الأحد، 15 يوليو 2012

مناقشة قضية العصمة وحديث حجية آل البيت والعترة " كتاب الله وعترتي أهل بيتي "


( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا )


إجابة عن حجية العترة وآل البيت عليهم السلام ، نقد موجز لسند ومتن حديث الثقلين ( كتاب الله وعترتي أهل بيتي )

سؤال ورد إلى المدون :

(اللهم صل على محمد وآل محمد

ذكرت في أحد النقاشات ضعف حديث

" إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا "

فكيف حكمت على هذا الحديث بالضعف ؟ ومُمكن تذكر لي علماء من أهل السنة ضعفوا حديث الثقلين ؟

وشكرا على الإجابة مُقدمًا
اللهم صل على محمد و آل محمد) ا.هـ


الإجابة :

#  قبل الإجابة فإنه ينبغي التنبيه على أمور ، منها :

- أصول الإسلام لا تنبني على ظنيات وأمور قابلة للتضاد وعدم العصمة ، سواء في ذلك آراء الصحابة رضوان الله عليهم ، أو آل البيت عليهم السلام ، والرأي الشخصي أن إعطاء الحجية لكل من الآل والأصحاب هو نتيجة للغلو والعناد بالمخالف ومن ملامح التطرف الفكري في كلا المذهبين السني والشيعي ، هدى الله الجميع .

- آل البيت عليهم السلام لهم من النصوص ما يعارض قضية حجيتهم ، فالنصوص عنهم مختلفة .

- حديث " وقد تركت فيكم ما ... " مثال للغلو لكل من الجانبين بعيدا عن المجاملات - مع احترامي لجميع البشرية المقدرين للإنسانية - فتجد بعض إخواننا السنة يتعصب لزيادة " وسنتي " وتجد بعض إخواننا الشيعة يتعصب لزيادة " وعترتي أهل بيتي " ، وفي الشبكة أبحاث عديدة جيدة تناقش ضعف كل من الزيادتين يمكن الرجوع إليها .

- حقيقة العصمة باختصار موجز : قضية العصمة المطلقة لأي كان هي قضية لم يثبتها القرآن لأحد مهما كان ولا تليق إلا بالله سبحانه وتعالى عقلا وشرعا ..

هاهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لعصمتهم نطاق وحدود ( عصمتهم هي في جانب التشريع واجبة عقلا وشرعا ، ولا يعصمون من المعاصي لكنهم لا يقرون عليها بنفس الوقت تأكيدا لكل من الجانبين : بشريتهم وعبوديتهم ، وتلقيهم للوحي )

بدليل : ( وعصى آدم ربه فغوى ، ثم اجتباه ...) ( وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه ) ( لمَ تحرم ما أحل الله لك ؟)

وللملائكة أيضا هل لهم عصمة مطلقة ؟ ماذا عن قول الله عنهم ( ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم ) ؟

ماذا عن أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم ؟ ( وعلى فكرة ففي التراث الشيعي يقرأ البعض قضية عصمة أمهات المؤمنين ، وفي هذا رد على من يعمم قضية الإساءة إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على طائفة بأكلمها بينما لديهم من يرفض بشدة مجرد ارتياب الرسول صلى الله عليه وسلم في زوجه الطاهرة مستدلين بقول أمير المؤمنين علي عليه السلام " إن الله طهر نعلك كيف لايطهر عرضك ؟ " هدية إلى المتطرفين من كلا الجانبين ودعوة للمراجعة )

ولكن هل تثبت هذه العصمة المطلقة – لو سلم بها جزئيا في صيانة عرض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - ؟ نجد في القرآن ( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ) ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) ( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط )

لذلك هذه هي نصوص القرآن الذي لا يختلف عليه مسلم  صريحة واضحة في رفض العصمة المطلقة للأنبياء والملائكة وزوجات الأنبياء فكيف يأتي بعدها من يثبت عصمة وحجية لمن هم دونهم أو يساوونهم  سواء من صحابة أو آل بيت ؟ ( ويختلف إثبات العصمة والحجية بين التصريح أو اعتناقها لا شعوريا دون تصريح )
يا ترى ماذا لو أعاد كل من الطرفين نظرتهم في هذه القضية بإنصاف وتجرد وتجديد وبعيدا عن المورثات الفكرية والتعصبات ما الذي سينتج في النهاية ؟

صدق أمير الشعراء حين قال :
إن الذي خلق الحقيقة علقما  :: لم يخل من أهل الحقيقة جيلا



الإجابة عن السؤال : فكيف حكمت على هذا الحديث بالضعف ؟

بيان ضعف الحديث :

الأول : سند الحديث
لا تخلو أسنايد الحديث من ضعف أو وضع أحيانا ، وخاصة أن الحديث الصحيح عن الإمام جعفر الصادق عن أبيه الإمام الباقر ليس فيه أي ذكر لآل البيت ، فكيف مع مخالفة من هم دونهم لهم ؟


أخرج مسلم في صحيحه  والنسائي وأبو داود وابن خزيمة وغيرهم : من طريق حاتم بن إسماعيل المدني الكوفي " جيد الحديث " قال حدثنا جعفر " الإمام الصادق ، ثقة ولا يخفى القمر هو أو أبوه " بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه " الإمام الباقر، ثقة " قال دخلنا على جابر بن عبد الله " من الصحابة المرضيين عند السنة والشيعة " ... وفيه: " وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله ، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ ". قالوا: " نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ". فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: " اللهم اشهد اللهم اشهد " ثلاث مرات .

فالذي يزعم أنه متبع لآل البيت عليهم السلام فليأخذ بروايتهم الصحيحة لهذا الحديث .

الثاني : متن الحديث ( وكل الآثار سواء السنية أو الشيعية بل الإسلامية عموما يجب أن تخضع لهذين الاختبارين نقد السند ونقد المتن فالدين لا يؤخذ عبثا أو جزافا دون تحقيق وهو عقل ونقل معا )


لماذا متن الحديث مرفوض ؟!! لأن ذلك يقتضي عصمة أهل البيت حتى لا يضل أحد ، و لكن عصمتهم ظاهرة الاستحالة ، لماذا ؟!! ( فضلا عن عدم تصريح القرآن بعصمتهم و هي أمر مهم جدا في حالة كونهم ثقلا يتمسك به )

لأن أهل البيت اليوم واضح جدا أن في آراءهم التناقض الصريح و الاختلاف في المناهج و الأفكار ذاك الاختلاف الشاسع و الكبير الذي يستحيل الجمع بينه ...

سواء آل البيت السنة ( فهم فئات و مناهج متعددة )

أو آل البيت الشيعة ( نفس القضية موجودة أيضا )

هل نتمسك بهم جميعا ؟!! هذا مستحيل و محال لأنه لو كان هو المطلوب لصار أمرا بالمحال والأمر بالمحال غير جائز اتفاقا
( ربنا و لا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) – وهذا بدوره يؤدي إلى فتح باب إجماع حجية العترة هل هو متصور أصلا ؟ خلاصة الرأي الشخصي في الإجماع مهما كان لونه سنيا أو شيعيا أنه حاجز بشري وصنيعة متطرفة مقدسة للبشر لمنع العقول من التفكير والعودة إلى نصوص الوحي المطهر ولعله يأتي تناوله مستقبلا إن شاء الله - .


فكيف نتمسك بهم تحديدا ؟!! هل نتمسك بأهل البيت الشيعة ؟!!! و بأي فئة منهم ؟!! و النص لم يفرق ، أم نتمسك بأهل البيت السنة ؟؟!! و بأي فئة منهم ؟!! و النص لم يفرق أو يحدد ؟!!!

كما أن تحديد السنة أو الشيعة بالأحقية لمجرد الهوى و الاتباع تحكم معيب وجميع آل البيت السنة والشيعة يشتركون في العلة التي سببت الحجية وهي كونهم من آل البيت - لو ثبتت العلة - فقصرها على أحد الطوائف إبطال للادلة  وهذا بدوره يناقش قضية حصرها على اثني عشر إماما أو إطلاقه ...

وللتقريب أعطيك نماذج من آل البيت من واقع المجتمع الكويتي كلها متغايرة كما هو مشتهر عنهم وهي متغايرة الآراء والمشارب

حسين القلاف ، عدنان عبد الصمد ، وليد الطبطبائي ، فؤاد الرفاعي ، يوسف الرفاعي

وفي حال الخلاف اتفاقا يجب الرجوع إلى القرآن و سنة الرسول عليه الصلاة و السلام

( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول )

و الرجوع إلى الآية السابقة هو ما يقتضيه النزاع الحاصل في آل البيت

هذا باختصار شديد

السؤال الثاني : مُمكن تذكر لي علماء من أهل السنة ضعفوا حديث الثقلين ؟

طائفة منهم : البخاري و أحمد و الترمذي و ابن الجوزي .

أتمنى أن أكون قد أجبتك أيها الموقر .

ختامية :
أزمة الخلافات الكبيرة بين كافة الجماعات الإسلامية هي البعد عن القرآن الكريم وجعلهم بينهم وبينه حواجز بشرية صنعوها ، عند النظر في القرآن الكريم لا يجد المنصف سوى هدم لها !

( المص ، كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين ، اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلا ما تذكرون )

دمتم منمنمين بالحكمة والتعايش السلمي
محمد الفودري

هنا موضوع حجية آراء الصحابة رضوان الله عليهم :

ولمن تهمهم قضية التعايش السلمي وكيفية تحقيقه ليقرأ القصة القصيرة " دواخانة "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق