الثلاثاء، 5 يونيو 2012

كلية الشريعة بين المساواة بالحقوق وإلغاء كيانها

هذه المقالة إعادة وترتيب وزيادة لمقالة " لأجل الشريعة نعم لإلغاء كلية الشريعة " لأجل النشر الصحفي ، وتم تغيير العنوان لتلافي الحكاك مع أصحاب الأحكام المسبقة ..


رابط المقالة القديمة :
http://foudery.blogspot.com/2012/05/blog-post_19.html




كلية الشريعة بين المساواة بالحقوق وإلغاء كيانها 


هل كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بتقسيماتها الحالية تصلح للبقاء والاستمرارية وإعطاء شهادتها قيمة عالية مساوية لتلك التي يحصلها خريجوا كلية الحقوق ؟؟ بل هل الدولة بحاجة إلى بقاء الكلية على ما هي عليه أم أن الأصلح لها (( تفكيكها )) وإعادة توزيع تخصصاتها على بقية الكليات أو التطوير الجذري لها ؟؟ 

أولا : واقع كلية الشريعة العلمي ونظرة مؤسسات الدولة ألى شهادتها :

لكلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الكويت أربعة أقسام تخصصية هي :
1- الفقه وأصول الفقه .
2- الفقه المقارن و السياسة الشرعية .
3- التفسير والحديث .
4- العقيدة و الدعوة .

مجرد هذه التقسيمة محل نظر واستغراب بل قل من أسباب ضعف مخرجات كلية الشريعة والدراسات الإسلامية العلمية - وإن علت درجات خريجيها ونسبهم المرتفعة عن بقية الكليات !! - فطالب الشريعة يتخرج وهو لا يعرف كيف يحكم على الحديث بالصحة أو الضعف ولا كيفية معرفة طريقة سبر رواة الحديث إلا إن كان من قسم الحديث أو أكرمه الله بالتحصيل الخارجي ، ويتخرج وهو لا يعرف ما الأدلة الشرعية وكيفية الاستنباط منها والتعامل مع النصوص الشرعية إلا إن كان من قسم أصول الفقه أو أكرمه الله بالتحصيل الخارجي ، ويتخرج وهو لا يعرف كيف يقارن بين الآراء الفقهية ويدرك سبب خلافها إلا إن كان من قسم الفقه المقارن أو أكرمه الله بالتحصيل الخارجي ، ويتخرج وهو لا يعرف في الفلسفة الإسلامية ولا النظر العلمي المنصف إلى الآراء والمذاهب الإسلامية الاعتقادية ولا المنطق الحديث ولو كان متخصصا في قسم العقيدة  نفسه إلا إن أكرمه الله بالتحصيل الخارجي طبعا !! علما أن الكلية  تفتقر إلى مادة مخصصة لطرق البحث العلمي المنهجي !! فيخرج الطالب بعلمية جزئية غير متكاملة وغير قادر على البحث العلمي ، ولينتبه القارئ إلى أن الحديث هو عن كلية الشريعة من الداخل قبل أن تقارن مع كلية الحقوق ...

أما موضوع شهادة خريج الشريعة فهل تعترف مؤسسات الدولة بالقيمة العلمية لشهادة كلية الشريعة ؟؟ يتقدم المتخرج من كلية الشريعة للعمل ، وبالتأكيد فإن التفكير المنطقي يقول بأن الوظيفة المناسبة له هي وظيفة إمام مسجد ، ولكن هاهي وزارة الأوقاف لا تعترف بقيمة هذه الشهادة بل تفرض اختبارا علميا يجب عليه اجتيازه قبل الموافقة على تعيينه وعقبة تسمى " لجنة إعدام أقصد اختيار الأئمة والمؤذنين " ولتذهب درجته العلمية إلى الجحيم وكأنها غير موجودة !! وتفرض عليه اختبارات أخرى إن رغب في التدريس في دور القرآن - لا أنصح بسماع أعداد الراسبين فيها من خريجي الشريعة - ولتذهب درجته العلمية إلى طريق بوحدرية !! لحظة .. لحظة .. ماذا تعلم خريج كلية الشريعة عن طرق التدريس وأساليب التعليم ومهاراته أصلا حتى يعلم غيره أم أنها ( على البركة ) كما تسير بلادي ؟؟ وهذا بدوره يفتح باب استفهام عن توظيف خريج كلية الشريعة في وزارة التربية أيضا !
من المضحك المبكي أن أحدهم حاول أن يستهزئ بقرار الديوان بعدم المساواة بين خريج الشريعة و الحقوق قائلا بأن طالب الشريعة يحق له التدريس وهو لم يدرس شيئا في التربية فكذلك يحق له أن يتساوى مع مع الحقوقي وإلم يدرس شيئا عن الحقوق !! ولا يستغرب مثل هذا التصريح في بلادي العظيمة التي صار فيها تبرير الخطأ بالخطأ منطقا !!

ثانيا : مساواة خريج الشريعة بخريج الحقوق : 

لن يرضى طلاب الشريعة أن ينال خريجوا كلية الحقوق مميزات شهادتهم ( هذا إن وجدت ! ) ولكن نسبة كبيرة بحسب ما هو ظاهر من طلاب ومتخرجي كلية الشريعة لا تمانع أن تنال شهادتها قيمة مساوية لتلك التي ينالها خريج  كلية الحقوق ، تلك الكلية التي يدرس أبناؤها من المناهج والكتب ما لا يقارن مع كلية الشريعة ، بل أين هي المواد القانونية الغزيرة في كلية الشريعة التي تجعل الطالب مساويا لعلمية خريج كلية الحقوق أصلا الذي درس أصول القانون ومبادئ الاقتصاد والالتزامات والمرافعات والقوانين التجارية والمدنية والجزائية وغيرها مما لم يعرفه طالب الشريعة !!
وليس العتاب هنا موجه إلى من يصر على موضوع المساواة بين خريجي الكليتين إلى من تبنى هذه النظرة من أعضاء هيئة التدريس أو من لا يعرف شيئا عن الكليتين ولكن العتاب و اللوم هو لطالب وخريج الشريعة نفسه الذي يعرف واقع شهادته  وقيمتها الحقيقة والذي يدرك بنفسه عند خروجه للعالم الواقع والوظيفي أنه لا مجال للمقارنة بين الكليتين ولكنه مارس الضحك على عقله وواقعه من أجل أن ينال شيئا لا يستحقه !! عذرا على الشدة ولكن هذا ما هو حاصل ...
كما أن العتب موصول لجميع من أيد فكرة المساواة ثم لم يستطع أن يدافع عن وجهة نظره في ندوة كلية الحقوق التي عقدت حول هذا الأمر ، إذ لم يكن موقف المؤيدين للمساواة إلا الاعتذار عن الندوة بالرغم أن جميعة القانون لم تقصر في توجيه الدعوة لهم ، بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع وجهة نظر المؤيدين للمساواة لكن لماذا لم يتم شرح وجهة النظر لمخالفيهم ومقابلة الحجة بالحجة والإقناع إن كان موضوع المساواة يهمهم ويرون رأيهم على صواب ، مع كامل التوقير والاحترام الشديد لهم ..
إن التبرير بأن لطالب الشريعة ملكة فهم القوانين صحيح ولكنه ليس حكرا عليه بل ربما جميع الكليات تحقق هذا الغرض فهلا تمت مساواتهم بالحقوق أيضا وهل مجرد ملكة الفهم كافية لوحدها ؟ وأما التبرير بمقاربة معاني الموضوعات بين مواد الكليتين فواقع المواد وحقيقتها يرفضه ، وأما التبرير بنجاح بعض الشرعيين في مجال القانون فهذا لأنهم تعلموا القانون من الصفر بعد تخرجهم لا لأن الكلية تحمل ثقافة قانونية عالية ، ولو برر المطالبون بالمساواة أن القانون يساوي بين الكليتين لكانت حجتهم أوجه وأقوى نظرا ولكن هذا ما لم يتم ذكره ...

ثالثا : الحلول :

بالنسبة لكلية الشريعة : فالحل باختصار هو إلغاء كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ككيان مستقل عن باقي الكليات في الجامعة مقابل أن توزع  أقسامها وتخصصاتها على بقية كليات الجامعة وأقسامها ، فيلحق الفقه الفقارن وأصول الفقه بكلية الحقوق ، ويلحق التفسير والقرآن الكريم بكلية الآداب - مع أن القرآن الكريم حقه التعميم على كل الكليات ولا إلزام إلا باختيار - ويلحق الحديث ودراسة الأسانيد بقسم التاريخ ، وتلحق العقيدة بقسم الفلسفة ، والسياسة الشرعية بالعلوم السياسية ، والدعوة بكلية التربية ، والاقتصاد الإسلامي بالعلوم الإدارية ، وهذا حتى يتم التخلص من ورطة توظيف كلية الشريعة مستقبلا والتي هي سبب من أسباب الأزمة الحالية ولكن يتفادى البعض الحديث حولها ، كما أن المتأمل في التوزيع السابق يجد أن بقية الكليات تستفيد علميا وبشكل كبير من إلغاء الكلية .


كما أنه يمكن أن تبقى كلية الشريعة مستقلة لكن بشرط سد الخلل واستكمال النقص الشديد فيها وتأهيلها لتكون ذات دور فعال بالمجتمع ومناسبة للوظائف التي تقترح لها من خلال تغيير وإضافة بعض المواد الدراسية المناسبة ، وكحلول أخرى فإنه يمكن الاستفادة من تجارب الجامعات الأخرى التي تفرد دراسة الشريعة والقانون بكلية واحدة ، أو نموذج دار العلوم الذي يجمع بين اللغة والشريعة و التاريخ و الفلسفة وهو نموذج علمي رائع فهذه العلوم لها تداخل واسع فيما بينها ، أي باختصار لا بد من تطوير جذري لكلية الشريعة داخليا يؤهلها لمناسبة الواقع الوظيفي والفكري حولها ، أما بقاء الكلية كما هي عليه دون إصلاح فهذا أمر لا يرضى به أحدا ...



بالنسبة لأزمة المساواة : جميل جدا قرار ديوان الخدمة أن يخصص للوظائف الشرعية كادرها الخاص - وكأن الديوان قد أدرك سبب الأزمة - حتى ينصرف طلبة الشريعة إلى الوظائف التي يستحقونها ، وكذلك الحل المؤقت بأن يدخل الشرعي دورة قانونية بعد تخرجه وإن كان يؤخر الطالب بعد تخرجه وفيه نوع من الازدراء لكلية الحقوق  أن يتساوى معها من يكتفي بدورة بينما يدرس هو ما يدرسه ، لكن ماذا يفعل الديوان في وجه هذه العاصفة ؟! فما فعله هو الحل المسكن المؤقت ، وعسى أن يكون في المستقبل القريب كويت لا تتحكم فيها  الضغوطات السياسية بالنواحي العلمية وتحترم التخصصات ...

وبالنهاية فلا بد من التأكيد على أن الخلاف في الرأي لا يفسد الود والزمالة والاحترام ...


دمتم منمنمين بالسعادة 
محمد الفودري

هناك 5 تعليقات:

  1. مالت علييك انت والحقوووق فوقكك من قال ان احنا نبيهاا ولا نبي وجيهكم الودره .. تتكلم وجننا نطر من جيب ابووك .. الشرييعه فوووق رااسك .. وموووت بغييظك .. الحمدلله في السما رزقنا ماحنا محتاجين منتكم ..

    ردحذف
    الردود
    1. هنيئا لك على هذه الأخلاق والرد المحترم ، ونعم التربية يا طالب الشريعة ...

      أعتذر عن النزول إلى مستواك

      هدانا الله وإياك لأحسن الأخلاق وصرف عنا سيئها

      حذف
  2. قال عمر رضي الله عنه : أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال : ( إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين ) . (صحيح مسلم)

    ردحذف
  3. اخي العزيز
    ان من اسباب ضعف المسلمين في كل مجالات حياتهم
    هو البعد عن كتاب الله والحكم بغير حكمه عز وجل
    و عندما نفقد حكم الله في الارض لاشك اننا سنتراجع
    ونستعين باحكام وضعيه
    وضعها البشر الذي مهما زاد من اعلم لا يعدل حكم الله سبحانه
    والعود الى الشرع الحكيم من التقرب الى الله تعالى

    ردحذف
    الردود
    1. المشكلة في تصور فئات من المسلمين للدين ، هناك حواجز تراثية ورواة دجالون و أئمة مضلون حالت بين فهم الدين عموما والقرآن خصوصا ، نجد السواد الأعظم يرفض الاعتراف بهذا ، الخطاب الديني الإنساني المعتدل و الناضج هو الحل لكن لا يزال في بداياته ويجب أن يقوى حتى يستطيع مجاراة الخطاب السائد المتطرف

      شكرا لمروركم

      حذف