يقال
حاور الملحد كربوبي ، وحاور الربوبي كمؤمن ... لكن من أي ثقافة إيمانية أحاوره ؟
الإجابة على السؤال السابق تختصر أزمة الحوار بين الطرفين
المترددة بين معقولية بعض قضايا الإيمان من عدمها ، حيث يلعب الربوبي دور المهاجم
ويلعب المؤمن التقليدي دور المدافع في مباراة لا أجد فائزا فيها .
كل ما وجدته من انتقادات ربوبية وإلحادية كان خاصا تماما بفهم مدارس إيمانية تراثية لولا الوراثة ما ازدهرت ، دائما ما اقترنت بوصف التطرف !
لكن لم أجد الحوار يتوجه - على الأقل بشكل كبير - إلى
أطروحات حداثية تجديدية إنسانية لفهم الدين لها منطقها ومذاهبها التي هي محل تجاهل
من الربوبيين ومحل ازدراء من أصحاب الإيمان التراثي ، طالما وجدت فيها شخصيا حلولا
مرضية لكلا الطرفين .
ولم التعويل على المذاهب الحداثية بينما الإيمان الذي
أجده في القرآن مصدر الفهم الأساسي للدين فيه حل الأزمة دون إطالة ؟
هو إيمان لا يضره الشك ولو كان من نبي كما في قصة
إبراهيم وعزير اللذين شكا بالبعث والآخرة بل يتعايش معه .
هو إيمان يؤكد على أن العقل من غاياته ، ولطالما حذر من
اتباع الموروث والأكثرية دون بينة ، وجعل التحدث باسم الله كذبا أعظم جريمة تفوق
الشرك والتي يشتهر بها الكهنوت الديني وبسببه كانت أكثر مشاكل الربوبيين مع الدين
.
أحب هذا الصراع بين الربوبية والإيمان التقليدي وأراه
يتجه إلى طريق ثالث جميل ، حيث أجد إيمانا يلائمني كإنسان دون جناية على عقلي .
قريب من الموضوع :
عندما
أتأمل تلك النزاعات أقدر تماما فكرة دعوة محمد إقبال لتجديد الفكر الديني بجعل
تجربة الإيمان وبرهنة إمكانيتها أولوية إذ هو إيمان صاف لا شك فيه وطاقة روحية
متقدة تحقق مقاصد الدين .
إن فهمت معنى تجربة الإيمان وإشعال الروح ستدرك تماما لم كانت مدرسة العرفان والتصوف مستهينة بالإيمان العقلي - ولست بمنتقص منه وأرى فائدته - إذ لا شيء يعدل إيمان التجربة الذي هو إيمان حي بخلاف طريق المنطقة والاستدلال .
يقول مولانا جلال الدين الرومي :
إن رِجل أصحاب الاستدلال المنطقي من خشب، وإن الرِّجل الخشبية
صلبة لامرونة فيها ولا تمكين . إن كلام هؤلاء كلام جاف ميت لا روح فيه ولا حياة ،
ولا تأثير فيه ولا جمال، لانه يصدر عن قلب ميت، وكيف يؤثر ويثمر كلام ميت يصدر عن
ميت ؟
ويقول ابن عربي :
من يؤمن بانيا إيمانه على البرهاين والإستدلال..لا يمكن الوثوق بإيمانه
لأنه مستمد من الفكر والنظر..فهو إيمان متأثر بالاعتراضات .
ودمتم بخير
محمد الفودري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق