ما يلي جزء من أطروحتي الماجستير أنشره تيسيرا للباحثين
لقراءة الرسالة كاملة من هنا
الخلاصة :
صوم يوم السبت تطوعا منفردا أو مقترنا مع غيره لا شيء فيه أبدا ، وسامح الله من يضيق على الناس ويمنعهم الأجر والثواب بناء على تقليد متعصب
التفصيل :
في
حكم صيام يوم السبت وقع خلاف بين الفقهاء وبيانه بعد تحرير النزاع :
-
اتفق الفقهاء على عدم كراهة صوم يوم السبت إن اقترن بغيره أو وافق صيامه عادة
لصاحبه ، وتنازعوا في حكم إفراده بالصوم تطوعا على قولين :
القول
الأول : أنه مكروه ، وهو قول الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة وأحد القولين
عند المالكية [1].
القول
الثاني : أنه جائز كغيره من الأيام ، وهو القول الآخر عند المالكية وقول عند
الحنابلة [2].
أدلة
القول الأول :
استدل
أصحاب القول الأول بأدلة من السنة ومن المعقول والقياس :
فمن
السنة :
-
ما روي عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال : " لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم "[3].
-
وجه الاستدلال :
أن معنى النهي في
الحديث هو أن يختصه الرجل بالصيام وذلك لأن اليهود يعظمونه[4].
-
اعترض عليه من وجهين :
الأول
: أن الحديث مضطرب شاذ ، فلا يسلم الاستدلال به[5].
الثاني
: على فرض صحته فإنه يحمل على كونه منسوخا وذلك لمعارضته الأحاديث الثابتة عن
النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على جواز صوم يوم السبت في غير الفريضة[6].
ومن
المعقول والقياس :
-
أن في إفراد يوم السبت بالصيام تشبها باليهود[7].
يعترض
عليه :
ليس
في إفراد يوم السبت أي تشبه باليهود أبدا ، بل هو عين المخالفة لهم ، واليهود لا
يصومون يوم السبت ولا يخصونه بصيام لذاته بل هو يوم يزعمون أنهم أمروا بالأكل
والراحة فيه[8].
وقد
دلت السنة النبوية على هذا المعنى كما سيأتي .
ملاحظة : كم المعيب أن يستمر هذا الاستدلال إلى اليوم والكتاب المقدس اليوم موجود في كل مكان لكن ما العمل مع تلقي التراث بقدسية لا تعرف التحقيق !! طهروا العلوم الشرعية من الجمود !
أدلة
القول الثاني :
استدل
أصحاب القول الثاني بأدلة من السنة النبوية ، منها :
1-
عن أم المؤمنين جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل
عليها يوم الجمعة وهي صائمة فقال : " أصمت أمس ؟ ، قالت : لا ، قال : تريدين
أن تصومي غدا ؟ ، قالت : لا ، قال : فأفطري"[9]،
وقد ورد بمثل معناه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا كما تقدم[10].
وجه
الاستدلال :
الحديث
صريح في جواز صيام يوم السبت ، وهو معارض لحديث النهي عن التطوع فيه مطلقا أيضا .
2-
عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه
و سلم يصوم يوم السبت والأحد أكثر ما يصوم من الأيام ويقول إنهما يوما عيد
للمشركين فأنا أحب أن أخالفهم "[11].
وجه
الاستدلال :
أن
الحديث يدل على استحباب صوم يومي السبت والأحد مخالفة لأهل الكتاب ، وظاهره جواز
صوم كل منهما سواء على الانفراد أو الاجتماع[12].
الترجيح
:
يظهر
بعد النظر في المسألة وأدلتها رجحان القول الثاني القائل بمشروعية صوم يوم السبت
منفردا كغيره من الأيام وذلك لقوة أدلته وسلامتها من المناقشة .
أما
أدلة القول الأول فلم تثبت نصا صريحا فيما ذهبت إليه ، ولم تسلم أدلتها من
المناقشة .
ويظهر
أيضا ضعف القول المعاصر بحرمة صوم يوم السبت تطوعا مطلقا ، لما مر من الاعتراضات
على حديث النهي عن صوم يوم السبت إذ هو معتمده في تحريم التطوع مطلقا ، والله أعلى
وأعلم .
ودمتم موفقين
محمد الفودري
[1] انظر : بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء
الدين الكاساني (2/79) ، البحر الرائق شرح كنز الدقائق لابن نجيم الحنفي (2/278) ،
الذخيرة لأحمد القرافي (2/497) ، القوانين الفقهية لابن جزي الكلبي ص 78 ، المجموع
شرح المهذب ليحيى النووي (6/451) ، فتح الوهاب شرح منهج الطلاب لزكريا الأنصاري
(2/352) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/52) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف
لعلي المرداوي (3/347) .
[2] انظر : الكافي لابن عبد البر القرطبي ص 129 ، عبد
الوهاب ، عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي القاضي (2008م) . الإشراف على نكت
مسائل الخلاف . تحقيق مشهور آل سلمان . الرياض : دار ابن القيم (2/284) ، الفروع
لمحمد بن مفلح (3/92) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/347)
.
[3] رواه أحمد في مسنده (4/189) رقم : 17722 ، وابن
خزيمة في صحيحه (3/317) كتاب الصيام ، باب أمر الصائم يوم الجمعة بالفطر مفردا ...
، رقم :2163 ، وسيأتي ذكر حكمه .
[9] رواه البخاري في صحيحه (2/701) كتاب الصوم ، باب
صوم يوم الجمعة ، رقم : 1885 .
[10] رواه مسلم في صحيحه (2/801) كتاب الصيام ، باب
كراهية صيام يوم الجمعة منفردا ، رقم : 1144 .
[11] رواه النسائي في السنن الكبرى (2/146) كتاب
الصيام ، باب صيام يوم الأحد ، رقم : 2776 ، ورواه ابن خزيمة في صحيحه (3/318)
كتاب الصيام ، باب الرخصة في يوم السبت ، رقم : 2167 ، ورجح الألباني ضعف إسناده
في إرواء الغليل (4/125) رقم : 961 .
[12] سبل السلام شرح بلوغ المرام للأمير الصنعاني
(2/172) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق