الاثنين، 21 يناير 2013

كيف يحارب الإلحاد والردة من يصنعهما ؟!

نشرت معدلة في جريدة سبر :
http://www.sabr.cc/inner.aspx?id=51637
22 / 1 / 2013

قال محمد الغزالي : " إن انتشار الكفر في العالم يحمل نصف أوزاره متدينون بغضوا الله إلى خلقه بسوء صنيعهم وسوء كلامهم " .

كم من عقول نيرة شبابية حرة لما أرادت بناء معتقداتها على اليقين والوصول إلى الإجابات الشافية الكافية المنطقية لتطمئن من ضوضاء الإلحاد صدمت بضعف من يفترض فيهم فهم الدين والتبحر بعلومه  وبجهلهم الغزير اللذي يظنونه آخر القطعيات الدينية والمسلمات العلمية، لجأ إليهم الشباب : دلونا كيف نأصل لمسألة إثبات الخالق ؟ كيف نعرف حقيقة الوحي وإثبات الشرائع ؟ فلم يجدوا جوابا سوى قصة فتاة مسخت وزغا ( البريعصي ) أو مقطع ملفق لصوت أناس يعذبون في القبر ألبس ثوبا علميا (ولم تبذل اللحى التي أصلت لهذه الخرافة إلى اليوم ما يكفر عن قبيح زلتها بل ربما لم تنتبه أصلا ) ولا يجدون سوى بعض فبركات الفوتوشوب التي لا يزال تصديقها حكرا على بعض المخرفين ( صور جن مزعومة ونحوها ) أو خزعبلات كثيرة تنسب إلى الاعجاز العلمي للقرآن ( وبدورها جنت على صحيح تلك الاعجازات ) فلا تجد تلك العقول الحائرة من رجال الدين التقليديين سوى بعض الأجوبة " المتبلة " ، فكيف لعقول مقيدة أن تجاري عقول الشباب الحرة أصلا ؟!

من تلك العقول النيرة من يلحد لاستماعه إلى دوكنز ، أو تأثره بستيفن هوكنج ، أو مجرد اطلاعه على البيولوجيا و نظرية التطور والتي هي مسلمة علمية لا يزال من الزندقة المجاهرة بها في بلاد العرب وهلم جرا ، وليس التثريب أو اللوم على هؤلاء في المقام الأول بل اللوم على تلك الأشباح التي لم تعرف من الدين سوى ما ينقله التراث عنه من تعصبات وكراهيات ومسائل الجهل بها نعمة ولكنها اعتقدتها هي الدين كله ، وعلى تلك الثقافة التي أصلت للحكم على الأفكار والأديان من خلال الشخوص !

ليس المقام هنا مقام لوم وتثريب للملحدين بقدر ما هو عتاب لبعض المتخصصين في علوم الدين الذين لم يحاولوا ولو مرة الشك في موروثاتهم الفكرية أبدا ومحاكمتها فلم يقتدوا بالقائل الكريم ( ولكن ليطمئن قلبي ) ، بل ولم يحاولوا الاستفادة من كنوز تراثهم وعمالقة أسلافهم كأبي حامد الغزالي صاحب تهافت الفلاسفة  أوالتراث المعتزلي الذي من أبجدياته وجوب معرفة الله وإثباته عقلا بالتفكر والنظر  قبل كل شيء ،  ولكن استبدل " الكتاكيتُ " الكنوزَ بعفن تراثي تلقوه بدون تمحيص كتحريم النظر في مسألة إثبات الخالق حتى لا تضل عقولهم الطاهرة وانشغلوا باحتكار فهم الدين وقمع المخالفين ! ولا يزالون يحبون الانطواء على أنفسهم فهم إلم يستفيدوا من كنوز تراثهم كيف لهم أن يفقهوا أحدث وأرقى التوجهات العلمية الفلسفية في إثبات وجود الخالق كـبرهان " التصميم الذكي أوالتطور الموجه " ، عفوا ، يبدو أنني نسيت عداءهم للعلم وأنهم يظنون أن قوله تعالى ( إنما يخشى الله من عباده العلماء ) لا يشمل غيرهم رغم أن سياق الآية يشير بوضوح إلى علماء الطبيعة !!

ليُعتبر هذا الموضوع مجرد تسليط ضوء وتذكير ، فبينما أتباع الديانات الأخرى تراجع موقفها وأفكارها وتراثها فوضعنا اليوم ( مكانك راوح ) رغم بعض الجهود النيرة والتي عادة ما تقابل بحرب من " الكتاكيت الشجاعة " ، ولو كانت  لدينا ثقافة محترمة واستفادة مثلى من كنوز التراث الذي نتغنا به لما ظهرت الموجة الإلحادية بهذا التفشي السريع في أمة لم تعرف الإلحاد بمعنى نفي الخالق مطلقا إلا في العصر الحديث !

وقد صدق محمد الغزالي حين قال أيضا :
" إن المذاهب المادية تستغل أخطاء الفكر الديني فى إحراز انتصارات كبيرة، وتستهوى الناس بما تقدم من حلول سريعة لمشكلاتهم على حين يتصف المتدينون بالتعقيد، وضعف الاحساس بمعاناة الناس..

ويوجد من يأمر تلامذته بتخريق صور الأحياء فى كتبهم، لأن التصوير حرام! ويوجد من يرى أن كشف الوجه نوعاً من الزنا، أو طريقاً اليه، ويوجد من يهاجم كون الأمة مصدر السلطة!! ويوجد من يتنكر بقوةٍ لتكوين الأحزاب، ولا يهمس بحرفٍ ضد تقييد الحريات!! 
ويوجد من يحسب إقامة الصلاة مغنياً عن تعلم الصناعات، ويوجد من يعيش مع أعداء الإسلام فى القرن الرابع، يهاجمهم وينال منهم، ولا يدرى شيئاً عن أعداء الإسلام فى هذا القرن !!!!

ألا يمهد هذا كله لإلحاد مدمر ؟! "

ختاما :

كل الشكر و التقدير للعلامة الموسوعي د عدنان إبراهيم على سلسلته الرائعة ( مطرقة البرهان وزجاج الإلحاد ) وبمثل المنهج المتبع فيها ترتقي الذوات البشرية وتكون لها القدرة على التأثير بالآخرين .

ولنتأمل في حديثه في إحدى الخطب عن مثل هذا الموضوع :



نمنمة استفهامية :
هل المجرم فقط هو من ارتكب الجريمة ؟؟ ألا يستحق المحرض والمتسبب عقوبة
؟

ودمتم موفقين
محمد الفودري

الخميس، 10 يناير 2013

لأننا أول أمة قالت " الأمة مصدر السلطات "... عرض لكتاب سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة لعبدالله المالكي


( إن المسلمين هم أول أمة قالت بأن " الأمة مصدر السلطات كلها " قبل أن يقول ذلك غيرها من الأمم ) مفتي مصر الأسبق محمد بخيت المطيعي

في كتابه الماتع " سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة " حاول الأستاذ عبدالله المالكي بيان أفضل الطرق والنظم السياسية لتطبيق الشريعة وكانت كما هو واضح من عنوان الكتاب " سيادة الأمة " أو الديموقراطية ، وأصل الكتاب كما ذكر مقالة قد كتبها وأثارت بعض الضجة و النقاش فأراد بهذا الكتاب الاسهاب في الشرح و التوضيح والمناقشة  ...

يتكون الكتاب من قسمين :

القسم الأول : تطرق فيه لبيان وشرح النظرية في أربعة فصول :

الفصل الاول : المرجعية العليا للشريعة الإسلامية

الفصل الثاني : مفهوم تطبيق الشريعة

الفصل الثالث : مفهوم السيادة

الفصل الرابع : الأمة هي الأصل

القسم الثاني : وخصصه لمناقشة الاعتراضات الواردة على النظرية فذكر أهم 4 اعتراضات عليه وزاد خامسا يتناول قضية الجهاد وحرية الشعوب ، وكانت الاعتراضات ومناقشتها كالتالي :

الاعتراض الأول : لو أن إرادة الأمة اقتضت تعطيل الشريعة

الاعتراض الثاني : إشكالية الإمكان  والتخيير في تطبيق الشريعة أو تعطيلها

الاعتراض الثالث : إذا كان الحاكم مسلما والشعب يرفض الشريعة كمرجعية

الاعتراض الرابع : أن أبا بكر قاتل المرتدين ولم يمنحهم حرية الاختيار

الاعتراض الخامس : جهاد القتال وحرية إدارة الشعوب

وبالمناسبة فالكتاب يتعرض لشرح وتقريب الديموقراطية أيضا وحسنا ما فعل لتفشي الجهل بحقيقتها ( أتكلم عن الكويت على الأقل )

قد شبعنا من ترهات التطبيق القسري للشريعة وتنظيراتها التي لا أجدها متوافقة مع الشريعة نفسها ، لذا فإن كان من يقرأ هذه السطور يؤمن بالتطبيق القسري فالرجاء منه أن يراجع الموضوع فهو جدير بالنظر والتأمل

وشخصيا أعتبر كتاب الحرية و الطوفان لحاكم المطيري وكتاب سيادة الأمة لعبد الله المالكي جزئين يكمل أحدهما الآخر

أترككم مع بعض الاقتباسات من الكتاب :

- السلطة المطلقة كما هو معلوم مفسدة مطلقة ، لهذا يجب مراجعة مفهوم الحاكم في الفقه السياسي الإسلامي !

- ليس كل حكم شرعي لازم من حيث الديانة يكون لازما من حيث القانون والفعل السياسي السلطوي

- مجالس التشريع في الديموقراطية ليست محلا للفتوى وبيان الأحكام الشرعية وإنما هي محل لانبثاق وصناعة السلطة عبر القوانين الملزمة

- فرق بين أن يكون المجلس مصدرا للحكم الشرعي وبين أن يكون مصدرا لمنح السلطة والإجبار عبر القوانين الملزمة

- الاعتقاد بامتلاك الحقيقة ( المرجعية ) لا يتضمن السلطة في فرضها على الآخرين

- النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة حين كانوا بمكة اعتقدوا بهيمنة الوحي على كافة شؤونهم ، لكن تلك الهيمنة لم تقتض سيادتهم السياسية على مكة لأنهم كانوا أقلية

- الأصل في الناس الحرية بحسب الخلقة و المنحة الإلهية ، وأما الاستبداد فهو عارض وطارئ عليهم !

- قال أبو هريرة (ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) مع أنه نبي معصوم فكيف بغيره؟

- ( وأمرهم شورى بينهم ) كل ما هو أمر مشترك بين الجماعة فهو شورى بينهم ولا يحق لأحد أن يغتصب الانفراد به والاستبداد بالتصرف فيه

- قال علي عليه السلام ورضي الله عنه: أيها الناس إن هذا أمركم ليس لأحد فيه حق إلا من أمّرتم،فإن شئتم قعدت لكم وإلا فلا أجد على أحد

- الديموقراطية لا تطالب المتنافسين بأن يقتنع كل طرف بمشروع الآخر إنما مجرد الإقرار السياسي بالنتيجة ، والإقرار بالنتيجة لا يلزم منه الرضا بها

- المعترضون يفترضون أن سيادة الأمة قد تؤدي إلى تعطيل الشريعة ،ونحن نجزم ونعلم تاريخيا وواقعيا أن سيادة الفرد المتغلب أدت وستؤدي إلى تعطيلها !

- الديموقراطية تقول للمؤمن: لست معنية بكون الشريعة لازمة في اعتقادك، إنما أنا معنية بالكشف عن إرادتك أنت هل تريد الالتزام بهذا الاعتقاد أو لا؟


دمتم أحرارا موفقين
محمد الفودري

فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ
وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ