الأحد، 7 سبتمبر 2014

هل الأكاديميات الشرعية موصلة للشريعة ؟!



" إن كنت تريد فهم الدين فأنت في الطريق الخاطئ ... وإن كنت تريد لقمة عيش فأنت وشأنك " هذا جواب صرت أذكره لمن يسأل عن الدراسة في بعض الأكاديميات الدينية الشائعة ، توفيرا لعمره وطاقة ذهنه أن تقضى عبثا فيما يضر وقد ينفع ، ولكن لمَ التحامل على صروح تصنع متحدثين باسم الدين يُرَون بعين الإعجاب والإجلال ؟ صبرا أيها السائل فليس مبصر البيت كداخله  !

ما الدين وما جوهره ؟ لم أستطع رؤية الإجابة رغم وضوحها في القرآن الكريم لارتدائي نظارة ضبابية غرستها تلك المنهجيات السائدة في تلك الأكاديميات ، وكيف يعطي الإجابة من حُرمها ؟!

أول ما تصدم به هو إجبارك على ارتداء تلك العدسات الضبابية مانعة التوسع والانطلاق ، ستبدأ بتقييدك وفصل علوم الدين واجتزائها باسم التخصص ، فلا تظن أنك ستأخذ نظرة شاملة عن الدين وكافة قضاياه والعلوم المعينة على فهمه ، هل تجد فرقا بينها وبين ( الذين جعلوا القرآن عضين ) ؟!

وبعد تلك التشويهات ستجد مشتركا منهجيا بينها : ستتعلمها تعليما يسيطر عليه التراث ولا يعرف آخِرَ اجتهادات وتطورات البشر والمعارف ذات الصلة بموضوعه ، يسيطر عليه الحفظ لا الفهم ، الزاوية الواحدة لا النظرة الكلية ، النقول لا العقول .. بل العقل في مأساة هناك ومقارن للكفر والزندقة بينما هو قرآنيا من غايات الدين ( لعلكم تعقلون ) بل يحكي القرآن - ولا التفات لمنطقه هناك - قول أهل النار ( لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ، فاعترفوا بذنبهم ) أما هناك فستُحذر من تقديم العقل على مجرد نقل الرواة أو اجتهادات بشر لا لسبب سوى أنهم بشر أقدم ! وكأن لسان حالها ( إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون  ( .

إن جئت لأهم مهمات الدين وغاياته كالشكر والتعقل والتقوى والتفكر والتذكر والهداية وغيرها لما وجدت لها شأنا كما هو الشأن مع اكثر من 1000 آية كونية لا " تخصص " لها ولا التفات ، بل التساؤل عن غايات الدين هناك غريب أو ذو إجابة سطحية ، ودائما ما يحال على العبادة والتي نص القرآن أنها وسيلة لغايات أعظم منها ( اعبدوا ربكم ... لعلكم تتقون  (
ومع جعلهم العبادة غاية فإن حظها ناقص أيضا ، فالصلاة التي تحدث عنها القرآن واصفا إياها أنها مانعة الجزع والهلع وناهية الفحشاء والمنكر ، راقية بالإنسان للعفة والكرم وتجاوز الذات ، لن تتعرف على روحها وكيميائها هناك بل ستضيع وقتك في تعلم صلاة ميكانيكية لن يعلموك شيئا عن غايتها النبيلة بل ستروض على تعلمها من خلال منهجية تلج من سم الخياط لضيقها ولها آثار جانبية ! ومثل ما في الصلاة كان أيضا في تعليم بقية العبادات وقضايا الدين ، ستتخرج كائنا آليا لا إنسانا روحيا ! لذا لا تستغرب اختفاء نتيجة عبادة عُلِّمت شكلا دون معنى وحركة دون غاية  .

وما سبق موجز وإلا طال في فصول ، حاصلهُ مخالفات صريحة لنص يفترض بها خدمته هو القرآن ، وإبطال لتميز يفترض بها استعماله هو عقل الإنسان ، وما تقدم لا يعني عدم وجود بقايا من نور فيها ، فالقرآن عندما حارب رجال الكهنوت الديني - وهي قضية لن تسمع سوى تقديسها في تلك المصانع ! - ذكرها بصفة أنها أكثرية لا مطلقة ، فهناك بين الظلام توجد نجوم تستحق الإجلال فعلا لكنها سجينة  !كما توجد أكاديميات تتجاوز كثيرا من النقد وفي عددها نقص !

شكر وتقدير

ذلك المغرور القبيح بمجرد أن رأى المرآة حطمها وكأن العيب من المرايا ! هذا ما فعله بعضهم حين رأى أفكاره حية ... حين رأى داعش !
فشكرا لداعش على فضح المغرور وذلك الوحش المسعور المعجب بك بجواره ! وكأنك أظهرت لنا نتيجة عينية لاعتماد التراث على حساب بوصلة القرآن وعقل الإنسان كمنهج تلك الأكاديميات ! مرة أخرى من أعماق العقل شكرا !

ودمتم بخير

محمد جاسم الفودري

اقرأ أيضا
كلية الشرعية بين المساواة بالحقوق وإلغاء كيانها ولماذا الدعوة إلى إلغاءها ؟
http://foudery.blogspot.com/2012/06/blog-post_05.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق