الأحد، 16 يونيو 2019

مشاركة لأفكار عن قصة الخضر وموسى وقتل الغلام




ما توجيه قتل الخضر للغلام؟

مجرد مشاركة لأفكار

أولا: رمزية القصة
القصة محيرة تخاطب حاسة الذوق والعرفان أكثر منها عقلية صارمة
وهي رمزية بامتياز تؤكد أن الإيمان لغز ودرجات تخفى ع الأنبياء أنفسهم
لا تناسب من لا يؤمن بإله طبعا

نجح بعضهم في ربط الأحداث الثلاثة بقصة موسى نفسه:

ألقيه في اليم = خرق السفينة
قتله للقبطي = قتل الخضر للغلام
مساعدته للمرأتين لما وصل مدين بلا أجر  = بناء الحائط لليتيمين بلا أجر


واضح أنها دروس استثنائية لموسى تحديدا ظاهرها شر ومآلها خير تذكره بحياته نفسها
تعلمه أنه لولا تلك الشرور غير المفهومة حينها لما ظهر ذلك الخير
هذا الدرس العام والله أعلم بالخاص

ثانيا: كيف نفهم القصة؟

قتل الخضر للغلام البريء جريمة كبيرة في كل الأديان
وقد استنكره موسى نفسه
وتؤكد قضية تعدد أقدار الإنسان ووجود المستقبل الآن

لكن ما تثيره عقليا:

كيف يمكن قتل بريء لم يرتكب جريمه لشيء لم يفعله أو سيفعله لاحقا؟
وكيف يفعل هذا نبي؟
لا أظن أن لدى العقل الإيماني أكثر من الإجابة التالية:

أنها قصة

الحادثة استثناء لا يقاس عليه شيء ولا يغير قبح القتل ولا يبرره وهو ضمن قصة
والقصص تساق لفهم مرادها الكلي لا الجزئي ولو فهمت جزئيا لكان سذاجة
لو أن أحدا فهم من قصة ليلى والذيب أن الذئاب تتكلم لكان ساذجا بلا ريب فالقصة مرادها الأساسي غير المنطوق:
عصيان الوالدين بالحديث مع الغرباء يؤدي للمتاعب

لا أحد يستدل من قصص القرآن على جواز إلقاء الأخ المحبوب في بير
أو جواز الكذب على الأب
ولا جواز إلقاء الطفل الرضيع في البحر إذا خفت عليه
فالقصص لم تأت لهذا أصلا وإنما تفهم وتدرس بأدوات قصص والأدب المعرفية

ثالثا ضمائر القصة:
أظن أن للضمائر دورها
وربما تتعلق بدرجات العلم الغيبي للبشر :
١ في السفينة جاء الضمير للخضر = فأردت أن أعيبها
٢ في الغلام جاء الضمير بصفة  جمع = فخشينا .. فأردنا
لمن الضمير؟
خلاف:
أ أنه لله وهو بعيد فالسياق للخضر
ب أنه للخضر ولله وهو محتمل وأقرب 
ج أنه للخضر وحده جاء مفخما لفخامة العلم المطلع عليه وعظم الفعل الناتج عنه
٣ الجدار = أراد ربك 
ضمير إلهي بحت

رابعا: احتمال عدم براءة الغلام
هذا الاحتمال تؤكده قراءة غير جزرية
(وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين)
وبه ترفض تبرئة موسى للغلام
وبه يرفض القول أن الغلام دون الاحتلام وإلا لما وصف بالكفر
ونعته بالكفر دليل جرم شديد ارتكبه وربما كان ذلك الجرم قتلا، وفي الأدبيات الدينية علاقة بين الكفر والقتل كما نقل عن النبي ص: "وقتاله كفر"


أخيرا

كان النبي إبراهيم ع يتسائل عن غيبيات مبررا (ليطمئن قلبي)
ليقول حفيده  صلى الله عليه وسلم من بعده : "نحن أحق بالشك من إبراهيم"

شكنا في الإيمان ومراجعته المستمرة حق لنا وينضج فهمنا وروحنا
 ولا عيب من الخطأ والصواب في هذه الرحلة المعقدة، في خرائب الحيرة نجد كنز اليقين، ومهما فعلنا فستبقى حيرتنا 
وذلك لأننا نبحث عن الظاهر الباطن الذي ليس كمثله شيء

جاءت في سفر أشعياء مقولة للرب:
"لأن أفكاري ليست أفكاركم ولا طرقكم طرقي"
بتعبير القرآن
(لا يسأل عما يفعل وهم يسألون)

والله أعلم