الجمعة، 23 نوفمبر 2012

صوم يوم السبت لوحده تطوعا


ما يلي جزء من أطروحتي الماجستير أنشره تيسيرا للباحثين
لقراءة الرسالة كاملة من هنا



الخلاصة :

صوم يوم السبت تطوعا منفردا أو مقترنا مع غيره  لا شيء فيه أبدا ، وسامح الله من يضيق على الناس ويمنعهم الأجر والثواب بناء على  تقليد متعصب 


التفصيل :

في حكم صيام يوم السبت وقع خلاف بين الفقهاء وبيانه بعد تحرير النزاع :

- اتفق الفقهاء على عدم كراهة صوم يوم السبت إن اقترن بغيره أو وافق صيامه عادة لصاحبه ، وتنازعوا في حكم إفراده بالصوم تطوعا على قولين :

القول الأول : أنه مكروه ، وهو قول الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة وأحد القولين عند المالكية [1].

القول الثاني : أنه جائز كغيره من الأيام ، وهو القول الآخر عند المالكية وقول عند الحنابلة [2].

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة من السنة ومن المعقول والقياس :

فمن السنة :
- ما روي عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم "[3].
- وجه الاستدلال :
أن معنى النهي في الحديث هو أن يختصه الرجل بالصيام وذلك لأن اليهود يعظمونه[4].
- اعترض عليه من وجهين :
الأول : أن الحديث مضطرب شاذ ، فلا يسلم الاستدلال به[5].
الثاني : على فرض صحته فإنه يحمل على كونه منسوخا وذلك لمعارضته الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على جواز صوم يوم السبت في غير الفريضة[6].
ومن المعقول والقياس :
- أن في إفراد يوم السبت بالصيام تشبها باليهود[7].
يعترض عليه :
ليس في إفراد يوم السبت أي تشبه باليهود أبدا ، بل هو عين المخالفة لهم ، واليهود لا يصومون يوم السبت ولا يخصونه بصيام لذاته بل هو يوم يزعمون أنهم أمروا بالأكل والراحة فيه[8].
وقد دلت السنة النبوية على هذا المعنى كما سيأتي .

ملاحظة : كم المعيب أن يستمر هذا الاستدلال إلى اليوم والكتاب المقدس اليوم موجود في كل مكان لكن ما العمل مع تلقي التراث بقدسية لا تعرف التحقيق !! طهروا العلوم الشرعية من الجمود !

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من السنة النبوية ، منها :

1- عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال : " أصمت أمس ؟ ، قالت : لا ، قال : تريدين أن تصومي غدا ؟ ، قالت : لا ، قال : فأفطري"[9]، وقد ورد بمثل معناه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا كما تقدم[10].
وجه الاستدلال  :
الحديث صريح في جواز صيام يوم السبت ، وهو معارض لحديث النهي عن التطوع فيه مطلقا أيضا .
2- عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام ويقول إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم "[11].
وجه الاستدلال :
أن الحديث يدل على استحباب صوم يومي السبت والأحد مخالفة لأهل الكتاب ، وظاهره جواز صوم كل منهما سواء على الانفراد أو الاجتماع[12].

الترجيح :
يظهر بعد النظر في المسألة وأدلتها رجحان القول الثاني القائل بمشروعية صوم يوم السبت منفردا كغيره من الأيام وذلك لقوة أدلته وسلامتها من المناقشة .
أما أدلة القول الأول فلم تثبت نصا صريحا فيما ذهبت إليه ، ولم تسلم أدلتها من المناقشة .
ويظهر أيضا ضعف القول المعاصر بحرمة صوم يوم السبت تطوعا مطلقا ، لما مر من الاعتراضات على حديث النهي عن صوم يوم السبت إذ هو معتمده في تحريم التطوع مطلقا ، والله أعلى وأعلم . 

ودمتم موفقين
محمد الفودري



[1] انظر : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم الحنفي (2/278) ، الذخيرة لأحمد القرافي (2/497) ، القوانين الفقهية لابن جزي الكلبي ص 78 ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/451) ، فتح الوهاب شرح منهج الطلاب لزكريا الأنصاري (2/352) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/52) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/347) .
[2] انظر : الكافي لابن عبد البر القرطبي ص 129 ، عبد الوهاب ، عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي القاضي (2008م) . الإشراف على نكت مسائل الخلاف . تحقيق مشهور آل سلمان . الرياض : دار ابن القيم (2/284) ، الفروع لمحمد بن مفلح (3/92) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/347) .
[3] رواه أحمد في مسنده (4/189) رقم : 17722 ، وابن خزيمة في صحيحه (3/317) كتاب الصيام ، باب أمر الصائم يوم الجمعة بالفطر مفردا ... ، رقم :2163 ، وسيأتي ذكر حكمه .
[4] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/451) .
[5] انظر : سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني (2/171) ، الفروع لمحمد بن مفلح (3/92) .
[6] سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني (2/172) ، الفروع لمحمد بن مفلح (3/92) .
[7] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/53) .
[8] سفر اللاويين 25 : 6 .
[9] رواه البخاري في صحيحه (2/701) كتاب الصوم ، باب صوم يوم الجمعة ، رقم : 1885 .
[10] رواه مسلم في صحيحه (2/801) كتاب الصيام ، باب كراهية صيام يوم الجمعة منفردا ، رقم : 1144 .
[11] رواه النسائي في السنن الكبرى (2/146) كتاب الصيام ، باب صيام يوم الأحد ، رقم : 2776 ، ورواه ابن خزيمة في صحيحه (3/318) كتاب الصيام ، باب الرخصة في يوم السبت ، رقم : 2167 ، ورجح الألباني ضعف إسناده في إرواء الغليل (4/125) رقم : 961 .
[12] سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني (2/172) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق