الثلاثاء، 17 يوليو 2012

هل أبدأ الصوم مع الأذان الثاني أم مع توقيت الإمساكيات الرمضانية ؟

ما يلي جزء من أطروحتي الماجستير أنشره تيسيرا للباحثين
لقراءة الرسالة كاملة من هنا



لمن يريد الإيجاز :

يجوز الأكل والشرب إلى طلوع الفجر الصادق الثاني أو أذان الفجر الثاني ومنه يبدأ الإمساك والصيام ، أما
توقيت الإمساكيات الرمضانية فغير ملزم وتضيق على الناس وقت السحور ولا ارتباط فلكيا أو شرعيا يتعلق بها .

لمن يريد التفصيل :

- الإمساكيات الرمضانية :

ظهر وانتشر في العصر الحديث ما يعرف بالإمساكيات الرمضانية وهي تلك التقاويم أو الرزنامات التي توزع في شهر رمضان متضمنة لمواقيت الصلاة فيها ، وتتميز عن غيرها بأنها تجعل وقتا للإمساك لمن يريد الصيام ويكون بحدود عشرة دقائق قبل أذان الفجر ، وبعض التقاويم تجعله قبل عشرين دقيقة من أذان الفجر[1].
ويرى بعض العلماء والباحثين استحباب ذلك الإمساك بالاستناد على مبدأ الاحتياط وبعض الأدلة ، منها :

- عن زيد بن حارثة رضي الله عنه قال : " تسحرنا مع النبي صلى الله عليه و سلم ثم قام إلى الصلاة ، قال الراوي : كم بين الأذان و السحور ؟ قال : قدر خمسين آية "[2].
وجه الاستدلال :
أنه قد دل ظاهر الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن الطعام قبل أذان الفجر بمقدار خمسين آية وهذا يعادل العشرة دقائق تقريبا ، وهذا قد يفسر بالاحتياط أيضا ، فيستحب الإمساك عن الطعام والشراب قبل الأذان بالمقدار السابق احتياطا ، ويرى البعض أن الإمساك بالمقدار السابق يتأكد في حالة عدم دقة التقاويم[3].

وهذا لا يسلم به وخاصة أنه إن بني على عدم دقة التقاويم فقد سبق أن الخلاف مع غالب التقاويم المعاصرة المنتشرة يفترض تأخر وقت الفجر الصادق عنها ، فالقول بالاحتياط للفجر بتقديم الإمساك بناء على التقاويم الحالية المنتشرة أمر يظهر ضعفه ، ومن جهة أخرى فقد تقدمت بعض الأدلة فيما سبق المفيدة إلى أن وقت الأكل والشرب ممتد حتى يحصل التبين بطلوع الفجر وهذا يعارض مبدأ الاحتياط ، من ذلك قوله تعالى : ( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)[4] ، فالله عز وجل أباح الأكل والشرب إلى أن يتبين الفجر تبينا لا لبس فيه ولم يعلق وقته إلى الشك فيه ، وسبق بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للناس الأكل والشرب إلى أذان ابن أم مكتوم رضي الله عنه ، وأنه كان لا يؤذن إلا بطلوع الفجر .

وقد روي تأكيد هذا المعنى من قبل بعض الصحابة ، فقد جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنه يسأله عن السحور فقال له رجل من جلسائه : " كل حتى إذا شككت فدعه " ، فقال له ابن عباس : " إن هذا لا يقول شيئا ، كل ما شككت حتى لا تشك "[5].

فبناء على ما سبق يظهر ضعف مبدأ الاحتياط للصوم وعلى هذا لا معنى للتقدير المعاصر لوقت الإمساك بجعله عشرة أو عشرين دقيقة ، وحتى لو سلم به فلا يسلم بأن مقدار قراءة خمسين آية يصل إلى هذا الحد فهو تقريب اجتهادي قابل للأخذ والرد وللزيادة عليه أو النقصان منه ، ولا يظهر له مصدر ثابت يثبت تقديره بدقة ، والله أعلى وأعلم .


[1] مواقيت العبادات الزمانية والمكانية لنزار محمود ص 629 .
[2] رواه البخاري في صحيحه (2/678) كتاب الصوم ، باب قدر كم بين السحور وصلاة الفجر ، رقم : 1821 .
[3]  مواقيت العبادات الزمانية والمكانية لنزار محمود ص 629 .
[4] البقرة : 187 .
[5] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (2/287) كتاب الصيام ، باب الرجل يشك في الفجر طلع أم لا ، رقم : 9057 و 9067 ،  ورواه عبد الرزاق في مصنفه (4/172) كتاب الصيام ، باب الطعام و الشراب مع الشك , رقم : 7367 و 7368 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق