الأحد، 22 فبراير 2015

باختصار ... قواعد فهم القرآن من القرآن نفسه



الأهم من تتبع القضايا والمسائل الصغيرة هو الاهتمام و تكوين المنهج الذي يوصل إليها ويشكلها بدلا من انتظار اجتهادات الآخرين ، أي أن تصنع صنارتك بدلا من سؤال الناس السمك !
أجمل وأقوى وأنصف منطلق لفهم الدين الإسلامي هو فهمه من خلال القرآن الكريم وفق المنهجية التي يحددها هو قبل أخذ الفهم من غيره  ، فهل فعلا ذكر القرآن منهجا لفهمه ؟ وهل فعلا التزمتها المذاهب الإسلامية أم غفلت عنها ؟ لندخل إلى الموضوع مباشرة مع اهم القواعد :

القاعدة الأولى : اللغة العربية أساس الفهم :
( إنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ )

ينص  القرآن الكريم أن اللغة العربية هي الوسيلة لفهمه ولم تختر عبثا لنتركها إلى غيرها ، وهنا يمكن تتبع نصوص الشعر ونصوص الروايات للاستفادة من تفسيرها ومقاربة المعنى لغويا فقط ، وليس لحجية المرويات عن السلف ، فهي إن خرجت عن حدود اللغة وتدخلت في التفسير صارت اجتهادات شخصية غير ملزمة مباشرة .
ونادرا ما تجد تعارضا بين معاجم اللغة واستخدام القرآ للكلمة كما حصل في مصطلح النسخ ، فهنا عليك بالقاعدة الثانية

القاعدة الثانية : فهم القرآن موجود في القرآن نفسه وهو مستغن عن غيره

يقول الله تعالى : ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ـ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) سورة القيامة

يذكر الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم مباشرة أن وظيفة بيان القرآن هي من شأنه سبحانه .

وكون بيان القرآن موجود في القرآن في نفسه ميزة يجب عدم الركون إلى غيرها أبدا لما يلي :

1- بهذه القاعدة يكون القرآن بمثابة الدستور ومذكرته التفسيرية كما نقول " منه وفيه " وفي هذا أفضل صيانة له وتيسير لفهمه بعيد عن المطولات المبعدة عنه في الواقع .

2- حصانة ضد التلاعب واللجوء إلى الطرق الضعيفة لفهمه وتفسيره كالروايات والنقل والتفسير الباطني ، ولننتبه ان الآية كانت تخاطب النبي صلى الله عليه وسلم ! أي وبلغة أخرى كأن القرآن يقول ليس من شأن الروايات المنسوبة إلى النبي دخل في تفسيري ! ولا عزاء لكتب التفسير بالنقل التي يهاجم فكرتها القرآن بشدة .

القاعدة الثالثة : أخذ معنى الآية كما يفرضه السياق وكما يتماشى مع بقية الآيات دون تجزئة .
( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ )

يذم القرآن من جعلوه عضين ، أي من التعضية وهي التفرقة والتجزئة ، والنص شامل للانتقائية في اختيار المعاني القرآنية كما تشمل الانتقائية في تطبيقه
ولتجنب الوقوع في هذه الإشكالية يظهر الحل هنا في التفسير الموضوعي ، أي أن نجمع كل الآيات المتعلقة بالموضوع أو المصطلح ثم نقاربها بحيث تكون نتيجة بحثنا وتفسيرنا لا تتعارض مع أي آية ولا تأخذها من سياقها بحيث تفسد معنى السياق ، أليس هذا تجردا ومنهجا علميا ؟

القاعدة الرابعة : لكل مصطلح في القرآن معناه الخاص به الذي لا يشاركه غيره فيه ، أي لا ترادف ولا اعتباط في الألفاظ القرآنية
(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا )

يستفاد من هذه الآية إحدى القضايا المنهجية الكبرى وهي نفي الترادف في القرآن وأن عباراته صيغة بدقة ، فالتفرقة بين الإسلام والإيمان المشاع عنهما الترادف منذ زمنه صلى الله عليه وسلم ، لكن تفرقة القرآن بينهما لفتة واضحة مهمة إلى أن ألفاظه صيغت بدقة يجب مراعاتها
عند تأمل ألفاظ القرآن ستجد حرصه بالتفريق بين الكفر والشرك والظلم ، والكافرين والمنافقين والمؤمنين والناس وأهل الكتاب ، والظن واليقين وغيرها من الألفاظ التي لو حرر معناها قرآنيا لتبدلت ثقافتنا

أظن أن القواعد السابقة المنهجية من أهم القواعد التي يجب ألا تغفل ، وهجرها وتقديم غيرها عليها هجر للقرآن  ، وليس من شأن المقالة الإسهاب ولكنها مفاتيح وأعلم أن الموضوع يثير التساؤلات لكن شفاءها البحث والنظر ، وأتنمى لكم صيدا إيمانيا رائعا بالصنارة :)

ودمتم بخير

محمد الفودري