الخميس، 28 يونيو 2012

ما هي العصا السحرية لحفظ القرآن الكريم ومراجعته بإتقان ؟


تنبيه : الموضوع يصلح أيضا لحفظ كافة النصوص ( الأحاديث النبوية ، النصوص الشعرية ، المتون المهمة ، المذاكرة الدراسية ... إلخ )


ما هي العصا السحرية لحفظ القرآن الكريم ومراجعته بإتقان ؟

حينما يبدأ البعض رحلته في نيل شرف حفظ القرآن الكريم  ، تبدأ معهم رحلة البحث عن الحلول السحرية للوصول إلى هذا الهدف السامي الذي هو بداية لأهداف أخرى .

ولنرجئ الحديث عن الحلول السحرية للحفظ وسيأتي الحديث عنها في الخاتمة ، ولكن إن أراد أي إنسان أن يحفظ فكيف يحفظ حفظا متقنا ؟ وما الفرق بين الحفظ والمراجعة ؟ وما هي العوامل المحفزة والمشجعة للحفظ ؟

سيتم تناول ما سبق بإيجاز مع بعض متعلقات الحفظ ، يمكن اعتبار الموضوع خلاصة لكل ما يكتب في هذا المجال، والإيجاز فصاحة واجبة في زمن التويتر ..

أولا : الحفظ :

باختصار شديد فإن ركن الحفظ وأساسه هو " التكرار باستيعاب " يعني عملية تكرار النص المراد حفظه مع حضور الذهن أثناء عملية التكرار هذه ..

ويجب أن يتم التركيز على أهمية وجود الاستيعاب أو التركيز الذهني أثناء عملية الحفظ وإلا فإن التكرار سيكون عديم الأثر والنتيجة

أذكر مرة أن أحدهم جلس يكرر حديثا نبويا لا يتعدى الخمسة أسطر من العصر إلى المغرب فلما أتى وقت التسميع لم يستطع أن يذكر الحديث رغم تكراره له !! لأنه ظن أن مجرد التكرار سيؤدي إلى الحفظ ولكنه نسى التركيز الذهني .

ما الذي يعني ذلك ؟

يعني أنه يجب على المرء أن ينتهز حالات تركيزه الذهني وتجنب أوقات الاجهاد أو تشتت الذهن حتى يكون للتكرار قيمة في الحفظ ...

# هل هناك أمور يجب مراعاتها قبل البدء بعملية التكرار ؟

نعم فقبل أن يحفظ المرء الآيات فإنه ينبغي له التأكد من إتقانه لقراءتها قراءة صحيحة بلا أخطاء ، ولا يقصد هنا التجويد ، بل التأكد من تهجئة الكلمات وضبط تشكيل الحروف ، حتى لا يحفظ الإنسان الوجه بأخطاء ، ومشكلة هذه الزلة أنه إذا حفظ الإنسان آية بخطأ ما ثم ينتبه له متأخرا بعد تمام الحفظ فإنه وقت استحضاره أو تلاوته للآية فإن الخطأ المحفوظ هو الذي سيتبادر إلى الذهن أولا مما يسبب الربكة وخاصة أثناء القراءة في الصلاة أو المشاركة في المسابقات .

# طريقة التأكد من تصحيح الوجه تكون من خلال :

1- القراءة على مختص كمحفظ أو حافظ سابق للوجه .

2- إن تعذر وجود المختص ، فهنا يستمع الإنسان إلى إحدى التسجيلات للآيات المراد حفظها على الأقل ويكرر معها بلسانه دون اكتفاء بالاستماع ، ويستحسن الزيادة على هذه العملية من خلال تسجيل الإنسان لقراءته ومقارنتها لما سمعه ، لأنه قد وجدت بعض الحالات التي تكتفي بالسماع لكنها وقت الحفظ لا تنتبه أنها حفظت الآيات بأخطاء ليست موجودة في التسجيل ، فالبعض قد يظن أنه ينطق كما سمع ولكن الواقع ليس كذلك .

# طرق التكرار :

لأن الأذهان تختلف فيما بينها وليس البشر على مستوى واحد وقدرات واحدة فإن عملية التكرار وأثرها في الحفظ يختلف من شخص إلى آخر ..

فعملية كثرة تكرار الوجه أو الربع قد تجد من له القدرة على الحفظ السريع وقد تجد بطيء الحفظ ، فالذي يحدد عدد مرات التكرار هو الشخص نفسه لا غيره من خلال محاولاته الأولية للحفظ ، فما يصلح للبطيء لا يصلح للسريع وما يصلح للمبدئ لا يصلح للمتقدم ، لذا فإنه من السطحية جعل عدد ملزم للتكرار يناسب جميع البشر ..

وأيضا فإن هناك من الآيات ما لا يتطلب عددا كبيرا من محاولات التكرار وهي مختلفة باختلاف كل شخص وظروفه ، فكل إنسان سيجد أنه من السهل أن يحفظ الآيات التي يرددها كثيرا إمام مسجدهم فيكون لها اعتياد ذهني مسبق ، أو سور يحبها ويتعلق بها لبعض التأثيرات أو الذكريات أو الظروف الشخصية ( وللمحبة والتعلق دافع عجيب في الحفظ )

يعني باختصار مسألة التكرار نسبية تختلف باختلاف الأشخاص والآيات والظروف ..

#علامة الاستغناء عن التكرار هي القدرة على السرد عن غيب .

# التكرار أنواع :

1- فهناك من البشر من يفضل الحفظ إذا كرر الآيات بلسانه وصوته :
وهذا التكرار أساسي ولا غنى عنه ، والبعض يضع له صورا شكلية لكن لا علاقة لها بمسألة الحفظ ..

2- وهناك من يفضل الحفظ من خلال الاستماع :
وهنا يجب أن يختار الإنسان القراء الذين يحبهم هو لا غيره ، وليس ملزوما أن يستمع إلى التلاوات الجافة ( تجويد بحت دون أي إضافات وكأنها قراءة آلية ) بل يختار الترتيل الذي يحبه هو والأصوات المفضلة لديه .

3- وهناك من يفضل الحفظ من خلال الكتابة :
لها حالاتان : أن ينقل الإنسان ما يكتبه من المصحف ، أو أن يستمع للقراءة ويكتب ما يسمعه

الأولى هي ركن أصيل والاقتصار عليها شائع والثانية منتشرة والثالثة قليلة

# هذه الطرق الثلاثة : الشفوي ، أو السمعي ، أو الكتابي ، مردها إلى ركن الحفظ الذي هو التكرار باستيعاب ، وبالجمع بينها فإن الذهن يكون قد كرر الآيات بطرق مختلفة وهناك فعلا من لا يحفظ إلا بالجمع بين هذه الطرق ونتيجة الحفظ لديهم تكون متقنة ، نعم هي تأخذ جهدا ووقتا ولكن نتيجتها مستحقة .

فيكون التكرار الشفوي حتى يتم تثبيت 30% من الوجه كتقريب ثم يستمع للآيات ويكتبها في نفس الوقت ( عملية قد تكون طويلة لكن نتيجتها طيبة خاصة لمن له مشكلة في الحفظ )

# نصائح بدايات الحفظ :

الحفظ كالرياضة واللياقة البدنية ، تبدأ ضعيفة وتقوى بالممارسة ، فقد تكون هناك بعض الصعوبات بالبداية وحلها هو الحفظ المستمر ومعروف أن ( قليل مستمر خير من كثير منقطع )
وكذلك يجب أن تراعي دورات القرآت هذه المسألة فتبدأ بالتدرج مع المستجدين ، وتلزم المتفوقين بقليل مستمر متقن ، أما الزيادة فكل إنسان وطاقته بشرط الاتزام بالقليل المستمر .

# ما الفرق بين الحفظ والمراجعة ؟  وما هي طرق المراجعة ؟

باختصار وتجنبا للإطالة :

- الحفظ الهدف منه هو القدرة على استحضار الآيات عن غيب ، أما المراجعة فهي تأكيد ما تم حفظه وتهدف إلى تقويته في الذاكرة للاحتفاظ به لأطول مدة ممكنة ، فالحفظ تكوين لمادة تثبت بالذهن والمراجعة تكرار واستحضار لما علق بالذهن وتقوية له .

# ما هو ركن المراجعة ؟

أيضا هو التكرار ولكنه هنا ينقسم إلى نوعين :

1- تكرار حاضر : من خلال القراءة من المصحف أو الاستماع إلى تلاوة .

2- تكرار عن غيب : وهذا هو الأهم وهو الذي يوصل إلى الإتقان وهو أن يكرر الإنسان ما حفظه عن غيب ، بالاعتماد على ذاكرته فقط ، كالتسميع عن غيب ، أو القراءة خلال الصلاة.
وكثرة تكرار هذا النوع هي أكثر ما يفيد الحافظ وجميل أن يضيف إليه طرقا أخرى (الاستماع ، الكتابة عن غيب ، التصحيح للآخرين عن غيب )

# ما هي أوقات الحفظ أو المراجعة ؟

هي أوقات وجود تركيز الإنسان ونشاط ذهنه أو على الأقل عدم إنهاكه ، وأفضلها من خلال التجارب والتتبع وقت الاستيقاظ لصلاة الفجر أو ما قبل الفجر ( أو أي استيقاظ بعد نومة ليلية كافية غير مفرطة يكون الذهن بعدها جاهزا لتلقي المحفوظات دون جهد يذكر ) ولكن الصعوبة هنا فقط في مغالبة النعاس وانتهاز الفرصة ، ولا بد من التأكيد على أهمية وجود قدر من النوم مريح للإنسان دون أيكون زائدا عن المعدل الطبيعي . ( خمسة ساعات ممتازة ، وخاصة لأهل الدورات ) لذا يجب تجنب السهر .

# أحيانا يصاب ذهني بالشلل والعجز التام عن الحفظ رغم أن عادتي هي سرعة الحفظ والمواظبة ، فما الحال ؟

هذه الحالة شبيهة بحالة تجمع الغيوم ونزول المطر بشدة ، هل تستطيع أن تفعل شيئا وقتها ؟ لا .
الحل انتظر أن تتوقف العاصفة من خلال :
حاول تغيير أفكار الذهن وابتعد الحفظ فورا ولكن قم وافعل أشياء أخرى كالوضوء أو الاستحمام ، أو عمل رياضة ، أو الحديث مع الآخرين قليلا ( طبعا دون تشويش عليهم وإلهاءهم ) وكل إنسان لديه ما يزيل هذه العاصفة عن ذهنه ، لذا يجب أن يوقفها ، ثم يعود إلى الحفظ .
وهذه الحالة تكثر في الدورات المخصصة للحفظ .


# ما هي العوامل المساعدة والمشجعة على الحفظ والمراجعة وإتقان القرآن ؟؟

العوامل المشجعة نوعين :

1- داخلية ذاتية : أي أنها تنبع من ذات الإنسان وتحفيزه الداخلي لذاته ونفسه ، وذلك من خلال عدة أمور :
- القراءة عن فضل القرآن وأجر تلاوته وتقدير أهميته من خلال النظر في كتب فضائل القرآن والأحاديث الواردة في ذلك والأجور المترتبة عليه .
- تحديد الإنسان لرسالته وأهدافه في الحياة وجعل القرآن الكريم منها ، وجعل مكافأة لنفسه إن أتم الحفظ أو المراجعة .
- تقديره لأهمية القرآن الكريم العلمية وأثره على الواقع وتفوقه على غيره ، وتقدير أنه كلام أعظم محبوب وهو الله سبحانه وتعالى ، والمحب يضع كلمات محبوبه في قلبه دائما ، وبكلام آخر يجب إعطاء نظرة تقديرية للقرآن تجعله مدركا لأهمية حفظه .
وتكتسب هذه النظرة من خلال البحث والسؤال والتحري الصادق .
- الرياضة .
ونحو ذلك من الامور

2- خارجية : أي لها علاقة بمحيط الإنسان وبيئته ، أمثلة مهمة لها:
- جو حلقات القرآن ومنافسة الأصدقاء :
يقولون ضع نفسك في بيئة نشيطة وستنشط وضع نفسك في بيئة كسولة وستكسل ، أهمية جو النشاط مهمة في تحفيز الإنسان ، وكذلك فإن جو الحفظ مع وجود شركاء وأصدقاء يشعل طاقة المنافسة وبالتالي زيادة الهمة .

- المشاركة في المسابقات القرآنية ومتابعة حفلات تكريم الفائزين بها ، وكذلك حضور لحظات ختم القرآن لأحد المعارف مثلا .

- الوعد بجوائز أو هدايا من قبل الوالدين أو المعارف أو اللجان .

( خطأ كبير يقع به البعض أن يجعل حفظ القرآن عقوبة للصغار أو استخدام القسوة معهم ، نعم هناك من يفعل ذلك مع الأسف ولهذا نتائج سلبية )

# والآن ما هي العصا السحرية لإتقان حفظ القرآن ومراجعته ؟

باختصار

لا وجود لعصا سحرية تمكن الإنسان من الحفظ الخارق المتقن ، بل هو الجد والاجتهاد والمثابرة واستغلال الظروف والإمكانية المتاحة ، والتضحية ببعض اللذات ونفائس الأوقات حتى يتوصل المرء إلى تحقيق هذا الهدف .

أعلم أن البعض قد يحبط ولكن هذا الواقع بعيدا عن اليوتوبيا والخيالات

أذكر مرة في إحدى الجلسات الخاصة مع أحد أئمة الحرم المدني المهتمين بقضية طرق حفظ القرآن الكريم أنه سأله أحد الأشخاص :

يا شيخ ما هي الطريقة المثالية للحفظ ؟

أجابه باختصار : التكرار !

صدم السائل من إجابة الشيخ وكأنه كان يتوقع أن يدله على عصا سحرية أو ( USB ) ينقل إليه القرآن الكريم مباشرة في ذهنه !! سأله مصدوما : يعني فقط أكرر ؟؟

أجابه الشيخ : نعم اجتهد وكرر ...

فهذا هو سبيل الحفظ والتحصيل لا سبيل غيره ، وحفت الجنة بالمكاره ، ومن طلب الحسناء لم يغله المهر ...

وفق الله الجميع لما أحبه

دمتم منمنمين بالسعادة والطموح
محمد الفودري

لمن يستفسر عن قضية كيفية التعامل مع متشابهات القرآن ، فليتفضل بقراءة هذا الموضوع :

هل هناك حاجة لكتب متشابهات ألفاظ القرآن ؟؟ وهل هي ضارة للحافظ أم نافعة له ؟


هناك 3 تعليقات:

  1. جزال الله كل خير اضكرك ويارم الله فيك

    ردحذف
  2. بارك الله فيك افدتنا كثيرا الله يفتح عليك بالخير ويرزقك الجنة خالدا فيها بغير حساب امين يا رب العالمين

    ردحذف
  3. عمري ٤٣ سنه اجد صعوبه جدا في حفظ القران غيبا رغم انني قراتي صحيحه افيدونا جزاكم الله خيراً

    ردحذف