السبت، 2 فبراير 2013

محاربة تولية المرأة للقضاء .. وهل العدالة ملازمة للذكورة ؟!

نشرت في جريدة سبر الالكترونية
http://www.sabr.cc/inner.aspx?id=52473
02-02-2013





يقول الفقيه والأديب الأندلسي الشهير بإنصاف النساء من جور فتاوى التراث علي بن حزم رحمه الله : " قوله تعالى  ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) هذا خطاب متوجه بعمومه إلى الرجل والمرأة ، والدين كله واحد إلا حيث جاء النص بالفرق بين المرأة والرجل " . بتصرف واختصار .

تُلقى التساؤلات في وجه من يتصدى لتحريم تولي المرأة القضاء فلا تسمع كلمات تستحق أن تسمى إجابة  ! لماذا تمنعونهن ؟ هل العدالة والحكمة هي حكر على معاشر الذكور دون الإناث التي خَرَّجت تلك الذكور وصنعت من بعضهم رجالا ؟ هل المانع في هذه القضية الدين أم عاداتنا وتقاليدنا التي لو ترك لها العنان لربما أعادت تشريع وأد البنات ؟!

أليس غريبا أن يبنى حكمكم بالتحريم على رواية حديث " لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " وهي مستندكم بالتحريم بينما هي رواية أقيم على صاحبها حد القذف فلا تقبل شهادته ويحكم عليه بالفسق بنص القرآن لا بنص قواعد بعض البشر ؟ والمفارقة هي أنه نجد بينكم من يدعي توقيره لعمر بن الخطاب رضي الله عنه  لكنه يحارب في الوقت نفسه حكم عمر برد شهادة هذا الراوي " أبو بكرة ، نفيع بن الحارث الثقفي " ! ويكفي فخرا وإثباتا للفارق بين المنهجين المتناولين لهذا الحديث ردا أو قبولا هو مضمون الأدلة  ، فبينما كان منطلق أول من تفطن لهذه الجزئية د محمد الأشقر رحمه الله هو كلام رب البشر بصراحة لا غبار عليها ؛ كانت ردود مخالفيه ليست سوى أوهام تراثية وقواعد بشرية يظهر ضعفها بمجرد أدنى مقارنة علمية ! فضلا عن أن سياق الحديث لو سلم بثبوته ليس في القضاء أصلا ! فقليلا من الانسجام مع مبادئكم يرحمكم الله !

وكلنا نقرأ سورة النمل وفيها قصة تلك المرأة العظيمة ملكة سبأ بلقيس ، فهل يا ترى أفلحت وأفلح قومها  أم أنهم لم يفلحوا ؟  ولَتصديق صريح القرآن أحب إلى العقلاء من مظنونات التراث ...

وهذا نبينا صلى الله عليه وسلم بعد أن لم يستطع إقناع أصحابه في الحديبية  بحلق رؤوسهم ليتحللوا من العمرة جاءه نصح زوجته أم سلمة رضي الله عنها : " يا نبي الله اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك " فكانت استجابته صلى الله عليه وسلم لحكمة زوجته رضي الله عنها حلا للمشكلة ودرسا أن الحكمة ليست حكرا عليكم معاشر الرجال ، وهل أساس القضاء وقوامه إلا على وجود الحكمة و العدالة التي نفتقدها في كثير من الذكور ؟ قوله تعالى ( وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) هو تنبيه إلى أهم قضية في القضاء " العدالة " وهي لا تعرف التحيز أو الفرقة بين ذكر أو أنثى .

عموما نطمئن السادة المحرمين أن القضاء اليوم ليس فرديا كما هو متناول في التراث الفقهي ، ولكنه يصدر بصورة جماعية وله درجاته ، فلو شاركت المرأة بالقضاء فلن تكون وحدها ، وهذه نقطة جديرة بالتأمل .

نمنمة الختام :

لا يقين عندي أن الفلاح وعدمه مرتبط بتولي المرأة أو الرجل للقضاء ،  لكني متيقن تماما أنكم لن تفلحوا أبدا إذا وليتم أمركم ظالما وشرعتم الخضوع له !

ودمتم موفقين 
محمد الفودري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق