبار تكره أن توافق ليلة القدر يوم هزيمتها الساحقة في معركة بدر .

أكثر قريش لم يؤمن أصلا بنص القرآن الكريم ( لقد حق القول على أكثرهم فهو لا يؤمنون ) وقد تولى أحدهم السلطة ممن قُتل كثير من أحبابه وأقربائه في تلك المعركة فمن الطبيعي أن يرفض هذا التخليد لاقتران يوم ليلة القدر بيوم معركة بدر التي كانت يوما أسودا على قومه ، فحاول تضليل هذه الليلة بقدر الإمكان وقد نجح لا سيما مع سلطته القوية ونفوذه على بعض رواة الحديث ، وهذا الوالي نفسه هو أحد رواة تحديد ليلة القدر بإحدى ليالي العشر الأواخر  من رمضان ، ومن يتتبع سيرته متجردا يجد أن مجرد تحديده لليلة القدر شبهة تستلزم التحري والتمحيص .

بل ومما يؤكد وجود العبث السياسي الأموي بهذه الليلة هو أن أشهر وأول من عرف بإنكار ليلة القدر هو الحجاج بن يوسف الثقفي كما ورد في التاريخ والسير ، ولن يظهر الحجاج خادم السلطة الأموية المطيع هذا الرأي عبثا إلا إن وافق هوى أسياده .

الطرح السابق هو محاولة للبحث عن سبب غموض ليلة القدر وما يروى حول اختفاءها من أمور غير منطقية .

ورغم الإطالة فما سبق موجز شديد وينبغي التأكيد على أنه مجرد (( رأي شخصي ))

ونصيحة شخصية : عامل كل ليلة في رمضان وكأنها ليلة القدر وأرح نفسك من هم تتبع الخلاف ...

فإن كان ثمة أمر جدير بالتحوط فهو مثل موضوع ليلة القدر ، وأقوى الدلائل أنها منحصرة في رمضان ، وأما أنها محصورة في إحدى ليالي العشر الأواخر فمحتمل ووارد كما يحتمل أيضا عدم انحصارها في العشر وبطلان أحاديثها خاصة مع وجود أقوال أخرى تحدد ليال خارج العشر ولأدلتها وجاهة لا تنكر ، وكذلك إن قيل بتنقل ليلة القدر بين ليالي الشهر – على غرابته وعدم وجود نص شرعي يصرح به  - فعدم حصر التنقل في ليالي العشر الأواخر وارد ومحتمل أيضا ، فالأسلم والأحوط تعميم الجد والاجتهاد طيلة ليالي الشهر الفضيل لضمان عدم إضاعة ثواب خير الليالي ، والله أعلى وأعلم .

ومبارك عليكم الشهر وتقبل الله طاعتكم ووفقكم لكل خير

محمد الفودري