الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

هل يستحب صيام يوم عرفة للحاج ؟

ما يلي جزء من أطروحتي الماجستير أنشره تيسيرا للباحثين
لقراءة الرسالة كاملة من هنا




باختصار :

لا أجد مبررا للتشنج في المسألة ( وما أكثر التشنجات على مسائل لا تصل إلى مستوى الإيجاب أو التحريم ، مشكلجية :) للأسف ) ، من صام وهو حاج يوم عرفة وله طاقة وقوة فقد فعل خيرا ، ومن أفطر فقد قصد خيرا لأجل بقاء التركيز وقت الدعاء ... المسألة تختلف باختلاف كل شخص وظروفه وظروف يوم عرفة نفسه .



# صوم يوم عرفة :

يوم عرفة : هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة[1].
وقد اتفق الفقهاء على مشروعية صومه واستحبابه[2]، فقد دلت السنة النبوية على ذلك وتأكده ، فمن ذلك :

- عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده "[3].
وجه الدلالة :
الحديث صريح في ذكر فضل صوم هذا اليوم وعظم أجره وثوابه .

وقد اختلف في استحباب صوم يوم عرفة بالنسبة إلى الحاج على قولين :

القول الأول : وهو أن صوم يوم عرفة مستحب للحاج إلم يضعفه ، وهو قول الحنفية ورواية عند الحنابلة ، ومن العلماء من استحبه للحاج مطلقا[4].

القول الثاني : وهو أن صوم يوم عرفة غير مستحب للحاج مطلقا ، وهو قول الجمهور ومنهم من يذهب إلى الكراهة[5].

أدلة القول الأول :
استدل أصحاب القول الأول بأدلة من السنة ومن آثار الصحابة ومن المعقول :

فمن السنة :
- عن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده "[6].
وجه الاستدلال :
أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حض على صيام يوم عرفة أعظم حض وأخبر أنه يكفر ذنوب سنتين فلا يستثنى الحاج من هذا الفضل وهو فيه كغيره ، والحديث لم يخص غير الحاج بالصوم ولم يصح أيضا نهي الحاج عن الصوم في هذا اليوم فكانت فضيلة الصوم قائمة للحاج وغيره[7].

ومن آثار الصحابة :
- أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كانت تصوم يوم عرفة في الحج[8].
- وقد ورد أيضا أن عثمان بن أبي العاص كان يرش عليه الماء يوم عرفة وهو صائم[9].
وجه الاستدلال :
أن فعل أم المؤمنين ابن أبي العاص رضي الله عنهما دليل على ثبوت استحباب صوم هذا اليوم للحاج[10].

ومن المعقول :
- أن الجمع بين الصوم والدعاء والوقوف بعرفة هو جمع بين قربتين جليلتين فكان مستحبا في حق الحاج أيضا ما لم يضعفه ، فإن ضعف كره الصوم في حقه ، لأن فضيلة صوم يوم عرفة مما يمكن استدراكها في غير سنة الحج بخلاف الوقوف والدعاء في عرفة فهو لا يمكن استدراكه عند عامة الناس ، فكان إحرازه أولى[11].

أدلة القول الثاني :
استدل أصحاب القول الثاني بأدلة من السنة ومن آثار الصحابة ومن المعقول :

فمن السنة :
- عن أم الفضل بنت الحارث رضي الله عنها قالت : " شك الناس يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه و سلم ، فبعثت إلى النبي صلى الله عليه و سلم بشراب فشربه "[12].
وجه الدلالة :
أن فطر النبي صلى الله عليه وسلم في يوم عرفة يدل على أن الأفضل للحاج هو فطر هذا اليوم وترك صومه ، والرسول صلى الله عليه و سلم هو أسوة للمؤمنين[13].
اعترض عليه :
بعدم تسليم أن تركه صلى الله عليه وسلم لصوم يوم عرفة أنه كان فعلا للأفضل فهو قد نص على فضيلة صوم هذا اليوم وثوابه الجليل ، ويجوز أن يكون تركه هو من باب خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم وهذا وارد ،  فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " إن كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم "[14] [15].

ومن آثار الصحابة :
- أن رجلا سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنها عن صوم يوم عرفة فقال : " حججت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يصمه ، ومع أبي بكر فلم يصمه ، ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه ، وأنا لا أصومه ولا آمرك ولا أنهاك عنه ، إن شئت فصم وإن شئت فلا تصم "[16].
وجه الاستدلال :
أن في الأثر ذكر فعل النبي صلى الله عليه و سلم وقد سبق ، وذكر فعل ثلاثة من الخلفاء الراشدين وابن عمر معهم أيضا أنهم لم يصوموا هذا اليوم أثناء حجهم ، مما يبعد استحباب صومه للحاج .
يعترض عليه :
سبق النقل عن بعض الصحابة بخلاف ذلك وأنهم كانوا يصومون يوم عرفة وهم بعرفة ، وقد تقدم أنه في حال اختلاف الصحابة فإنه يسقط الاحتجاج بهم اتفاقا ، لذا وجب المصير إلى أدلة أخرى .

ومن المعقول :
- أن الصوم يضعف الحاج ، وقد يمنعه الدعاء في هذا اليوم المعظم الذي يستجاب فيه الدعاء في ذلك الموقف الشريف الذي يقصد من كل فج عميق رجاء فضل الله فيه وإجابة دعائه به ،
 فكان تركه أفضل[17].

الترجيح :
يظهر بعد النظر في المسألة و أدلتها رجحان القول الأول القائل باستحباب صوم يوم عرفة للحاج كغيره ، إذ لم يقم ما يمنع صراحة من استحباب صوم هذا اليوم الفضيل العظيم القدر للحاج ، وتقييده بعدم الضعف حسن لمراعاة ما هو أفضل منه وهو الوقوف والدعاء في يوم عرفة ، أما أدلة القول الثاني فلم يظهر فيها دليل يصرح بعدم استحباب هذا اليوم للحاج ، والله أعلى وأعلم .

دمتم منمنمين برضوان الله ، واذكرونا بدعواتكم حجاجنا 
محمد الفودري



[1] المعجم الوسيط (2/595) .
[2]  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، مواهب الجليل شرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/401) ، الحاوي الكبير لعلي الماودري (3/472) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/58) ، المحلى لعلي بن حزم (7/17) .
[3] رواه مسلم في صحيحه (2/818) كتاب الصيام ، باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس ، رقم : 1162 .
[4] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) ، شرح فتح القدير لابن الهمام السيواسي (2/350) ، الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/344) ، المحلى لعلي بن حزم (7/17) .
[5] مواهب الجليل شرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/401) ، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني لأحمد النفراوي (2/273) ، الحاوي الكبير لعلي الماودري (3/472) ، الشرح الكبير لعبد الكريم الرافعي (6/468) ،المغني لابن قدامة المقدسي (3/58) ، الإنصاف في معرف الراجح من الخلاف لعلي المرداوي (3/344) .
[6] رواه مسلم في صحيحه (2/818) كتاب الصيام ، باب استحباب ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفة وعاشوراء والاثنين والخميس ، رقم : 1162 .
[7] المحلى لعلي بن حزم (7/18) ، وحديث النهي عن صوم يوم عرفة ضعيف كما بين ابن حزم وغيره ، انظر : المجموع شرح المهذب ليحيى النووي (6/402) .
[8] رواه مالك في الموطأ (3/550) كتاب الحج ، باب صيام يوم عرفة ، رقم :1390 ، وابن أبي شيبة في مصنفه (3/196) رقم : 13394 .
[9] رواه الطبراني في المعجم الكبير (9/43) رقم : 8350 .
[10] انظر : المحلى لعلي بن حزم (7/18) .
[11] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع لعلاء الدين الكاساني (2/79) .
[12] رواه البخاري في صحيحه (2/597) كتاب الحج ، باب صوم يوم عرفة ، رقم : 1575.
[13] الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار لابن عبد البر القرطبي (4/233) .
[14] رواه البخاري في صحيحه (1/379) أبواب التهجد ،  باب تحريض النبي صلى الله عليه و سلم على صلاة الليل والنوافل من غير إيجاب ، رقم : 1076 .
[15] المحلى لعلي بن حزم (7/18)
[16] رواه الترمذي في سننه (3/125) كتاب الصوم ، باب كراهية صوم يوم عرفة بعرفة ، رقم : 751 ، ورواه أحمد في مسنده (2/73) رقم : 5420 .
[17] مواهب الجليل شرح مختصر خليل لمحمد الحطاب (2/401) ، المغني لابن قدامة المقدسي (3/58) .

اعتبار حول السنة الميلادية بدلا من السنة الهجرية في إخراج الزكاة

ما يلي جزء من أطروحتي الماجستير أنشره تيسيرا للباحثين
لقراءة الرسالة كاملة من هنا





ما القصة  ؟

المبحث الصغير يلفت النظر إلى أهمية مراجعة النسبة المقترحة للزكاة في حالة إخراج الزكاة وفقا للسنة الميلادية ، فالنسبة المنتشرة لم تأخذ بعين الاعتبار أن السنة الهجرية أيضا قد تكون كبيسة أو عادية ولهذا أثره  بعض الشيء خاصة في الحسابات الضخمة ( مش العيال الغلبانة زينا :) ) ، لذا فهنا بعض الاقتراحات والتوضيح .


# اعتبار حول السنة الميلادية بدلا من السنة الهجرية واقتراح نسبة 2,577% :

حولان الحول هو شرط في جملة من أنواع الزكاة ، والأصل في اعتبار الحول هو السنة الهجرية القمرية لا الميلادية الشمسية ، غير أنه قد يشق على الشركات اعتماد الحول الهجري وذلك بسبب ربط ميزانيتها بالتقويم الميلادي ، فهنا اقترح بعض المعاصرين زيادة نسبة الزكاة من 2,5% إلى 2,577%  مراعاة للفارق بين أيام السنتين الميلادية والهجرية والذي هو 11 يوما وتيسيرا على الناس[1].

ملاحظة على النسبة المقترحة :

يلاحظ أن النسبة لم تأخذ بعين الاعتبار النظر إلى مسألة السنوات الهجرية والميلادية العادية و الكبيسة ، فإن النسبة هنا ستتأثر فكل من التقويمين الميلادي والهجري له سنواته الكبيسة والعادية .
أما زيادة السنة الهجرية وتمامها فليس مؤثرا في النسبة إذ لم يظهر ما يفيد التفرقة بين سنواتها العادية والكبيسة ، أما زيادة السنة الميلادية وتمامها فهو أمر مؤثر في المسألة إذ سيكون الفارق بينها وبين السنة الهجرية العادية 12 يوما ، وبالتأكيد فإنه لو توافقت سنة ميلادية كبيسة مع سنة هجرية كبيسة فإن الفرق سيكون كما هو مع السنوات العادية 11 يوما ، كما أنه لو توافقت سنة ميلادية عادية مع هجرية كبيسة فإن الفرق سيكون 10 أيام .

إذن إن كان الفرق هو 11 يوما فإن نسبة الزكاة تكون 2,577% كما تقدم .

أما إن كان الفرق هو 12 يوما فإن نسبة الزكاة تكون :

366 ÷ 354 × 2,5% = 2,584 %

أما إن كان الفرق 10 أيام – إن وافقت السنة الميلادية العادية سنة هجرية كبيسة - فإن نسبة الزكاة تكون :

365 ÷ 355 × 2,5 % = 2,57 %

وتتغير النسبة نقصا وزيادة  بحسب ظروف تقدم الزكاة أو تأخرها عن الحول الهجري ، والله تعالى أعلى وأعلم .

دمتم منمنمين زكاة وطهرا
محمد الفودري





[1] أبحاث وأعمال الندوة الأولى لقضايا الزكاة المعاصرة  ص 402 ، التوقيت الحولي في الزكاة لعبد السلام الشويعر ص 19 وما بعدها ، دليل الإرشادات لحساب زكاة الشركات الصادر عن بيت الزكاة ص 33 .