الاثنين، 7 مايو 2012

صوم الأيام البيض .. خرافة أم سنة أم ماذا ؟؟ وهل تأثير القمر على الإنسان حقيقة أم خيال ؟





أما قبل : الزبدة :

بحسب البحث والاطلاع فإنه لا يثبت أي حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه و سلم في صيام الأيام البيض والثابت عنه هو صوم ثلالثة أيام من كل شهر دون تحديد لها ، وبعض من المحدثين المعاصرين يناصر هذا القول و يؤيده .
الثابت في المسألة فقط هو آثار للصحابة ، وهذا بدوره قد يدل على المشروعية ، لكن يبقى هل يصح افراد يوم جمعة بالصوم وافق الأيام البيض مثلا ؟ يظهر أنه يعود إلى أصل حكمه والخلاف فيه ...
أما الاستدلال بالاجماع في هذه المسألة ... فمن المعيب استمرار هذه المهزلة ولينظر فعلا في عدم وجود المخالفين واحترامهم إن وجدوا قبل أن يدعى الاجماع الكاذب فيها ..


انظر حول تضعيف الأحاديث المرفوعة :

تخريج واف لأحاديث صيام الأيام البيض مع بيان عللها

 «ضعف الأحاديث المرفوعة في صيام الأيام البيض»





أما موضوع ادعاء الاعجاز العلمي للصوم في هذه الأيام فكلام مردود علميا بحسب أحدث الأبحاث في هذا الموضوع ، فضلا عن ضعف الأحاديث المرفوعة فيه ، والإسلام ونشر فضيلة الصيام لا تحتاج لمثل هذه الخزعبلات أو تنزلا تلك المعلومات الغير موثقة واللامعقولة !!


يمكنك الاطلاع على بعض الدراسات والأبحاث التي ترفض تأثير القمر على الإنسان :



تأثيرات القمر على صحة الإنسان.. خرافة أم حقيقة؟




Lunacy and the Full MoonDoes a full moon really trigger strange behavior?

http://www.scientificamerican.com/article.cfm?id=lunacy-and-the-full-moon


full moon and lunar effects
http://www.skepdic.com/fullmoon.html


والعلم لله أولا وآخرا



أما بعد : التفصيل :

# صوم ثلاثة أيام من كل شهر والأيام البيض :

من ألوان الصيام التي حث عليها الشارع صوم ثلاثة أيام من كل شهر ، وهذا دون اشتراط لكونها متتابعة أو متفرقة ، ويمكن للمرء أن يتخير وقتها متى شاء من أيام الشهر بشرط مراعاة اجتناب الأيام المنهي عن صومها .
أما الأيام البيض فيقصد بها أنها أيام الليالي البيض وذلك لأنها تبيض بطلوع القمر مكتملا من أولها إلى آخرها ، وهي اليوم الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر قمري هجري ، وتسميتها بالأيام البيض هو من باب التجاوز[1].

بالنسبة لصيام ثلاثة أيام من كل شهر فقد اتفق الفقهاء على استحباب هذا النوع من الصيام ومشروعيته دون خلاف بينهم في ذلك[2]، فقد دلت السنة النبوية على استحباب ذلك ومشروعيته ، ومما ورد في هذا الشأن :

 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " صم من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صوم الدهر أو كصوم الدهر "[3].
وجه الاستدلال :
أن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن صوم ثلاثة أيام من كل شهر يعدل صيام الدهر وهذا يدل على مشروعيته واستحبابه .

أما بالنسبة لمشروعية صوم الأيام البيض فقد اختلف الفقهاء في مشروعيتها واستحباب تخصيصها بالصوم على قولين من حيث الإجمال :

القول الأول : وهو استحباب صوم الأيام البيض ومشروعية تخصيصها بالصوم ، وإلى هذا ذهب الجمهور[4].

القول الثاني : وهو عدم استحباب تخصيص الأيام البيض بالصيام ، وإلى هذا ذهب مالك ومن وافقه[5].

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول بأدلة من السنة وآثار الصحابة والإجماع :

فمن السنة النبوية :
- عن أبي ذر رضي الله عنه قال : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام البيض : ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة "[6].
وجه الاستدلال :
أن في الحديث حثا وإرشادا من النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته رضوان الله عليهم أن يصوموا الأيام البيض ، وهذا يدل على الاستحباب[7].
اعترض عليه :
- أن الحديث معلول ، فلا يسلم بصحة الاحتجاج به مرفوعا وكذا بقية الآثار المرفوعة في المسألة[8].

ومن آثار الصحابة :
- سئل ابن عباس - رضي الله عنه وعن أبيه - عن صوم الأيام البيض فقال : " كان عمر يصومهن "[9].

- قال أبو ذر رضي الله عنه : " من كان صائما من الشهر ثلاثة فليصم الثلاثة البيض "[10].

وجه الاستدلال مما سبق :
أنه قد ثبت بالنقل عن بعض الصحابة تخصيص صوم الثلاثة أيام بالأيام البيض .

ومن الإجماع :
- قد نقل اتفاق العلماء على استحباب صيام الأيام البيض[11].
اعترض عليه :
بعدم تسليم انعقاد الاتفاق لوجود المخالف له المعتد بخلافه[12].

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من السنة :

1- سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : " أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قالت : نعم ، فقلت لها : من أي أيام الشهر كان يصوم ؟ ، قالت : لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم "[13].



2- عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال : " أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له صومي ، فدخل علي فألقيت له وسادة من أدم حشوها ليف فجلس على الأرض وصارت الوسادة بيني وبينه ، فقال لي : أما يكفيك من كل شهر ثلاثة أيام ؟ قلت : يا رسول الله ! قال : خمسا ؟ قلت : يا رسول الله ! قال : سبعا ؟ قلت : يا رسول الله ! قال : تسعا ؟ قلت : يا رسول الله ! قال : إحدى عشرة ؟ قلت : يا رسول الله ! قال : لا صوم فوق صوم داود شطر الدهر صيام يوم وإفطار يوم "[14].

وجه الاستدلال من الحديثين :
أن الحديثان يدلان على استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر دون ذكر تحديد لها بالأيام البيض ، بل هي متاحة في سائر أيام الشهر ، ولو كانت مشروعة بالتخصيص لحددها النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو . (( يلاحظ أنه لم يقل له أيضا : صم الاثنين والخميس وإنما ذكر له أعدادا وترية للصوم شهريا ))
وهاهي عائشة أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت أنه صلى الله عليه وسلم  لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم .
[15].

الترجيح :
يظهر بعد النظر في المسألة وأدلتها رجحان القول بمشروعية صيام الأيام البيض كغيرها من الأيام ولكن دون اعتبارها صوما مغايرا لصيام ثلاثة أيام من كل شهر بل هي من صوره ، حيث أن مما يقوي المشروعية هو بعض آثار للصحابة رضوان الله عليهم من الذين يتحقق فيهم تعريف الصحابي عند الأصوليين وأنها أيضا في أمور المقدرات وقد مر بيان دلالة ذلك ، إلا أنه لا يمكن التسليم مطلقا باعتبار صوم الأيام البيض مغايرا لصوم ثلاثة أيام من كل شهر وذلك لعدم سلامة الأحاديث المرفوعة في المسألة من علة أو ضعف ، وبهذا يمكن الجمع بين القولين ، لكن لا يسلم مثلا استحباب إفراد يوم جمعة بالصوم وافق الأيام البيض بل يرجع إلى أصل حكمه ، وعلى هذا فإن مصدر ثبوت صوم ثلاثة أيام شهريا هو السنة بينما مصدر تخصيص الأيام البيض من كل شهر هو قول للصحابة والله أعلى وأعلم .

تتمة :
عند النظر في أحاديث صيام الاثنين والخميس وصيام الأيام البيض فإنه لا يبعد أن تكون الأنواع السابقة من صوم التطوع ما هي إلا من صور صيام الثلاثة أيام من كل شهر ، فيكون صوم الثلاثة أيام من كل شهر هو الأصل في استحبابها وتكون هي كصور وحالات له[16].


[1] المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/410) ، الذخيرة لأحمد القرافي (2/532) .
[2] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/78) ، الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر القرطبي ص 129 ، المهذب لأبي إسحاق الشيرازي (1/188) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/59) .
[3] رواه البخاري في صحيحه (3/1257) كتاب الأنبياء ، باب قول الله تعالى : ( آتينا داود زبورا ) ، رقم : 3237 .
[4] المبسوط لمحمد السرخسي (11/231) ، شرح فتح القدير لمحمد السيواسي (2/303) ،  ، الحاوي الكبير لعلي الماودري (3/474) ، المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/410) .
[5] الكافي في فقه أهل المدينة لابن عبد البر القرطبي ص 129 ، الشرح الكبير لأحمد الدردير (1/517) .
[6] رواه النسائي في السنن الكبرى (2/136) كتاب الصيام ، ذكر الاختلاف على موسى بن طلحة في الخبر في صيام ثلاثة أيام من الشهر ، رقم : 2730 ، وابن حبان في صحيحه (8/415) كتاب الصوم ، باب صوم التطوع ، رقم : 3656 .
[7] المبسوط لمحمد السرخسي (11/231) .
[8] عمدة القاري شرح صحيح البخاري لمحمود العيني (11/97) ، منحة العلام شرح بلوغ المرام لعبد الله الفوزان (5/93) .
[9] رواه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/856) رقم : 1210 ، والحارث بن أبي أسامة كما هو في بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث لعلي الهيثمي (1/425) ، رقم : 340 .
[10] رواه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (2/857) رقم : 1214 .
[11] اختلاف الأئمة العلماء لأبي المظفر الشيباني (1/259) ، شرح النووي على صحيح مسلم ليحيى النووي (8/49) .
[12] عمدة القاري شرح صحيح البخاري لمحمود العيني (11/97) .
[13] رواه مسلم في صحيحه (2/818) كتاب الصيام ، باب استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، رقم : 1160 .
[14] رواه البخاري في صحيحه (5/2315) كتاب الاستئذان ، باب من ألقي له وسادة ، رقم : 5921 ،
[15] بداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد القرطبي (1/226) ، منحة العلام في شرح بلوغ المرام لعبد الله الفوزان (5/95) .
[16] انظر في هذا الموضوع : شرح صحيح البخاري لابن بطال البكري (4/124) ، تهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله من الأخبار لابن جرير الطبري (2/863) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق