الأربعاء، 27 يونيو 2012

حقيقة التلبس الشيطاني وتحكم الجن ببدن الإنسان وجوارحه


عرض موجز لحقيقة تحكم الجن ببدن الإنسان وكيف ظهرت هذه الخرافة ؟


زبدة المقالة : نعم قامت الأدلة على أن الجن ((( يدخل ))) في بدن الإنسان ، ولكن ما هو الدليل على أن الجن ((( يتحكم ))) ببدن الإنسان و يتكلم على لسانه ، الأصل في العقائد التوقيف والأدلة الشرعية دلت على الدخول فقط فمن زعم أن الجن يتكلم بلسان الإنسان و يتحكم بجوارحه فهو مطالب بالأدلة ، وكيف نشأت هذه الخرافة يا ترى ؟

ولا يصح الاستدلال بأدلة دخول الجن في بدن الإنسان  لإثبات مسألة التحكم ببدنه فكل منهما مغاير للآخر

ملاحظة : أفضل في مثل هذه النقاشات اجتناب كلمة تلبس فهي مما يزيد الخلاف فالبعض يفهم أن التلبس هو التحكم مع الدخول ، والبعض يفهم منه أنه هو مجرد الدخول في بدن الإنسان فقط  والبعض يفهم أنها التحكم فقط، ولهذا سيجد المتتبع للقضية سبب الاختلاف هو تغاير فهم هذه اللفظة ...

لذلك ليترك المتناولون للمسألة لفظ التلبس  وليثبتوا قضية التحكم بالبدن وجوارح الإنسان ، وليأت المخالف بالأدلة الصريحة الصحيحة على كلامه وله من مخالفه الإذعان لأدلته ، لو أتى بها...

####

هذه القضية مما يكثر فيها النقاش و فيما يلي عرض للقضية باختصار شديد

تحرير محل النزاع بين الطرفين :

الوسوسة و التأثير النفسي من إثارة الغضب و الجزع و الكبر و نحو ذلك فهذا ثابت و مما لا خلاف فيه و على هذا يحمل معنى الدخول الذي ثبت في بعض الأثار ويقتصر الدخول عليه

و الأثار التي صرحت بالدخول لم تقل أن هذا الدخول ينتج عنه التحكم و الإيذاء الحسي أبدا و لا يجوز الاستدلال بها على قضية التحكم بالإنسان

طيب و قضية  التحكم في بدن الإنسان و النطق على لسانه هل فيها نص صريح ؟

لا

لا يوجد أي نص صريح من القرآن أو السنة يصرح بأن الجن يتحكم بجوارح بالإنس  و يدخل فيه متحكما به ومغيرا لشخصيته و غير ذلك من الخزعبلات التي يجب تطهير الشريعة منها

إنما هي أمراض نفسية بل قل تمثيليات مزعومة يقوم بها ضعاف العقول أو مرضى نفسيون حقيقة

كما أنه لا يوجد أي نص صريح من القرآن أو السنة ينفي الموضوع بصراحة تامة أيضا

و لكن من ناحية منطقية الاستدلالات فالقول قول من منع من تلبس الجن بالإنس

قال تعالى :

( إن كيد الشيطان كان ضعيفا )

فلو كان قادرا على التلبس لكان كيده قويا لا ضعيفا

و أيضا قوله تعالى عن الشيطان

( و ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي )

ففي الآية تصريح أنه ليس هناك سبيل للشيطان على الإنسان إلا الوسوسة
ففيما سبق أدلة قوية المعنى و الاستدلال تبطل خزعبلات (( التحكم ))



طيب و ماذا نقول عن قوله تعالى عن حال آكلي الربا :

( الذي يتخبطه الشيطان من المس )

يجاب أنها ليست صريحة بالتلبس و إلا فما معنى المس الذي ذكره أيوب عليه السلام ( أني مسني الشيطان بنصب و عذاب ) هل يدخل الجني في الأنبياء و يتحكم بهم ؟!!!

و قال البعض أن هذا يكون في يوم القيامة لأن الآية قالت ( لا يقومون ) يعني في يوم القيامة ( إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) فيكون ذلك علامة لهم في البعث

طيب وحديث إن الشيطان يجري من الإنسان فجرى الدم ؟!!

يجاب عليه بإكمال الحديث الذي هو في قصة مشي النبي صلى الله عليه و سلم مع صفية حيث قال فيه :

( إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم (( و إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا )) فهل الحديث أفاد التحكم أم أنه أفاد الوسوسة فقط ؟؟


طيب وماذا عن ما يحكى من الإجماع ؟!

الإجماع فيه كلام طويل و لكن أفضل ما يقال عن مثل الإجماع الوارد في هذه القضية أن الإجماع دليل من لا دليل له و صدق أحمد شاكر حين قال أن الفقهاء إذا أعياهم البحث عن الدليل لجؤوا إلى الإجماع ....

و هذا إن كان الإجماع المنقول قد تطرق فعلا إلى مسألة التحكم بالإنسان

أما لو اكتفي بأنه تطرق إلى مسألة الدخول فهو غير صريح في المسألة بتاتا

فالدخول و الوسوسة مما لا خلاف فيه  ( والإجماع على هذا فقط دون التحكم بالجوارح ) و إنما الخلاف في (( التحكم بجوارح الإنسان ))

هذا لو كان الإجماع حجة في الدين فليس هو نصا ولا وحيا وإنما هو مجرد " حاجز بشري " يستعمله البعض لإلغاء العقل ومنع المخالفين من التفكير ، ولو كان المثبت للتحكم مطمئنا لرأيه فليبحث عن مستند هذا الإجماع وليتحف مخالفيه به ، إذ لا يتصور أن ينعقد إجماع على أمر غيبي بحت دون نص صريح صحيح وإلا كانت أمتنا أمة مستغنية عن الوحي وذات كرامات (متخرش المية) تطلعها على الغيبيات !!

و ختاما بقيت جزئية واحدة مرعبة :)

و هي يجوز للجني أن يتشكل بصورة أخرى كإنسان أو عقرب أو عنكبوتة و غيرها من المخلوقات اتفاقا على ما أظن :) ، و في هذه الحالة فإن الإيذاء متصور منه و يتصور إيذاؤه أيضا لكنها مسألة مغايرة للتحكم و التلبس بالإنسان .
ما دليل هذه الجزئية ؟
قال تعالى : ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّى جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّى بَرِىءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
والآية في تشكل الشيطان بشكل بشري في غزوة بدر ..

كيف نشأت هذه الخرافة ؟

من خلال تتبعها فهي بحسب الظن الشخصي أساطير مسيحية ، جاء في الكتاب المقدس خطاب لأحد الشياطين للمسيح عليه الصلاة والسلام (آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ؟ أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ قُدُّوسُ اللَّهِ ) ( مرقس 1 :24 )
ومن أبرز قصص إخراج المسيح للشياطين هي تلك المذكورة في ( مرقس 5 :1-20 و لوقا 8 :26-39 ) حيث التقى يسوع برجل ممسوس كان يعيش في القبور ويصرخ ويضرب نفسه بالحجارة باستمرار وقد حاول الناس ربطه بسلاسل إلا أنه كان يقطعها في كل حين وعندما سأله المسيح ما اسمك أجاب لجئون - أي جيش من الشياطين - فكلمة لجئون باللغة اللاتينية كانت تستخدم للدلالة على فرقة من الجيش الروماني تشمل 6000 جندي ، ورغم عددهم الكبير إلا أن هؤلاء الشياطين ارتعبوا من لقاء المسيح وترجوه كثيرا أن لا يرسلهم للهاوية بل إلى قطيع من الخنازير كان يرعى في الجوار فأذن لهم يسوع ، والقصة الأخرى ذات الأهمية المماثلة هي الواردة في ( متى 17 :15-21 و مرقس 9 :17-29 ) حيث يرتمي رجل أمام المسيح ويرجوه بأن يشفي ابنه من الروح النجس الذي يعذبه ويسبب له الصرع ويلقيه تارة في النار وتارة في الماء وكان الرجل قد قدم ابنه أولا لبعض تلاميذ يسوع ولكنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا له شيئا ولكن بعد أن انتهره يسوع شفي الغلام فتساءل التلاميذ لماذا لم يقدروا هم على إخراج الشيطان فأجابهم يسوع (وَأَمَّا هَذَا الْجِنْسُ فَلاَ يَخْرُجُ إِلاَّ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ ) ( متى 17:21 ) ( نقل من ويكيبيديا صحيح موثق من خلال الاطلاع على الأصل )

ولينظر المرء إلى أساليب وطرق بعض من يدعي أنه يخرج الشياطين وليقارنها بما يفعله الإخوة المسيحيين ، ليقرأ من أراد الاستزادة عن أسرار الكنيسة و سر الميرون والمسحة المقدسة ، وتحياتي الحارة لتجارالماي والعسل وزيت الزيتون ( المقري عليه :) )

وصدق رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قال : " لتتبعن سنن من كان قبلكم " !!

# إذن ماذا عما يفعله بعض المطاوعة من إخراج للشياطين و ضربها و الحديث معها ؟!!!

بعض مما جاء في رسائل ابن حزم رحمه الله عن الموضوع

( أما كلام الشيطان على لسان المصروع، فهذا من مخاريق العزامين ، و لا يجوز إلا في عقول ضعفاء العجائز. و نحن نسمع المصروع يحرك لسانه بالكلام، فكيف صار لسانه لسان الشيطان؟ إن هذا لتخليط ما شئت. و إنما يلقي الشيطان في النفس يوسوس فيها، كما قال تعالى ( يُوَسْوِسُ في صدور الناس ) و كما قال تعالى ( إلا إذا تَمَنَّى ألقى الشيطان في أُمْنِيَّتِهِ ). فهذا هو فعل الشيطان فقط. و أما أن يتكلم على لسان أحد، فحِمقٌ عتيقٌ و جُنونٌ ظاهرٌ. فنعوذ بالله من الخذلان و التصديق بالخرافات ) .


نصيحة : يجب ألا يغفل رأي الأطباء النفسيين عن هذا الموضوع ، وما الذي يعنيه شفاء هذه الحالات عند مراجعتهم للطب النفسي ؟!

( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا )
دمتم منمنمين بالسعادة منزهين عن الخرافة
محمد الفودري


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق