الاثنين، 2 مارس 2015

مولانا جلال الدين الرومي ونظرية التطور ... هل سيتطور الإنسان ؟


إن كان الملك ميداس يحول كل ما يلمسه إلى ذهب ، فإن مولانا جلال الدين الرومي يحول كل ما يلمسه إلى تحفة من الجمال الخالد وتأمل راقي وفن متسامي

هل هناك نظرة إيجابية روحية لمسألة التطور ؟ وهل هناك مرحلة أخرى مقبلة لتطور الإنسان ؟

يقول محمد إقبال رحمه في كتابه تجديد الفكر الديني :
" إن نظرية التطور قد جلبت اليأس والقلق للعالم الحديث بدلا من الأمل والحماس ، ويرجع سبب ذلك إلى الفرض الحديث الذي لا مبرر ولا داعي له من ان تركيب الإنسان الحالي عقليا بل فسيولوجيا أيضا هو نهاية المطاف ، وهو الكلمة  الأخيرة في التطور البيولوجي وان الموت بصفته حادثة بيولوجية ليس له أي معنى بنائي !"

لكن مولوي لا يعرف تلك النظرة !

لن أطنب زيادة وأترككم مع قصيدتين لمولانا رحمه الله وطيب ثراه يتناول فيها نظرية التطور من زاوية روحية جميلة نادرة !

يقول مولوي :

عشتُ تحت الثرى في عوالم الأحجار وخامات المعادن ...

ثم ابتسمتُ لزهور عديدة الألوان ..

ثم تجولتُ مع الوحش في البرية ساعات ...

فوق الأرض وفي الهواء وفي مناطق المحيطات  ...

وفي ميلاد جديد غطستُ تحت الماء ..

وطرتُ في الهواء ..

وزحفتُ   ..  وجريتُ ..

وتشكلت كل أسرار وجودي في صورة أظهرتها للعيان ..

فإذا أنا إنسان ..

ثم صار هدفي في أن أكون في صورة ملاك ..

وراء السحاب .. وراء السماء ..

في عوالم لا يتغير فيها أحد ولا يموت ..

ثم أمضي بعيدا وراء حدود الليل والنهار ..

والحياة والموت ..

سواء كانت هذه الحدود مرئية أو غير مرئية  ..

حيث كل ما هو كائن ... كان دائما واحدا وكُلّا !

ويقول أيضا :

في البداية ظهر الإنسان في رتبة الأشياء غير العضوية

ثم انتقل من رتبة الجماد إلى رتبة النباتات

وعاش سنوات بصفته أحد النباتات

لا يتذكر شيئا عن حالته غير العضوية المخالفة لما صار إليه

فلما انتقل من حالته النباتية إلى الحيوانية

لم يعد يتذكر حاله كنبات

سوى ميله الذي يحس به نحو عالم النبات

خصوصا في وقت الربيع وتفتح الأزهار الناضرة

مثلما يحس الأطفال بالحنين إلى أمهاتهم

دون أن يعرفوا سبب ميلهم إلى صدورهن

ثم أخرجه الخالق العظيم - كما تعلمون -

من رتبة الحيوانية إلى رتبة الإنسانية

فانتقل الإنسان بذلك من رتبة في الطبيعة إلى رتبة أخرى

حتى أصبح حكيما عالما قويا كما هو الآن

لكنه الآن لم يعد يذكر شيئا عن نفوسه الاولى


وسوف تتغير نفسه الحالية مرة أخرى ! 


ودمتم بروح 
محمد الفودري