ما يلي جزء من أطروحتي الماجستير أنشره تيسيرا للباحثين
لقراءة الرسالة كاملة من هنا
لمن يريد الإيجاز :
يجوز الأكل والشرب إلى طلوع الفجر الصادق الثاني أو أذان الفجر الثاني ومنه يبدأ الإمساك والصيام ، أما
توقيت الإمساكيات الرمضانية فغير ملزم وتضيق على الناس وقت السحور ولا ارتباط فلكيا أو شرعيا يتعلق بها .
لمن يريد التفصيل :
- الإمساكيات الرمضانية :
ظهر
وانتشر في العصر الحديث ما يعرف بالإمساكيات الرمضانية وهي تلك التقاويم أو
الرزنامات التي توزع في شهر رمضان متضمنة لمواقيت الصلاة فيها ، وتتميز عن غيرها
بأنها تجعل وقتا للإمساك لمن يريد الصيام ويكون بحدود عشرة دقائق قبل أذان الفجر ،
وبعض التقاويم تجعله قبل عشرين دقيقة من أذان الفجر[1].
ويرى
بعض العلماء والباحثين استحباب ذلك الإمساك بالاستناد على مبدأ الاحتياط وبعض
الأدلة ، منها :
-
عن زيد بن حارثة رضي الله عنه قال : " تسحرنا مع النبي صلى الله عليه و سلم
ثم قام إلى الصلاة ، قال الراوي : كم بين الأذان و السحور ؟ قال : قدر خمسين آية
"[2].
وجه
الاستدلال :
أنه
قد دل ظاهر الحديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم امتنع عن الطعام قبل أذان
الفجر بمقدار خمسين آية وهذا يعادل العشرة دقائق تقريبا ، وهذا قد يفسر بالاحتياط
أيضا ، فيستحب الإمساك عن الطعام والشراب قبل الأذان بالمقدار السابق احتياطا ،
ويرى البعض أن الإمساك بالمقدار السابق يتأكد في حالة عدم دقة التقاويم[3].
وهذا
لا يسلم به وخاصة أنه إن بني على عدم دقة التقاويم فقد سبق أن الخلاف مع غالب
التقاويم المعاصرة المنتشرة يفترض تأخر وقت الفجر الصادق عنها ، فالقول بالاحتياط
للفجر بتقديم الإمساك بناء على التقاويم الحالية المنتشرة أمر يظهر ضعفه ، ومن جهة
أخرى فقد تقدمت بعض الأدلة فيما سبق المفيدة إلى أن وقت الأكل والشرب ممتد حتى
يحصل التبين بطلوع الفجر وهذا يعارض مبدأ الاحتياط ، من ذلك قوله تعالى : ( وكلوا
واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)[4]
، فالله
عز وجل أباح الأكل والشرب إلى أن يتبين الفجر
تبينا لا لبس فيه ولم يعلق وقته إلى الشك فيه ، وسبق بيان أن النبي صلى الله عليه
وسلم أباح للناس الأكل والشرب إلى أذان ابن أم مكتوم رضي الله عنه ، وأنه كان لا
يؤذن إلا بطلوع الفجر .
وقد
روي تأكيد هذا المعنى من قبل بعض الصحابة ، فقد جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنه
يسأله عن السحور فقال له رجل من جلسائه : " كل حتى إذا شككت فدعه " ،
فقال له ابن عباس : " إن هذا لا يقول شيئا ، كل ما شككت حتى لا تشك "[5].
فبناء
على ما سبق يظهر ضعف مبدأ الاحتياط للصوم وعلى هذا لا معنى للتقدير المعاصر لوقت
الإمساك بجعله عشرة أو عشرين دقيقة ، وحتى لو سلم به فلا يسلم بأن مقدار قراءة
خمسين آية يصل إلى هذا الحد فهو تقريب اجتهادي قابل للأخذ والرد وللزيادة عليه أو
النقصان منه ، ولا يظهر له مصدر ثابت يثبت تقديره بدقة ، والله أعلى وأعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق